نحتفل الأسبوع القادم بعيد القيامة المجيد وشم النسيم وسط أجواء من عدم الاستقرار تعيشها الأسرة المصرية في ظل المرحلة الانتقالية التي يمر بها المجتمع المصري ككل, ونتيجة هذه الأوضاع التي نمر بها هناك بعض الأسر تفكر في أن الاحتفال هذا العام سيكون مختلفا بسبب عدم وجود الأمن بالشوارع بشكل كاف حتي الآن, وحدوث بعض أعمال البلطجة, لذلك هناك محاذير كثيرة تمنع البعض من الاحتفال بالأعياد. وبالرغم من ذلك فهناك علي الجانب الآخر من استعدوا بالفعل للاحتفالات بمظاهرها المعتادة لهم في كل عام. فكيف ستكون أيام الأعياد هذا العام وسط الاضطرابات؟ وهل الاحتفال بالأعياد من الممكن أن يحد من حالة القلق الشديد الذي تعيش فيه العديد من الأسر المصرية؟ وهل من الممكن للأسر المصرية أن تقوم ببعض مظاهر الاحتفال وسط المخاوف من أعمال البلطجة بأشكالها المختلفة؟
حول هذا الموضوع تحدثنا إلي الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية النوعية بجامعة عين شمس, فقال: ##بداية فإن من الناحية النفسية الاحتفال بالأعياد هو احتفال له قيمة معنوية ونفسية, والاحتفالات بالأعياد المقبلة سواء عيد القيامة المجيد أو شم النسيم يجب أن تكون موجودة كما اعتادنا لسنوات طويلة, لأن لها مردود نفسي إيجابي, حيث إن احتفالنا بشكل جيد بهذه المناسبات دون المبالغة في الشعور بعدم استقرار الأوضاع في البلاد يخرجنا من حالة القلق والإحباط التي تتعرض لها العديد من الأسر المصرية في ظل الأحداث الراهنة. لذلك يجب أن يخرج المسيحيون في عيد القيامة المجيد لكنائسهم ببهجة لإقامة الشعائر الدينية والقداسات والصلوات, ويصنعوا كعك العيد ويتبادلونها مع الأهل والجيران ويرتدون الثياب الجديدة احتفالا بالعيد. وأقول لمن يفكر في أن يحرم نفسه من الاحتفال بسبب أننا لدينا اضطرابات و قلق, إن الكثيرين ينتظرون الأعياد بفارغ الصبر, لتجديد النشاط والخروج للمتنزهات كما اعتادنا. فالأحداث لا يجب أن تضيع بهجة العيد بأي شكل من الأشكال. بالإضافة إلي أن حرصنا علي الاحتفالات سيكون له مردود إيجابي قوي, حيث سيحد من القلق والشعور بعدم الأمان. فالتنزه والاحتفالات وسط الضغوطات التي نتعرض لها في الفترات الأخيرة يجعلنا ننعم بروح الأمل من جديد##.
أما الدكتور زكريا فاخوري -دكتوراه المشورة الأسرية- فقال: ##ونحن مقبلون علي فترات الأعياد وسط حالة من الإحباط تسود العديد من الأسر المصرية, يجب أن يكون لدينا قناعة بأننا قادرون علي التغيير, وأننا نستطيع أن نعمل و نغير. بالرغم من أن هناك غموضا والصورة غير واضحة, بالإضافة إلي الوعود والشعارات لم تحقق بعد علي أرض الواقع, مما جعل الأجواء العامة محبطة. لكن من المفترض أننا نأخذ خطوة ونصلح ونبدأ بأنفسنا ونغير تفكيرنا. ونحن مقبلون علي فترات الأعياد أريد أن نشعر كمواطنين بأن هناك اختلافا بعد 25 يناير عما سبق, وأن هناك تغييرا, ولأن أول مظهر للعيد هو الاحتفالات فيجب أن تتغير بشكل إيجابي مظاهر احتفالاتنا, بدلا من أن يكون التعبير عن الاحتفال هو بالصواريخ والألعاب النارية والمظاهر الصاخبة للاحتفالات##.
استطرد فاخوري قائلا: ##أنا لست ضد أن الناس تخرج في الأعياد وتشتري الملابس الجديدة استعدادا للعيد, لكن يجب ألا يكون ذلك هو جوهر الاحتفال. وأعتقد أنه آن الأوان أن نحتفل بشكل معتدل بما يتناسب مع دخل كل أسرة, دون مبالغة في الشراء أو التنزه. كما أنه يجب أن يكون احتفالنا بالعيد لا يوجد فيه تعد علي الآخر, فعلي سبيل المثال من يقوم باستخدام الصواريخ وما شابه للاحتفال فهو بذلك يحدث ضوضاء شديدة وهذا يمثل تعديا علي الآخر. كذلك حينما نذهب للحدائق العامة للتنزه علينا أن نترك المكان كما كان, وليس مكانا متسخا لأننا إذا تركنا المكان غير نظيف فهذا أيضا تعد علي حق الآخرين في أن يستمتعوا بالمكان نظيفا##.
كما أكد علي ضرورة أن نجدد الروابط الأسرية في الاحتفالات بالعيد سواء داخل الأسرة الصغيرة أو العائلة الكبيرة, وأشار إلي أن الظروف التي نمر بها في بلدنا لا تمنعنا علي الإطلاق من أن نحتفل بالعيد وبشم النسيم. بل يجب أن يصبح تفكيرنا أكثر إيجابية, وكل شخص يبدأ بخطوة إيجابية, وألا نفترض أن التغيير فوري لأن هذا غير حقيقي, فالتغيير لا يأتي أبدا في غمضة عين. فعلي سبيل المثال نحن جميعا نطالب أن وضع البلد يتغير والأمور تستقيم. فليكن مثلا ##مش عايزين يكون في رشاوي## لو استمرينا في القول للآخرين أنهم لا يأخذون رشاوي فلن تتغير الأمور, لكن يجب أن يأخذ كل شخص منا قرارا بأنه لن يدفع رشوة أبدا, فهذه هي البداية الحقيقية للتغيير في أي شيء, يجب أن كل شخص يبدأ بنفسه أولا.
وحول المخاوف من أعمال البلطجة أو التعرض للمخاطر, وكيفية التعامل في احتفالنا بالعيد وشم النسيم, تحدثنا إلي جورجيت ثابت -باحثة شرطة بمديرية أمن حلوان, فقالت: ##بالتأكيد هناك مخاوف بسبب أعمال البلطجة التي انتشرت في الآونة الأخيرة والتي ستجعل البعض متخوفا من الاحتفال بالأعياد والتنزه, ولكننا بالرغم من ذلك فإننا لن نقفل علي أنفسنا في منازلنا ولكن في ذات الوقت يجب أن يكون الاحتفال بنوع من الحذر. فعلي سبيل المثال حينما تفكر أسرة في الخروج للتنزه في يوم شم النسيم فعليها الابتعاد عن التجمع بأماكن مفتوحة غير مؤمنة, مثلما كان يحدث في السنوات الماضية, حيث كانت بعض الأسر تجلس في حدائق مفتوحة في ميادين أو ما شابه دون أن تكون هذه الحدائق مغلقة ولها أسوار وأبواب للدخول يمكن التحكم فيها وتأمينها, لكن هذا العام يجب أن نتأكد من أن المكان يمكن تأمينه, بالإضافة إلي أنه يفضل أن تكون مظاهر الاحتفالات والتنزه في أوقات النهار.