المراقب لتصريحات المسئولين بمحافظة قنا عن حجم الاستثمارات الضخمة المخصصة لقطاع مياه الشرب يدرك مدي التناقض الكبير بين تلك التصريحات وما يحدث علي أرض الواقع,حيث تناقص نصيب الفرد من مياه الشرب النقية تدريجيا ليصل إلي أقل معدلاته في المناطق الحضاريةالمدنولينعدم داخل المناطق الريفيةالقريالتي يتعرض سكانها لمهانة واضحة في بحثهم عن مياه الشرب تهدر حقوقهم كآدميين.
وفي الواقع أن مشكلة النقص الحاد في مياه الشرب بقنا ليست جديدة فهي مرتبطة بتدني نصيب المحافظة من ميزانية الدولة كسائر محافظات الصعيد, مما أدي إلي اختلال كافة مرافق البنية الأساسية المختلفة وانهيارها أحيانا..ففي قطاع مياه الشرب بالمحافظة علي سبيل المثال تجد شبكات ومواسير المياه الأرضية تالفة وبالتالي ملوثة نتيجة لعدم تجديدها منذ الستينيات في بعض المناطق,أيضا تجاهل مد شبكات المياه إلي المدن الجديدة والمناطق التي إليها التوسع العمراني ليصبح البحث عن مياه الشرب معاناة يومية داخل الإقليم رغم حجم الاستثمارات المعلن عنها والتي قد تصل لملايين الجنيهات منها,مليون جنيه لإنشاء وحدة المياه المدمجة بالخطارة لخدمة مركز نقادة و14 مليون جنيه و581 ألف جنيه لعملية مياه أرمنت وتوصيل المياه للمناطق المحرومة,إضافة إلي 2.5 مليون و450 ألف جنيه لتجديد شبكة مياه مدينة قومي ودق آبار للقري و7.5 مليون و100 ألف جنيه لزيادة طاقة محطة مياه الشرب بمركز نجع حمادي من 34 ألف م3 إلي 68 ألف م3 فضلا عن 1.55 مليون جنيه لمد شبكات لقري مركز فرشوط و265 ألف جنيه لتجديد شبكة مياه مركز أبو تشت و325 ألف جنيه لمد شبكات مواسير لمركز الوقف وتخصيص 1.9 مليون و650 ألف جنيه لإحلال وتجديد شبكة مياه شرب لمدينة قنا.
لاتزال مراكز وقري المحافظة تعاني من أزمات يومية في الحصول علي كوب ماء نظيف بداية بمركز نجع حمادي والذي كان يحظي سكانه قبل سنوات بوفرة المياه النقية ولأغراض انتخابية تم أقتسام مياهه مع مركز فرشوط وقراه لما يعانيه من نقص حاد فيها وهو ما خلق أزمة أكبر للمركزين إذ لم تف السعة الاستيعابية لمحطة مياه نجع حمادي لاحتياجات المواطنين من مياه الشرب وظهور النقص الحاد وانقطاعها بصورة مستمرة,مما جعل سكان المدينة يلجون لشراء مواتير الرفع لعقاراتهم لسحب المياه,مما كبدتهم مبالغ طائلة أيضا لجوء أهالي فرشوط لشراء جراكن المياه من عربات الكارو من نجع حمادي أوأقرب مكان تتوافر فيه مواتير الرفعلعدم مقدرة سكان القري علي شرائها.
ونتيجة لرحلة العذاب اليومية التي يمر بها مواطنو قري المركزين في جلب المياه قام أهالي منطقة حاجر جيل في عام 2005 بالتظاهر في مسيرة احتجاجية,معبرين عن الانتهاكات التي تمارس ضدهم وحرمانهم من مياه الشرب وقد تدخلت منظمات حقوقية لرصد ذلك,ولكن دون جدوي فالواقع الأليم مازال يفرض سيطرته علي الأهالي!!لينضم إليهم سكان نجوع بهجورة وقري العركي والدهسه وكوم البجا والكوم الأحمر وغيرهم من قري فرشوط ولم نكن المشكلة في النقص الحاد في مياه الشرب وإنما الخطورة علي الصحة العامة جراء تلوث مياه الشرب وشدة ملوحتها مثلما يحدث بمركز إسنا وقراه الذي انتشر بين سكانه بصورة مفزعة مرض الفشل الكلوي,وكذلك الأمر بمركز قوص الذي يشرب سكانه مياه ملوثة بفعل اختلاطها بمياه الصرف الصحي والمياه الجوفية التي ارتفع منسوبها ليحول المدينة إلي مستنقعات وأيضا مثل قريةالجمالية.
أما عن مراكز نقاده وأبو تشت وأرمنت فتلوث المياه يأتي من تلف شبكات المياه التي لم تتعرض لإحلال أو تجديد منذ سنوات طويلة,مما أدي لاختلاط المياه بالأراضي ووصولها للسكان ملوثة بمخلفات صلبة وشوائب وديدان وروائح كريهة.
ويذكر أنه قد تم رصد تقرير صدر عن مركز البحوث البيئية والعلوم التطبيقية بجامعة جنوب الوادي حول تلوث مياه الشرب بشرق المدينة بضواحي الشئون والمعنا والمساكن ثبت فيه مدي ارتفاع نسبة الأملاح الذائبة 4.6 جرام لكل لتر بتطبيق المواصفات القياسية رقم 190 لسنة 1995 والغريب أنه بعد فترة قصيرة صدر تقرير آخر من نفس الجهة ينفي ما أقره التقرير السابق ,ولا نعلم لمصلحة من يتم التعتيم علي هذا الوضع؟!فهناك تقارير أخري تؤكد تلوث مياه الشرب بقري مراكز قنا مثلما جاء في تقرير المعمل البيئي للآبار الأرتوازية وثبوت عدم مطابقة مياه الشرب خاصة بقرية الجزيرية للمعايير البكترولوجية وأوصي التقرير بضرورة معالجة المياه بمادة هيبوكلوريت الصوديوم بتركيز 66% وإلي الآن لم تنفذ تلك التوصيات!!
ومن هنا تتضح حالة التجاهل والتهميش في التعامل مع أزمة مياه الشرب في ظل توافر مياه الآبار الأرتوازية عبر مرشحات متهالكة وقلة الخبرة بالطرق العملية لمعالجة تلك المياه غير النقية لاختلاطها بالمياه الجوفية وبمياه الصرف الصحي في كثير من الأحيان ليلقي أهالي قنا المصير المحتوم في الوقت الذي يبحثون فيه عن كوب مياه نظيف ولم يجدوه.فهل من مغيث؟!