في ظل التقدم الذي يلاحق كل شيء حولنا أصبحت الرياضة أيضا مطالبة بمواكبة هذا التقدم, وحيث إن أساس الرياضة هو المنافسة بين الفرق هي أيضا منافسة بين الدول وهناك دول أثبتت جدارتها وصدارتها في بعض الألعاب الرياضية بحيث لا يقف أمامها أي شريك آخر, والسؤال هنا أين تقف الرياضة المصرية بين الرياضة العالمية؟ وما أسباب تقدم الرياضة في الدول الرياضية الكبري مثل إسبانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا؟ وما الذي يجب أن تفعله الدولة والاتحادات والأندية من أجل النهوض بالرياضة المصرية لمواكبة الرياضة العالمية؟ هذا ما نحاول مناقشته من خلال هذا التحقيق.
يقول عمرو السعيد رئيس الاتحاد المصري للجمباز إننا في مصر نفتقد الكثير الذي يؤهلنا لمواكبة الرياضة العالمية مؤكدا أن الرياضة المصرية ليس لها قاعدة ولا يوجد لها نظام محدد ولا تخطيط صحيح وفي الوقت الذي أصبحت الرياضة بجميع ألعابها تخضع لعلم له أصوله وقواعده نجد في مصر لا أحد يسعي لدراسة أي لعبة لمعرفة أدق تكنيك لها .
وأضاف أن الجمباز لا يلعبه في مصر سوي ألف ومائتين لاعب فقط من جميع الأعمار لكننا نجد في فرنسا هناك ثلاثة مليون لاعب جمباز تهتم بهم الحكومة وكل جهات البلد وفي الوقت التي ترصد فيه الحكومة الفرنسية 17 مليون يورو للعبة الجمباز فقط نحن لا نرصد لهذه اللعبة سوي أقل من 100 ألف يورو.
ويري الكابتن عمرو أن المجلس القومي للرياضة عليه أن يقوم بالتركيز علي الألعاب التي يجد أن أبناءنا متميزون فيها ويحققون المراكز الأولي عالميا بها وتولي لها الاهتمام وتعطي للاعبيها الفرص الكاملة والرعاية والتخطيط السليم حتي نضمن حصاد الميداليات سواء العالمية أو الأفريقية أو العربية لكن توزيع الاهتمام علي جميع الألعاب والتشتيت بينهم لا يخلق بطولات ولا مراكز عالمية.
يختلف الكابتن محمد السيد مدرب ألعاب القوي مع هذا الرأي ويري أن مصر بها أبطال عالميين وغير صحيح أن الرياضة المصرية غير مواكبة للرياضة العالمية فلدينا أبطال في الاسكواش مثل الكابتن رامي عاشور المصنف الثاني علي مستوي العالم ويليه اللاعب عمرو شبانة المصنف الثالث ويأتي في المرتبة الرابعة عالميا كريم درويش كما يوجد أبطال في ألعاب القوي مثل اللاعب علاء العشري الحاصل علي الميدالية البرونزية في بطولة العالم لألعاب القوي وفي الكاراتيه اللاعبة سارة عاصم والتي حصلت علي بطولة أفريقيا الأسبوع الماضي وتحتل المركز الثالث عالميا وفي لعبة الخماسي الحديث نجد اللاعبة آية مدني وغيرهم الكثير حاصليين علي مراكز متقدمة عالميا.
ويؤكد الكابتن محمد أن المشكلة تكمن في الاستمرارية في هذا التفوق خاصة مع عدم وجود ثقافة رياضية ووجود بعض العادات والتقاليد التي تعوق هذا الاستمرار مثل الدراسة وضرورة التفرغ لها وأيضا التغذية وأسلوب المعيشة الخاطئ مثل عادات النوم والسهر وعدم الحصول علي الراحة الكافية كل هذا يؤثر علي لياقة اللاعب ويخفض من مستواه إلي أن يفقده ترتيبه العالمي دون أن يحصد مراكز أخري.
ويضيف كابتن محمد أن كل اللاعبين في مصر يعتمدون علي المجهودات الفردية وسعي الأهالي نحو صناعة بطل عالمي من أبناؤهم في حين تفتقد الاتحادات بعض العوامل المهمة التي تصنع من اللاعب بطلا عالميا مثل الاهتمام بالناحية النفسية للاعب فالاتحاد مثلا لا يوفر إخصائي نفسي يعالج الجوانب النفسية التي قد تؤثر علي لاعب متميز جدا ولكنه يخشي مواجهة البطولات العالمية مثلا رغم أدائه العالي ومستواه الرفيع. ويرجع كابتن محمد تقدم الرياضة في الدول الرياضية الكبري مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا وأمريكا إلي وجود ثقافة رياضية للشعب ككل وإيمانهم بدور الرياضة في المجتمع, لذا يجب علي وسائل الإعلام الحكومية أن تنشأ قناة علي الأقل تعرض من خلالها الألعاب المختلفة وتعمل علي تثقيف الشعب بكيفية صناعة بطل عالمي من لحظة اكتشاف موهبته مرورا بمراحل تأهيله وتسليط الضوء علي هؤلاء الأبطال ليكونوا دفعة قوية لأجيال جديدة وهكذا.
أما إسراء السنهوري رئيسة الاتحاد المصري للتنس فتري أننا مازلنا في منتصف طريق العالمية وأن هناك عوامل عديدة تقف أمام عالمية الرياضة المصرية أبرزها عامل الدراسة فعلي الرغم من وجود مدارس أوربية وأمريكية ودراسة عبر الإنترنت إلا أنه مازال هناك أسر تخشي فشل أبنائها دراسيا علي حساب الرياضة رغم وجود أهالي علي الجانب الآخر من الجيل الجديد يقفون بجانب أبنائهم ويبحثون لهم عن بدائل حتي لا تأتي الدراسة عائقا أمام مستواهم الرياضي, وعامل آخر هو عدم الاحتكاك باللاعبين العالميين بشكل كبير من خلال الاشتراك في البطولات العالمية والاشتراك في المعسكرات الدولية كل هذا يؤثر علي البطل العالمي.
وتجد إسراء السنهوري أنه في الفترة الأخيرة عقدت عدة اجتماعات بين اللجنة الأوليمبية والمجلس القومي للرياضة تقوم علي فكرة التخطيط لمستقبل اللاعبين ووضع برامج صحيحة تشمل تخطيط فني وتخطيط مالي إذا تم تنفيذه سوف ندخل في مستويات أخري للرياضة المصرية.
أما الكابتن تامر طاحون المدير الفني للسلاح بنادي الجزيرة ومدرب المنتخب القومي فيقول إننا أبطال أفريقيا والعرب وحققنا مراكز في ألعاب مختلفة ولكننا نحتاج إلي تغيير الفكر الاجتماعي للتركيز علي لاعبين أبطال أي أنه في الوقت الذي يكون اللاعب قد وصل إلي مستوي متقدم يريده أهله والمجتمع أن يركز في تعليمه فيترك هذا ليركز في ذاك هذا بالإضافة إلي افتقاده لموارد ثابتة – ماديا – حتي يخرج عن الدعم الحكومي الضئيل ويجد شركات ترعاه رياضيا.
ويري كابتن تامر أن كل بلد لها ثقافتها فالدول الأوربية تسمح بدعم مالي كبير للاعبين وتقدم لهم مزايا تجعلهم متفرغين تماما للرياضة مثل الإعفاء من الالتحاق بالعمل العسكري هذا بجانب وجود رعاة وشركات ترعاهم أيضا وتسمح هذه الدول بدخول لاعبيها معسكرات متعددة في بلاد مختلفة طوال العام وإلحاق اللاعبين بمراكز صحية مجهزة علي أعلي مستوي تؤهلهم بطريقة جيدة كل هذا يصنع لاعبا عالميا متفوقا ومتميزا.
أما في أمريكا فنجد أن الحكومة لا تصرف علي الرياضة بل الأهالي هم من يقومون بتأهيل أبنائهم ولكن المتفوق رياضيا يأخذ دعم كامل للدراسة وهذا تشجيع للاعب بشكل آخر, لذا نحن نتمني أن يكون هناك اهتمام من جانب الحكومة ومن جانب رجال الأعمال والشركات وبدل من أن تأخذ الدولة ضرائب رجال الأعمال تدفعهم لتبني لاعب أو أكثر رياضيا.