أحببته…وأحببت الحياة لأجله…فصار لي أبا وابنا ورفيق درب…سكن الحنايا وتمكن من لب القلب…سري في دمائي…وتشابكت معه كل شراييني…أعلنت حبي للجميع…ماخجلت…ما وهنت…ما تراجعت لحظة…خمسة أعوام وأنا أحيا في فردوس من السعادة…نتعب ونشقي…نجمع كل ما نجنيه من عملنا سويا نتلاقي ونفترق…نتحابب ونتعارك…نمسك بالأيام والآمال كي لا تفر منا وسط أمواج الحياة…وصراعها…
لم تبارك أسرتي ذاك الحب رآه الجميع انتهازيا يتسلق من أجل زيجة مرفهة وأرث مضمون لزوجته بعد حياة والديها…لم نطلب منهما شيئا سوي الموافقة علي زواجنا…ورحنا نعمل بأقصي طاقتنا حتي نتمكن من استئجار مسكن يضمنا…وتزوجنا ومرت السنة الأولي سعيدة لم نشعر بالمعاناة أبدا رغم ضيق ذات اليد…قررنا تأجيل مشروع الإنجاب حتي تتحسن ظروفنا…وبعد مرور عام ونصف العام تصارع أبي مع المرض اللعين سرطان الدم إلي أن لفظ أنفاسه الأخيرة رافضا زيارتي له ورفض أخي حضوري مراسم الدفن…بعد فترة سألت أمي عن الإرث فأبلغتني بالمفاجأة.
باع أبي كل ما يملك لصالح أخي بعقود شراء وبيع رسمية مسجلة وأوصاه الخير بأمي كما أوصاه ألا أنال شيئا منه…ما هذا الجبروت الذي أذهل بنوتي؟…ما هذه القسوة التي اخترقتني فأطلقت سحابة أحزان كثيفة في حياتي ومرارة لم يكن منبعها حرماني من الميراث وإنما منبعها قسوته حيا وميتا…أبي استكثر علي حتي الذكري الطيبة بعد رحيله أما زوجي فلم يكن مصدوما…بل حاول التخفيف عني كثيرا موضحا لي أن ما حدث كان أمرا متوقعا منذ البداية.
استمرت علاقتي بوالدتي طيبة, أما أخي فسار علي نهج أبي ورفض حتي الود الأخوي بعيدا عن خلاف الإرث رغم علمه الكامل بظروفي المادية وتأجيل حملي لهذه الظروف…وضحيت عامين آخرين بأن أكون أما…وأسكت نداءات الأمومة في كياني..واستسلمت للحياة كما هي رغم مرارتها..فهل أخطأت عندما تحديت أسرتي وارتبطت بمن ملك قلبي؟ لا أعتقد أنني أخطأت إذ استخدمت أبسط حقوقي في الحياة وهو اختيار شريكي فيها.
قبل أن ينقضي العام الثاني من مهلة تأجيل أمومتي رحلت أمي عن الحياة…لينقطع آخر خيط لي بعائلتي…مرت الأيام ثقيلة جدا لكنها علي كل الأحوال مرت…ورزقني الله بابن وابنة بالكاد استطعنا أن نوفر لهما مصروفات المأكل والملبس والعلاج, وتوالت الكوارث بعدها في حياتي إذا اكتشفنا إصابة زوجي بالفشل الكلوي في حالة متأخرة جدا…تأرجحنا بين المستشفيات ومتاهات التأمين الصحي…وسامحيني يا سيدتي إن لم أستطع ذكر هوية عملنا حفاظا علي ما تبقي من كرامة لي…أنفقنا كل ما لدينا حتي ساعات أيدينا بعناها…تسولنا من الأصدقاء لكن المعطي مرة لا يكررها فلكل شخص ظروفه…وتضاءلت الآمال في شفائه أو حتي استمراره بشكل يسمح له بالعمل البسيط…وتلت الإجازات إجازات…كسا الحزن نفسه وأحاله إلي كائن كسير…لم يكن مرضه هو الشئ الوحيد الذي يدمي قلبي…وإنما انكساره تحت مذلة المرض وانهيار الأمل في عينيه.
وحانت بعد سنة فقط من عذابه لحظة الفراق…مات حبيبي…لم أشعر باليتم أبدا إلا حينما مات زوجي…لم أطلق للسماء صرخاتي إلا حينما ذهب حبيبي حاملا قلبي في كفنه…نزفت وجداني وآمالي وأماني خلف نعشه…ولم زعرف علي أي مصيبة أبكي…هل أبكي علي فراق حبي…أم أبكي علي يتم طفلين لم يتعد سنهما الرابعة والسادسة من العمر؟…وإلي متي يمتد بكائي فالمشوار مازال طويلا وأنا أضعف من حمله.
لم تنته مأساتي بوفاة زوجي لكنها بدأت..أصابني المرض الخبيث في الغدة الدرقية…وتلقيت علاجا كيماويا وإشعاعيا…وشفيت تماما…ثم عاد ليهاجمني بمنتهي الشراسة مرة أخري بعد أشهر قلائل…أهملت أبنائي لم تعد لي صحة للعمل ولا للرعاية….تركت عملي فلم أكن علي قوة تأمينات جهة بعينها…وزوجي كان شابا ومعاشه لم يتعد 300جنيه, عشت علي إعانات المعارف والأصدقاء بعلم أخي الذي تحجرت مشاعره وتجمدت أواصر الدم في عروقه فبخل حتي بالسؤال عن ابني…وأيقنت أنه لا ملاذ لي إلا الله وأنتم…أعلم أنني راحلة لا مفر طال الوقت أو قصر..لكن من سيتولي هذين الصغيرين بعدي من سيؤمن مستقبلهما فلا ينامان فوق الأرصفة وفي طرقات الملاجئ…من سيحمل أحزانهما وآلامهما ويسد جوعهما ويطرح لهما النصيحة الخالصة.
إني أخشي الموت…نعم أخشاه لأجل هذين الصغيرين..ابني يطلب مني كوب لبن ولا أستطيع أن أشتريه له بينما يحيا خاله في أفخم عمارات المهندسين يشبع أولاده مما لذ وطاب…قلبي يعتصر وحريق في صدري يثور والعجز يكبل أوصالي…أين العدل يا سيدتي في هذه الدنيا؟ هل من العدل أن أمضي ما تبقي لي من عمر أصارع المرض وأصارع عجزي في أن أسد جوع فلذتي كبدي…أليس من حقي أن أسعدهما بالقليل قبل أن أرحل عن هذه الحياة تاركة لهما مصيرا مجهولا؟؟اختلط العدل بالظلم أمام عيني وما عدت أري سوي شموس سوداء تطل علي حاضر ومستقبل ابني.
رد المحررة:
حتي الشموس السوداء تظل شموسا أيتها الجريحة نحن فقط من نراها سوداء أو نراها مضيئة…ونحن فقط من نراها حارقة أو مصدرا للدفء…لن أقول لك إن الدنيا تتلون باللون الوردي…أو أن المستقبل مفروش بمن يحمل مثل هذا الحمل الثقيل الذي ينوء به حتي أقرب الناس…لكنني فقط أقول لك أن فقدنا الثقة في عدل الله فقدنا كل ما لنا…لا تطلبي فهم العدل الإلهي إنه البحر وفهمنا محدود جدا أمامه…أو يمكنك أن تنقلي مياهه في سلة صغيرة؟!
كل ما أصابك في حياتك يدعو للحزن…للسخط…للضيق…للتساؤل:لماذا يارب؟…عزيزتي لن تجدي إجابة شافية علي تساؤلك…فكثيرون قبلك احتاروا لكنهم في النهاية أبصروا عمل الله في حياتهم فلا تطلبي التفسير بل اطلبي منه التدبير…وأنا علي يقين أنه سيوجد لك حلا ولطفليك سيرتب مستقبلا…تحلي بالأمل وتمسكي بالحياة واخلعي عنك الكفن الذي البستي نفسك به قبل موعده…ولتعيشي اليوم وتسعدي ابنيك قدر استطاعتك ونحن إلي جوارك…واتركي الغد لصاحب الغد.
وأخيرا…ورغم ما أستشعره من وجع في كلماتي التالية إلا أن الواجب يحتم علي أن أقولها..فيا سيدتي كلنا ذاهبون ولا أحد منا يعلم موعده…فلا تحزني إن تعجلت الأقدار ساعتك…وجعلتك في موقف المنتظر لحين قدومها…وعليك أن تتركي لنا كل بيانات ولديك…وتتركي لهما أرقام هواتفنا أيضا…فإن لم يقدر الله لك أن تستكملي رعايتهما فتأكدي أنهما بين أياد أمينة…وثقي أن أسرتك منذ الآن موضع اهتمام آلاف ممن وقعت أعينهم علي أحرفك الحزينة.
نداء عاجل
رجل ورب أسرة…عاني كثيرا في حياته…فقد بصره بالعين اليمني منذ عام ولم يتبق سوي أمله في البصر بالعين اليسري…يحتاج زراعة قرنية علي وجه السرعة وإلا فقد هذا الأمل للأبد…الجراحة تكلفتها 16ألف جنيه…فهل نتمكن من منحه تلك الفرصة قبل فوات الأوان؟
================
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
1000 جنيه كامل موسي سريال وحرمه
500 جنيه من يدك وأعطيناك
500 جنيه فاعل خير
250 جنيها أبانوب وماري وجورج
500 جنيه من عطايا الرب
1000 جنيه منك وإليك
200 جنيه فاعل خير
1700 جنيه من يدك وأعطيناك
400 جنيه فادي
1000 جنيه كارمن وأدمون بالنمسا
300 جنيه أ.س
1550 جنيها فاعل خير
1000 جنيه علي روح المتنيح القمص حزقيال يعقوب
1000 جنيه علي روح المرحوم أدور يعقوب
100 دولار أمريكي من أولاد العذراء
700 جنيه من عطايا الرب
4000 أ. أ.ب بالإسكندرية
3000 جنيه فاعل خير
500 جنيه من عطايا الرب
500 جنيه فاعل خير
100 جنيه فاعلة خير
2000 جنيه فاعلة خير
2000 جنيه فاعلة خير