انتهي الزمن الذي كان الزواج سهلا.وتأسيس بيت غير مكلف.والأماني والأحلام متواضعة والاكتفاء بأقل القليل.السكن متوفر وبإيجارات متواضعة.والقناعة كنز لا يفني.. الفتاة العروس تهتم بالرجل الذي سوف يكون زوجها ورجلها وحاميها ومسعدها ترضي بأن تتعاون معه.ولايهم أن يكون البيت مكتملا بكل شئ.يمكن أن تكون البداية متواضعة واستكمال الباقي واحدة واحدة.وتسعد الزوجة ويسعد الزوج بكل قطعة من الأثاث تدخل البيت وتضاف إلي المجموعة.وعندما يمكن شراء غسالة كان يتم الاحتفال بذلك والفرحة الكبري بالقدرة علي اقتناء الثلاجة.أما التليفزيون الذي بدأ بثه في بداية الستينيات فقد كان اقتناؤه مؤجلا إلي أن يتيسر الثمن.وكانت الأسرة التي تشتري جهاز تليفزيون ملونا تتباهي به علي الآخرين.وبعد سنوات عديدة يمكن أن يتم تجديد حجرة الضيوف.وكانت الزوجة راضية في كنف زوجها.وكانت البيوت عمرانة..ولا يثور خلاف أو شقاق إلا لأسباب جوهرية ومؤثرة.وكانت الأسرة تعني بتربية أولادها تربية سليمة مبنية علي احترام الوالدين والكبار والمدرس والمدرسة.
الآن كل ذلك ذهب إلي غير رجعة, زادت التطلعات والأماني والأحلام وأصبح الزواج أمرا صعبا ومهمة شاقة عسيرة بدايتها وجود سكن في مكان مميز ولا تقبل عروس أن تسكن مع أسرة الزوج.. هي تريد مملكة خاصة تجول فيها وتصول.تطلعاتها لاحد ولا سقف لها فهي محتاجة إلي شبكة من السولتير ومهر بآلاف الجنيهات, يكفي لتأثيث المسكن بكل ما يلزم من الأساسيات والكماليات التي يراها البعض كماليات بينما هي تري أنها قطع أساسية ولازمة ولا يكتمل بيتها إلا بها.وأن تكون هذه الكماليات من أفخم النوعيات ومعها بالطبع السيارة الفاخرة التي لا تخجل من ركوبها.ولا مانع أن يكون هناك شاليه أو مسكن علي البحر لزوم قضاء شهور الصيف.والاشتراك في ناد فخم وضخم وله اسم رنان.ولا يهم إمكانيات العريس المتقدم للعروس.فإذا كان لا يستطيع فلن تقبل العروس.إنها تريد أن تعيش حياتها.تريد أن تشعر برخاء العيش ونعومة الحياة وهي لا تريد أن تكون أقل من ابنة خالتها أو ابنة عمها أو صديقة عمرها أو زميلة دراستها.وكيف يمكن أن تتحمل أن تزورها واحدة منهن فتجد شيئا ناقصا في بيتها,أو أقل شياكة وجمالا عن بيت زائرتها. وهذه الأسباب بالذات,وهذه النعرات هي التي تشارك في تأخر الزواج والتعرض للعنوسة.فعدد ضخم من الفتيات خاصة اللواتي لديهن دخل سواء من عمل أو ميراث يرفضن الزواج إلا من زوج سوف يضيف إلي حياتهن متعة أفضل وحياة أسعد.ونسمع علي إلسنتهم إذا لم يضف الزواج لي مكانة أفضل وحياة أرغد فليس هناك ما يدعوني لأن أوافق عليه.
وكثير من البيوت الموجودة بالفعل والأسر التي تأسست بالفعل تقوم الزوجة بدور المصدومة التي لم تحقق كل ما كانت تتمناه والتي تسعي بعد سنوات من الزواج إلي إعادة النظر في ما يحتويه بيتها.إنها تريد كذا وكذا وكذا.وينقص بيتها الكثير من التنسيق والقطع الفاخرة وأجهزة إعداد الطعام الحديثة.وماذا سوف يكون موقفها إذا زارتها قريبة غنية أو صديقة موثرة,وشاهدت أثاث بيتها المتواضع وخلو بيتها من بعض الأجهزة الحديثة.كيف يكون موقفها وهي تداري وجهها خجلا من ذلك وتحمل الزوج فوق طاقته وتطالبه كل يوم بشئ جديد.وتلح وتغضب إذا لم يلب لها طلباتها التي لا تنتهي.وتبدأ الخلافات وتشتعل المعارك ويهرب الهدوء والسلام من البيت .وتخرب البيوت التي كانت من المفرض أن تكون عامرة وناجحة ومستقرة.
وعلي الجانب الآخر هناك الشباب الذي أنهي دراسته ولم يوفق إلي العمل واستحال عليه أن يوفر سكنا مناسبا مع ارتفاع الأسعار واشتعالها وعجزه عن تلبية كل المطالب المغالي فيها وتأجيله فكرة الزواج أو الغائها كلية أو اللجوء إلي طرق غير مستقيمة واللجوء إلي الزواج العرفي أو الهروب من بلده واللجوء إلي الهجرة إلي المجهول أو الموت.هذه هي المعادلة الصعبة التي تسير في طريق مسدود بلا انفراج أو بصيص أمل في ظروف أفضل.