قبل التعديلات الدستورية الأخيرة حضرت من واشنطن إلي القاهرة خصيصا للمشاركة في النقاش الوطني حول هذا الموضوع المهم والحيوي والذي لا يتكرر كثيرا, وكان مايشغلني أمرين الأول هو التأكيد في الدستور علي مدنية الدولة بما يعني حذف المادة الثانية من الدستور أو تعديلها بشكل يجعل منها رمزية وليست ملزمة للمشرع للرجوع إليها ,وقد شاركت مع حملة مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لتعديل هذه المادة وجمعنا أكثر من مائتي توقيع من كبار مثقفي مصر ومفكريها وتولي منتدي الشرق الأوسط للحريات تكاليف نشر هذا البيان المهم بكامل أسمائه كإعلان في جريدتي وطني والأهالي. والأمر الثاني الذي كان يشغلني هو وضع آلية للتمييز الإيجابي لكل من الأقباط والمرأة , وقدمت بحثا عن هذا الموضوع في مركز القاهرة أيضا وأرسلته إلي بعض أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان وإلي كل من يهمه الأمر في مصر لفتح حوار مجتمعي حوله . وقد أسعدني فتح الحوار مرة أخري حول التمييز الإيجابي في مصر بين زملائنا في (مصريون ضد التمييز الديني) وهو نقاش ثري ووطني وينطلق من نوايا طيبة نحو البحث عن حل لهذا التمييز السلبي الذي يقع علي الأقـبــــــاط والمرأة في مصر , ولكن يبدو أن بعض زملائنا لم يقرأوا جيدا ماجاء في بحثي الذي أرسلته لهم ولهذا وجب علي أن أوضح عددا من الملاحظات حول هذا الموضوع .
أولا : يخلط البعض بين المبدأ والآليات , فالمبدأ هو تحقيق العدالة السياسية أو ما كان يسميها د. محمود عزمي ” كمال التمثيل القومي ” بإدماج كافة الجماعات الوطنية في كافة المناصب السياسية وفي التمثيل البرلماني, المهم الوصول إلي تحقيق المبدأ علي أرض الواقع لتحقيق ولتوسيع مفهوم المساواة الحقيقية عمليا . وقد طرحت في بحثي ثلاث عشرة آلية مختلفة أخذت بها المجتمعات الديموقراطية لإدماج الفئات المهمشة سياسيا ,ومن ضمن ماطرحت آلية القوائم النسبية , وهي واحدة ضمن بدائل عديدة. قد يقول البعض إنه يرفض الكوتة ويتحمس البعض الآخـــــر لها … ولكن في النهاية هو خلاف علي الآلية وليس علي المبدأ وإذا خلصت النوايا فيمكن الاختيار بين العديد من الآليات وفتح حوار حول ماهو أنسب لكل مجتمع بحيث يمكن تطبيقه بسلاسة علي أرض الواقع.
يختلف البعض أيضا علي التسمية وهذا أيضا جدل جانبي لاينطوي علي إخلال بالمبدأ, ففي أمريكا يسمونها ” إجراءات الفعل التوكيدي ” وبعض دول أوربا تسميها ”التمييز الإيجابي ” ودول أوربية أخري تسميها ” المعاملات التفضيلية ” ودول أخري تسميها ” آليات الإنعاش الملائم للأقليات” ويسميها القانوني المصري فتحي رجب بـ ” المساواة الرافعة ”, لرفع مستوي الضعفاء إلي مستوي الأقوياء , ويمكن تسميتها ”آليات الدمج السياسي لكل مكونات الأمة ” أو ”تفعيل المواطنة ” عن طريق إجراءات خاصة لتعزيز المشاركة والمساواة , أو ” آليات التمثيل والتواجد العادل للأقليات” أو حتي تعزيز”قانون التنوع ” , فالتسمية ليست هي المشكلة وإنما العمل الحقيقي لتحقيق هذه المساواة والمشاركة عن طريق إجراءات خاصة تعويضية للمظالم التاريخية التي أثرت بالفعل علي تطبيق أركان المواطنة .
ثانيا : التمييز الإيجابي قد يطبق لصالح الأقلية أو لصالح الأغلبية, ففي أمريكا مثلا طبق لصالح الأقليات أما في دولة مثل ماليزيا فقد صرح مهاتير محمد رئيس الوزراء السابق بأنه يطبق التمييز الإيجابي لصالح الأغلبية المسلمة لأنها الأقل ثراء ومشاركة في النشاط الاقتصادي , فالنهضة هناك قائمة علي أكتاف الماليزيين من أصول صينية وهم ليسوا بمسلمين. والتمييز الإيجابي قد تستفيد منه أقلية ليست علي كفاءة أو أقلية تتمتع بالكفاءة والجدارة السياسية والاقتصادية ولكن هناك أوضاعا مانعة تحول دون مشاركتها , ففي أمريكا مثلا استفاد اليهود من قوانين ”الحقوق المدنية” حيث كانوا يتعرضون لاضطهادات مثلهم مثل السود ,وكانت بعض المطاعم في أمريكا يكتب عليها (ممنوع الدخول للسود واليهود والكلاب) واستمر ذلك حتي ستينيات القرن الماضي , واستفاد اليهود من هذه القوانين مثلهم مثل السود , فالسود رفع التمييز الإيجابي وقوانين الحقوق المدنية من كفاءتهم ومشاركتهم, وبالنسبة لليهود رفع من مشاركتهم ,فهم يتمتعون بالكفاءة ولكن هذه القوانين الصارمة أزالت عوائق أمام هذه المشاركة و لهذا هم يمثلون في مجلس الشيوخ الأمريكي الحالي نسبة 13% رغم أن نسبتهم العددية أقل من 2%.
وهنا قد يقول قائل إن التمييز الإيجابي في مصر يطبق علي المسلمين لأن الأقباط كانوا مستحوذين علي أعلي من نسبتهم قبل الثورة ,والحقيقة أن هذا الكلام مغلوط وغير صحيح ,فالأقباط منذ دخول العرب مصر وكما يقول د. شوقي كراس ”غرباء في وطنهم ” وماحدث إبان فترة اليبرالية المصرية هو بدايات التصحيح لخلل مزمن لإدماجهم في الحياة السياسية بشكل صحيح ولم يكن الأقباط أبدا في فترة من فترات التاريخ يستحوذون علي أعلي من نسبتهم العددية وجدارتهم السياسية…فنحن نتكلم هنا عن السياسة وليس الاقتصاد . ماحدث بعد ثورة يوليو هو نكسة حقيقية للأقباط بعودة التهميش السياسي الواقع عليهم مرة أخري , ومن ثم تراكمت المظالم السياسية لمدة تزيد عن نصف قرن ويحتاجون إلي آليات حقيقة لإعادة إدماجهم بشكل عادل مرة أخري .
ثالثا : التمييز الإيجابي لايحدث عبر استفتاء شعبي وإنما عبر إرادة سياسية فوقية , وهذا ماحدث في أغلب المجتمعات التي أخذت به , فالأغلبية لن تتخلي طوعيا عن ميزة اكتسبتها إلابقوة القانون وصرامة تطبيقه …. فنحن هنا إزاء مبدأ إجبار الأغلبية ,وهذه أمور لا تتم بالتراضي مع العوام وإنما بالإجبار, ولن يتم التمييز الإيجابي إلا بإرادة شخصيات فذة وقائدة من الأغلبية تجبر شعبها علي ذلك , وأيضا نتيجة نضال مستمر من الأقليات .فنحن هنا إزاء قيادات من الأغلبية تري وتعمل علي مصلحة الوطن ككل من خلال العدالة السياسية التي ترفع الغبن عن الفئات المهمشة وأيضا نضال مستمر ومتواصل من الأقليات يؤدي إلي خلق حالة وطنية بدورها تخلق قيادات وطنية من الأغلبية تتبني هذا الدور.
الموضوع ببساطة ليس حربا بين الأغلبية والأقلية وإنما تحالف بين العقلاء لصالح مجتمع ديموقراطي سليم يأخذ بآليات مؤقتة لرفع المظالم التاريخية عن الأقليات , فهو تحالف من آجل الوطن يقوده مناضلون من أجل الحرية من الطرفين.
رابعا: التمييز الإيجابي لا ينطبق علي البرلمانات المنتخبة فقط وإنما علي الوظائف السياسية والإدارية أيضا, فالحوار يدور وكأننا نتحدث عن المجالس التشريعية فقط , وإنما حقيقة الأمر أننا أيضا نتحدث عن المناصب السياسية والإدارية في الدولة وبالنسبة للأقباط مثلا هناك العديد من الهئيات والمؤسسات المتعلقة بصنع القرار ومغلقة أمامهم بشكل كامل وهذه لاتحتاج إلي قانون منع التميز وتكافؤ الفرص الذي ينطبق علي الوظائف التنافسية ,وإنما قانون للتمييز الإيجابي يسمح بتواجدهم بنسبة معقولة ,وليست كديكور, تعويضا لهذا الحرمان المستمر منذ عشرات السنين. فأغلب التعيينات في هذة المناصب تتم بإرادة سياسية فوقية ومن ثم تنتفي فكرة التنافس الوظيفي فيها لأنها تعيينات سياسية , وهذا ينطبق علي أغلب المؤسسات ومجالس صنع القرار في مصر والمؤسسات السيادية والمؤسسات الأمنية والمخابراتية بما في ذلك مجلس الشوري نفسه الذي من سلطة رئيس الجمهورية تعيين ثلث أعضائه فكم عضو من الأقباط عينهم الرئيس ؟, هذا أبسط مثال … قانون منع التمييز إذا صدر وطبق بصرامة سوف يؤدي إلي تكافؤ الفرص في الوظائف التنافسية أما بالنسبة للوظائف السياسية الخاصة بالهيئات والأجهزة السيادية فهذه تعبر عن إرادة سياسية عليا لمن يحكمون ويتحكمون وهذا يتطلب تغيير هذه الإرادة بالنضال والعمل المشترك بين المسلمين والأقباط المستنيرين المحبين لوطنهم . فهناك أمور يكفي فيها إزالة التمييز السلبي وتجريمه وهناك أمور أخري تحتاج إلي تمييز إيجابي لسببين للتعويض عن مظالم تاريخية وأيضا لأنها ليست متاحة عبر التنافس الوظيفي العادي.
خامسا: هناك ملاحظه أخري مرتبطة بالسابقة هي أن إزالة التميييز السلبي عبر تجريمه وإتاحة الفرص المتكافئة للجميع علي أرضية الجدارة الوظيفية هو الخطوة الأولي نحو التمييز الإيجابي ,فهو خطوة مهمة جدا, ولهذا سيعمل منتدي الشرق الأوسط للحريات مع كافة مؤسسات المجتمع المدني وكل القوي الوطنية الحية علي سرعة إصدار مثل هذا القانون المهم لمستقبل مصر , ولكن هذه الخطوة المهمة يلزمها أيضا إجراء خاص محدد لإدماج المرأة والأقباط.
سادسا: هناك أمر خطير وهو محاولة البعض الإيحاء بأن السياسة من نصيب الأغلبية والبيزنس من نصيب الأقلية القبطية,وهذا عبث مرفوض معناه تحويل الأقباط إلي جالية تعمل علي تنمية مواردها وتأمين حياتها الاقتصادية .فالأقباط مواطنون, والمواطنة تتعلق أساسا بالمساواة والمشاركة. كما أن ادعاء أن الأقباط يستحوذون علي ثروات ونشاط اقتصادي يفوق نسبتهم بكثير ,كما صرحت وزيرة القوي العاملة في ردها السلبي علي منظمة العمل الدولية ,بأن الأقباط يستحوذون علي ثلث النشاط الاقتصادي, هذا كلام علاوة علي سخافته مرفوض وغير صحيح ولاتوجد دراسة علمية واحدة تؤكد أو تنفي هذا الكلام ,وكل ما قرأته من دراسات اقتصادية تقديرية تقول إن نصيب الأقباط من النشاط الاقتصادي في حدود 15% ومن الثروة أقل من 10% ومن الائتمان المحلي أقل من 2% وهي دراسات تقديرية قام بها البعض ومنهم الأستاذ ماجد عطية ولكن لاتوجد إحصاءات مؤكدة عن نصيب الأقباط والمسلمين من الثروة والنشاط الاقتصادي.
سابعا : يجادل البعض أن المسألة لن تحل بتعيين نسبة من الأقباط في المناصب السياسية فقد يكون هؤلاء أشد ظلما علي الأقباط من إخوانهم المسلمين.وهذا المنطق مغلوط لعدة أسباب لأن الفقه الدولي لحقوق الإنسان اتفق علي أن أفضل سبيل لضمان حقوق الأقليات هو تمثيلها العادل في المجالس التشريعية وتواجدها بشكل عادل في كافة أجهزة الدولة السياسية والأمنية, فهذا أهم ضمانة لعدم التمييز ضدها ,ولأنه عند تعيين بعض الأفراد بشكل رمزي تجميلي ديكوري يسهيل السيطرة عليهم ولكن عندما تكون نسبة محترمة بين 10% – 15% من الأقباط في كافة المناصب لايمكن أن يكون كل هؤلاء خونة لقضيتهم , علاوة علي أنه في المرة الأولي قد يكون الكثيرون موالين لمن عينهم ولكن عندما يتأكد أن هذا حق للأقلية سيكون الولاء للنظام الديموقراطي الذي أفرز تواجدهم في كافة المناصب السياسية والولاء أولا للوطن الذي انصفهم وليس للنظام الذي عين حاشيته وشلته من المسلمين والأقباط.. عجلة الزمن والنظام الديموقراطي والحيوية السياسية ومشاركة الأقلية كلها عوامل ستفرز ممثلين حقيقين للأقلية في كافة الهياكل السياسية والنيابية.
ثامنا: هناك من يطرح أن التمييز الإيجابي لن يوقف العنف ضد الأقباط ,وهذا رأي مردود عليه لأسباب عدة, أن العنف أحد نتائج التمييز ولكن متي وقع فهي جرائم تحتاج إلي سيادة القانون وتطبيقه علي هؤلاء المجرمين وإضطهادات تحتاج إلي سلطة الردع القانوني علي من يعبثون به, وثانيا التمييز الإيجابي أدي بالفعل إلي تقلص العنف ضد السود في أمريكا, وثالثا التمييز الإيجابي يخلق أقلية ممثلة في البرلمانات وفي المناصب السيادية والأمنية وهذه الأجهزة الأمنية كانت سببا في تفاقم العنف ضد الأقباط ,ومن ثم فإن تواجد الأقباط في الأجهزة الأمنية السيادية سيقلص العنف ضدهم , وتواجد الأقباط في المناصب السياسية والمجالس التشريعية وفي المناصب الإعلامية سيخلق حالة من التوازن الثقافي والإعلامي تسلط الضوء علي انتهاك القانون وتخلق حيوية لدي الأقلية تجعلها تقاوم الاضطهاد والعنف بشكل إيجابي.
تاسعا : هناك وهم آخر بأن الشارع المصري سيقاوم التمييز الإيجابي للأقباط والمرأة …فهذا منطق علاوة علي أنه ربط التغيير بمزاج الشارع المتخلف فهو أيضا غير صحيح, فالشارع لم يثور علي قانون نزع الأراضي الزراعية من صغار المزارعين رغم خطورة هذا القانون وتوقعات البعض وقتها بثورة عارمة..والشارع لم يثور بعد توقيع بروتوكول الكويز رغم التحريض الإعلامي المستمر ضد هذا البروتوكول. والشارع لايثار إلا إذا كان صانع القرار يريد تمييع الأمور واستخدام الشارع أو تحريضه, فالمفروض أن القيادة السياسية الواعية ترفع الشارع إلي مستواها عن طريق فرض الأمور الصحيحة في البداية كما فعل محمد علي باشا ومن ثم تغيير ثقافة الشارع تدريجيا نحو تقبل التغيير والتأقلم معه.فالتحجج بالشارع هو عند الحد الأدني تعبير عن الكسل السياسي والعقلي وعند الحد الأقصي هو وسيلة تبريرية يستخدمها السياسيون المغرضون للمزايدات وتعطيل الحلول الحقيقية, كما أن الشارع لم يثور عندما تطرقوا إلي التمثيل المناسب للمرأة في التعديلات الدستورية الأخيرة ,ولن يثور إذا طبقت سياسة تمييزية للمرأة علي أرض الواقع ,ولم يعترض الشارع علي لقب سيدة مصر الأولي رغم حداثة هذا الوصف علي الثقافة المصرية… وهنا تحضرني مقولة للباحث جاك تاجر في كتابه القيم (أقباط ومسلمون منذ الفتح العربي لمصر ), ”لم يتذكر الولاة الشريعة والفقه إلاعندما أرادوا البطش بالأقباط , سواء برغبتهم أو بتحريض من الرأي العام ”.
الكلام عن المواءمة السياسية واستفزاز الشارع أو غيظ المسلمين كلها مصطلحات تعبر عن البدائية السياسية ,فالدولة تفرض العدل والمساواة بسلطة القانون فهذه هي وظيفتها , ومع الزمن يتأقلم الشارع مع سلطة القانون ويتفاعل مع احترام القانون وهيبته ليفرز في النهاية سلوكا منضبطا.
عاشرا : هناك مقولة مغلوطة أخري أن التمييز السلبي الذي يتعرض له الأقباط هو تمييز عرفي ,وهذا غير صحيح, فهو تمييز مخطط مقنن منظم , فلا يمكن أن تغلق عشرات الجهات السيادية أمام الأقباط بدون مخطط واضح لذلك تنطلق منه هذة الفلسفة , وثانيا هناك العديد من القوانين التمييزية , وهناك القرارات الإدارية ولها ايضا قوة القانون في الواقع العملي مثل الشروط العشرة للعزبي باشا الصادرة عام 1934,وهناك الأحكام القضائية التمييزية, وهناك النظام العام والعرف كمحصلة لكل ذلك. فهذه كلها أمور من التبسيط اختزالها في العرف العام , وإلا ماهو دور القانون إن لم يكن ضبط العرف العام وتهذيبه في إطار مقتضيات الدولة الحديثة. التمييز ضد الأقباط أوسع بكثير من مسألة العرف العام.
أخيرا: ما أود أن أقوله إن التمييز الإيجابي أداة ديموقراطية إدماجية تتماشي مع المقررات الدولية واتفاقيات حماية الأقليات وفق القانون الدولي الحديث وأخذت به الديموقراطية العريقة والحديثة علي السواء , كما أن التعويل علي أن التغيير المجتمعي سوف يؤدي الي رفع الغبن عن الأقباط مع الزمن فهذا غير صحيح, وقد عول علي ذلك من قبل القاضي المعروف عبد الحميد باشا بدوي عام 1923 بقوله” إن الفارق الديني يضعف في مصر الآن ولن يطول الزمن حتي يمحي في علاقتنا الاجتماعية ونعفي تماما من جميع اثاره ”, ولكن نبوءة عبد الحميد باشا بدوي لم تتحقق وما حدث هو تدهور للمجتمع المصري من الاندماج الوطني تحت راية الجماعة الوطنية إلي تشتيت الانتماء عبر القومية العربية إلي تشتيت أكثر للانتماء عبر الأممية الإسلامية ,وانتشر التعصب الديني وهو ما أشار إليه بوضوح قرار البرلمان الأوربي بتاريخ 19 يناير 2008 بقوله ”الإعراب عن القلق البالغ إزاء تنامي التعصب الديني في المنطقه ” . ونحن نحتاج إلي نصف قرن في مصر مع سياسات التمييز الإيجابي لإنصاف المرأة والأقباط, فالتعصب الديني والفساد دمرا روح مصر الحقيقية والمسألة تحتاج إلي جهد جبار مع آليات التمييز الايجابي .
واختتم بمقولة رائد حقوق الإنسان في مصر الدكتور محمود عزمي ,والذي شارك في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948, في رده علي عزيز مرهم القبطي الذي رفض التمثيل النسبي للأقباط في دستور 1923, فرد عليه د. عزمي بقوله ” إنكم لا تدرون ما الذي ستأتي به الأيام ” وتحققت نبوءة د. عزمي ولم تتحقق نبوءة عبد الحميد باشا بدوي .
نحن ندعوكم أن نعمل معا من أجل إنصاف المرأة والأقباط ودعم الحريات الدينية وتعزيز الحريات العامة ونشر الديموقراطية اليبرالية قبل أن نقول بعد سنوات إن رؤيتنا كانت قاصرة برفض التمييز الإيجابي وأننا كنا مقصرين في حق وطننا وفي حق ذواتنا …….فهل نفعلها الآن وقبل فوات الأوان؟
[email protected]