توسعت الإمبراطوريات القديمة وازدهرت عندما اهتمت بشق الطرق فالطرق كما قال شيشرونهي سبب الحضارة, ورغم بدائية وسائل الانتقال قديما إلا أنها سهلت التبادل التجاري وزادت تعارف الشعوب, صحيح كانت سببا لعدوان بعضها علي بعض إلا أنها كانت وسيلة وعونا في دحر هذا العدوان أيضا.
وفي العصر الحديث أوعز الله سبحانه لبعض البشر بأختراع الآلات البخارية والكهرباء وسمح الاختراعان للناس بالعمل صباحا ومساء فطال بهما الزمان ولكن للأسف في بلادنا-المباركة-اخترعوا اختراعا مضادا هو المطبات والمقبات أديا لفوضي في الطرق وتقصير لعمر الإنسان بدأ بتطبيقهما حماة النظام قاصدين وضع حد لعدم الالتزام بقواعد الأمن والأمان ولكن استشري تطبيق الاختراع وأصبح في كل الطرق مشاع وأحبته السلطات العامة وقام بتقليدها كل العامة.
بدأت السلطات العامة بعمل المطبات أمام مشروعاتها وعلي جوانب الطرق ووسطها دون استحياء سواء كانت الطرق علي أرض زراعية أم جبلية ,صخرية أم رملية وأغلب مشروعاتها أقيمت أصلا مخالفة للقانون فممثليها غير ملتزمين وعندئذ قام العامة بتقليدها بحجة إقامة مشروعات للخدمة العامة وسكتت السلطات علي تعديهم علي الحرمات.
فلا عجب أن تري مواطنا ناصبا كشكه وآخر في وسط الطريق بارزا بدكانه وثالث متعد علي الأرض الزراعية بالبناء أو التبوير ورابع مخرب للأشجار بحجة التسوير والمشرع حائر في منح سلطة الإزالة لذلك المحافظ أو هذا الوزير .
فسلطة وقف الأعمال المخالفة أو الإزالة سواء في المباني أو في الأرض الزراعية أو الطرق مشاع بين الوزراء والمحافظين والمحاكم الجنائية.
وتتعدد القوانين منها 106 لسنة 1976 و3 لسنة 83 و16 لسنة 83 و140 لسنة 56 و453 لسنة 84,74 لسنة 68 قوانين للتنظيم وللتقسيم وللمحلات والإشغالات وكذلك قوانين المرور والطرق العامة مع التعديلات أضف لها القرارات العسكرية.
ومع ذلك لاتجد المحاكم من تحاكم فبعد أن يرد تقرير الخبير يكون الإفلات من العقاب ليس عسيرا وفي النهاية لا تعديات تزال ولاشيء يقال وتظل الأشغالات مع المقبات والمطبات وتخريب الطرق قائم بل ولازال آت ولا تنسي فأمام المنازل سلاسل وأعمدة من الحديد تقام فقط لإظهار المقام وشرطة المرافق مرة تقاوم وأخري تسالم ونشأ بين المخربين اتفاقا فأنت لك المطب وأنا أقوم بعمل المقب ويتكاتف الجميع لتكريس هذا الوضع الفظيع ولتذهب القوانين والنظم للجحيم فلا أهمية لتكسير السيارات أو حدوث إصابات للراكبين فهم قطعا يستحقونها طالما لايعترضون ولا مسئولية فالهيئات العامة هي التي بدأت التخريب فلا يحق أن يطلب من أي مواطن التهذيب.
علي أرض الواقع تؤدي المطبات الفجائية للتوقفات إذ تقام دون إشارات أو إنذارات فتحدث الإصابات مع تخريب المعدات فهي دون نظام وبالبركة تقام المهم أن بين السلطات العامة والعوام الأنسجام والوئام فلا خوف من إنشائها فهي تنشأ والسلام.
في طريقي لمحافظة القاهرة بمائة كيلو متر هناك تسعون مطبا خلاف المقبات ولم يعد غريبا أن ألاحظ السعادة البالغة في عيون من بجوارها يجلسون-وأحيانا ينامون-وأشعر أنهم بخوف قائدي السيارات يتلذذون وأجزم أن بهجتهم تكون عارمة عندما يرون السيارات ترتفع وتنخفض عائمة وحبذا لو انحرفت لجوانب الطريق هائمة.
أتعجب إلي متي يظل هذا الوضع الرهيب وألم يحن الوقت للحكومة أن تأخذ الأمر بيدها لمنع هذا التخريب؟!!
تتوقف عند المطب كي تتفاداه فيصدمك من يسير خلفك مباغتا ولا تعويض بل خصام فوقفتك كانت فجائية وفي التحقيق تضيع المسئولية وتتذكر فقط نظرات المبتسمين الذين أقاموا المطب فهم للسيارات متحرشين والحقد الاجتماعي داخل نفوسهم دفين.
الحكومة في بلادنا أصدرت القوانين في هذا الخصوص بقصد التنظيم واعتبرت الطرق حرة أو محلية وعامة وفرعية أو سريعة ورئيسية وإقليمية وأيا كان فقد حددت القوانين واللوائح مواصفاتها وأساليب صيانتها ونشطت أخيرا في إنشاء الأوتوسترادات والأصل في بلادنا أنها منبسطة ولكن شاء حظنا أن يكون بيننا سيئو التصرفات وهم يتزايدون وليس أمامهم من يعترضون بل إن من الأشخاص العامة لهؤلاء نجد المساعدون .
إذا هناك إساءة عامة وتخريب للطرق العامة-ولكني لهؤلاء وهؤلاء أقول:قارب يوم الصحوة أن يكون وبهمة المخلصين من المسئولين في هذا البلد-الذي مازال أمين-ولابد لهذه الصحوة أن تكون فالفوضي أصبحت عامة في كل المدن والطرق العامة ولاحجة للمحتججين القائلين إنها طرق الله وأرض الله فكيف ذلك يكون؟!
في أغسطس الماضي سافرت للغردقة ورأيت ما صنعته القوات المسلحة من طرق آمنة وناعمة وليس هذا عليها بجديد وأعرف حسن أدائها وكنت أحد ضباطها وليتها تستمر في إشرافها لمنع المخربين من هذا التخريب المشين.
إساءة استعمال الطرق هذا ينطوي علي إهدار تام لحق التنقل الوارد في المادة41من الدستور ويحوي انحرافا في استعمال الحقوق علي النحو الذي أوضحته المادة5من القانون المدني فليس في المطبات مصلحة يحميها القانون والغرض من إنشائها يصيب الغير بالضرر والمصلحة من ورائها لاتعادل الضرر من وجودها.
وأخيرا ورغم استشراء الداء مازال في الأمكان تلافيه وأقترح أن تنشأ لجنة عامة علي مستوي الدولة تتبعها لجان فرعية تكون لها سلطة الإزالة الفورية بدلا من ترك الأمر للهيئات المحلية ويجب أن تمنح سلطة تغريم المسئول مع تكليف مأموري المراكز ورجال الضبط بعمل المحاضر للمخالفين مع توفير قدرة تنفيذها بالسلطة الجبرية مع التشديد علي عمد القري وشيوخها لمنع المواطنين لإحداث هذا الضرر الكبير وقد ناصر القضاء حق الإدارة في الإزالة.
القضية رقم 2005 لسنة 38ق.ع ورقم 3204 لسنة 38 ق.ع رقم 3407 لسنة 37 ق.ع.
ولا بأس من تكليف الفنيين بعمل هذه المطبات إن كانت ضرورية وفقط أمام المدارس والمستشفيات بدلا من ترك العامة أحرارا في إهدار الأموال العامة وتخريبهم للطرق العامة.
نائب رئيس مجلس الدولة والرئيس بمحكمة القضاء الإداري والدوائر الاستئنافية