أوضحت دراسة أعدها مركز الدراسات الاشتراكية – مصر بعنوان أمريكا والإخوان بين شد وجذب أنه قبل أحداث 11 سبتمبر كان الاتجاه الغالب داخل الإدارة الأمريكية هو الإبقاء علي نوع من الاتصال مع الحركات الإسلامية, وتم عقد العديد من اللقاءات مع قيادات إخوان لاستيضاح موقف الإخوان حول عدد من القضايا الخارجية والداخلية منها: الموقف من الأقباط والحريات السياسية واتفاق السلام مع إسرائيل.
غير أن رؤية الأمريكيين للحركات الإسلامية تغيرت بشكل جزري بعد أحداث سبتمبر وأصبح التصور الغالب هو وضع الحركات الإسلامية المعتدلة منها والراديكالية في سلة واحدة, ومن ثم قامت الإدارة الأمريكية بتجميد أصول بنك التقوي ومركزه إيطاليا ومديره يوسف ندا أحد الأعضاء البارزين في الإخوان, وإزاء الغزو الأمريكي لأفغانستان نظم الإخوان مظاهرات حاشدة ضد أمريكا, تلاها حملة اعتقالات واعتقد الإخوان أنها تمت برضا أمريكي, وعقب الغزو الأمريكي للعراق وفي ظل المقاومة المتصاعدة التي لقيتها القوات الأمريكية هناك برز اتجاه مؤثر داخل الإدارة الأمريكية يدفع في اتجاه الإصلاح السياسي في العالم العربي, باعتبار أن النظم المستبدة هي التي تقوم بتفريخ الإرهابيين, وكان علي رأس هذه النظم مصر التي حظيت في تلك الفترة بالكثير من اقتصادات المسئولين الأمريكيين, وكان طبيعيا أن تسعي أمريكا للحوار مع قوي المعارضة ومنها الإخوان, التي تمثل تحديا جديا للنظام.
وحول إعلان واشنطن مؤخرا إجراء حوار مع جماعة الإخوان قال د. نبيل زكي المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع وأمين اللجنة السياسية إن هذا ليس أول اتصال من الأمريكان والإخوان, كما أن المصالح الخاصة هو المحدد للتحركات الأمريكية.
وقال إنه منذ بداية الحرب العالمية الثانية حتي الآن تدعم الولايات المتحدة العدو التاريخي لمصر وهو إسرائيل, حتي أن الرئيس أوباما أعلن صراحة أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا إزاء إسرائيل, ولم يستطع وقف الاستيطان ويرفض أن يتوجه الفلسطينيون إلي الأمم المتحدة ليحصلوا علي قرار بإقامة دولة فلسطينية, وأول ما تهدف إليه أمريكا في اتصالاتها الخارجية مع أن قوي سياسية أو دينية هو ضمان حماية التوسع الإسرائيلي في الأراضي العربية.
أشار إلي أن أمريكا علي عكس ما يقال فهي لا ترحب بوجود ديموقراطي حقيقي في مصر, فمن الأسهل بالنسبة للإدارة الأمريكية إما ديكتاتور أو سلطة دينية تستطيع أن تقنع الشعب بأي فكرة أو سياسة تحت شعارات دينية, وثبت ذلك في كل علاقات أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية, وما يهم الولايات المتحدة ضمان أن المخطط الأمريكي يحقق نجاحا, إما من خلال حكم الفرد المطلق علي طريقة حكام ما بعد الانقلابات العسكرية, ويتحقق مع جماعة تتحدث باسم الدين فتخدع باسم الدين, فيسهل علي أمريكا أن تنفذ سياساتها أو استراتيجيتها.
الإعلام خدم الجماعة!
انتقد د. نبيل زكي وصف جماعة الإخوان أنها كانت مظلومة أو مقهورة, فقد خدم نظامي السادات ومبارك هذه الجماعة في الإعلام ومناهج التعليم والخطاب الديني في إطار التطرف الديني الذي ترتضيه الجماعة, وكون أن هذه النظم كانت توجه ضربات بين الحين والآخر للجماعة, فهذا لا يعدو كونها زغزغة لأنه لم يقض علي البنية الأساسية للإخوان ويحاول الحد من نشاطهم وتحجيمه في الحدود الذي تقبلها حتي أن وسائل الإعلام كانت تسفر من كلمة محظورة وطموح الإخوان الاستيلاء علي السلطة, وهذا لا يتم إلا بإبعاد القوي السياسية عن الساحة, ولا نري سوي تضارب في التصريحات حتي أن شعارهم بأنهم يريدون دولة مدنية صحيحة.
وهناك تحايل علي قانون الأحزاب الذي يرفض إقامة أي حزب علي أساس ديني, لكنهم يقولون إنه حزب ذي مرجعية دينية, ولا خلاف بين دولة دينية ومن دولة ذات مرجعية دينية, كما أن الجماعة تحارب بشدة فكرة الدستور أولا لأن مبدأ الجماعة يقوم علي أن القرآن دستورنا.
قوات الوفد والإخوان
من جانبه أشار بهاء الدين بدر عبدالرحيم النائب الأول لرئيس حزب الوفد أن حوارات أمريكا مع الإخوان مستمرة حتي قبل أحداث 25 يناير, ويفكر المسئولون في الإدارة الأمريكية في التواصل مع هذه القوي حتي عندما تصل للحكم يستمر التحاور ولا توجه مقاطعة, كما حدث في إيران عندما وصل الحكم الديني هناك حدثت مقاطعة منذ اليوم الأول.
وذكر أن الوفد والإخوان قوتان موجودتان علي الساحة, ومن الغباء أن نكون مثل النعامة التي تضع رأسها في الرمل, وتعتقد أن أحدا لا يراها.
وقال إن هناك فارقا بين الإخوان كجماعة دعوية تقوم بمهام دينية, وبين الحزب المنبثق منها الحرية والعدالة وهو حزب أقيم وفق الإعلان الدستوري أنه لا يجوز إقامة أحزاب علي أساس ديني فأقيم حزبا مدنيا يعترف بحق المواطنة, وأشار إلي سعي حزبي الوفد والحرية والعدالة لتكوين ائتلاف قومي يضم كافة القوي السياسية يهدف منع انتشار فصيل سياسي بالمقاعد النيابية وتكون الحكومة المقبلة ائتلافية هدفها المصلحة القومية, وهذا بدأ بالاتفاق علي إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية.
وأشار إلي ترحيبه بحوار الإخوان مع أمريكا مادامت الحوارات في مصلحة الوطن وتتم في النور, ويرفض عقد الحوارات في الظلام وتكون هناك سرية في نتائجها.
الأحزاب.. ومصالحها!
أكد ممدوح قناوي رئيس الحزب الاجتماعي الدستوري الحر أنه منذ أحداث 25 يناير اطمئن الإخوان أنهم يملكون الشارع, خاصة بعد اكتسابهم تواجد شرعي وتكوين حزب سياسي, والأمريكان لا يستطيعون إقصاء أي فصيل سياسي, وهذا لا يعني أنهم يرحبون بحكم الإخوان لمصر, وقد يكون الظاهر أن هناك تفاهما بين الأمريكان والإخوان, لكن كل طرف يبحث عن مصلحته.
انتقد قناوي جماعة الإخوان وقال إنهم أساءوا إلي أنفسهم, خاصة عندما حولوا الاستفتاء الذي تم في مارس 2011 إلي حرب دينية, كما أنهم يسيئون لنفسهم لتمسكهم بإجراء الانتخابات أولا.
العلاقة مترابطة بين الطرفين!
أوضح د. نبيل عبدالفتاح رئيس مركز الأهرام للتاريخ أن هناك علاقات مترابطة بين الولايات المتحدة وجماعات الإسلام السياسي بين الإخوان والسلفيين في محاولة للحوار حول بعض القضايا مثل وضع المسيحيين والتوترات والمشكلات الطائفية, وغيرها كنتيجة لتحالفات تلت ثورة 25 يناير من الجماعة والسلفيين.
وذكر أن الولايات المتحدة تعلم أن الجماعة هي الأكثر تنظيما وتمويلا وقدرة علي التعبئة السياسية خلال هذه الفترة, وتعلم أنها جماعة ليست مصرية بل لديها أذرع في العالم العربي والإسلامي منها ليبيا واليمن وسورية التي تشهد انتفاضات شعبية غير مكتملة.
وأكد أن أمريكا تريد فك الغموض الموجود لدي أجهزة الاستخبارات حول وضع التيارات الإسلامية ودورها في الثورات العربية, كما أن أمريكا لا تترك التدابير للحظات وغير عادية.
الحوار.. والجماعة!
من جانبه أشار د. عماد جاد خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إلي أهمية الحوار بالنسبة للجماعة وضرره علي باقي الفصائل السياسية, حيث إن الجماعة كانت تشكك في وطنية أية جهة تطلب أو تجري حوارا مع أمريكا, أما اليوم فهي توافق وترحب بالحوار مع أمريكا بغرض إزالة شكوك المجتمع الدولي نحوها وبالتالي قبولها دوليا, وقال إن الحوار يضر بباقي الفصائل السياسية لأنه يزيد وزن الجماعة وإعطاء مزيد من الشرعية علي دورها وزيادة قبول الشارع لها.
طالب د. عماد جاد أن يكون الحوار علنيا وشفافا ويصدر عن الاجتماعات واللقاءات بيانات توضح نتائج الحوار والموضوعات التي تطرف لها الحوار.