* البابا شنودة أناب الأنبا بيشوي والأنبا أنجيلوس لحضور حفل التنصيب
* انتخاب كيريل بطريركا من بين أكثر من 145مرشحا
تحتفل اليوم الأحد -الأول من فبراير- الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بتنصيب البطريرك كيريل خلفا للبطريرك الراحل ألكسي الثاني الذي تنيح في 5ديسمبر الماضي عن عمر يناهز 79 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
يحضر الاحتفال الكبير الذي يتم للمرة السادسة عشر في تاريخ روسيا العظمي منذ أن عرفت المسيحية في القرن العاشر الميلادي,الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف,ورئيس الوزراء,وعدد كبير من الوزراء -وحتي مثول الجريدة للطبع- كان عدد كبير من الدول المسيحية في العالم أعلنت عن إيفاد مندوبين رسميين عنها لحضور حفل تنصيب البطريرك الروسي الجديد,والذي يعد حدثا فريدا لا يتكرر كثيرا في تاريخ روسيا,ويعد من جهة أخري حدثا فريدا مهما في تاريخ الكنيسة الروسية التي عادت إلي حظيرة المسيحية بعد أن ظلت لسنوات كثيرة بعيدة عن الرب نتيجة الحكم الروسي الشيوعي الذي لم يكن يعترف بالأديان,وأغلق الكنائس حولها إلي ما يشبه المتاحف,ويذكر للبطريرك الراحل ألكسي الثاني أنه استطاع أن يعيد الشعب الروسي لكلمة الرب وإلي حظيرة الإيمان الأرثوذكسي,وأن يفتح كل الكنائس المغلقة,وأن تنتظم بها العبادة وترتفع الصلوات والابتهالات,وتعد الكنيسة الروسية الآن من أكبر الكنائس الأرثوذكسية في العالم إذ تضم أكثر من 120مليون مسيحي أرثوذكسي.
يحضر الاحتفال فضلا عن المطارنة والأساقفة وكل الآباء الكهنة في الدولة الروسية والأراخنة من الشعب الروسي,عدد كبير أيضا من ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم,وقد أوفد قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية صاحبي النيافة الأجلاء الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس والأنبا أنجيلوس الأسقف العام لإنجلترا لحضور مراسم التنصيب,والمعروف أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية يربطها حوار لاهوتي دائم بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية,وأن رابطة صداقة قوية كانت تربط البطريرك الراحل ألكسي الثاني بقداسة البابا شنودة الثالث الذي تألم كثيرا لرحيله وأناب عنه لحضور مراسم الجنازة أصحاب النيافة أساقفة الكنيسة القبطية,الأنبا أنجيلوس أسقف أستيفينيج,الأنبا برنابا أسقف روما,الأنبا دميان أسقف ألمانيا.
* المسيحية في روسيا
يعود تاريخ المسيحية في روسيا إلي القرن العاشر الميلادي,وقد اعترفت كنيسة قسطنطينية في القرن السادس عشر باستقلال الكنيسة الأرثوذكسية الروسية,وعين البطريرك إيوف أول بطريرك للكنيسة الروسية في عام 1589,وظلت رئاسة الكنيسة للآباء البطاركة الذين تتابعوا بالانتخاب حتي عام 1700 حين ألغي بطرس الأكبر هذا المنصب,ومن يومها ظل الكرسي البطريركي شاغرا إلي أن استعيد عام 1917 بانتخاب البطريرك تيخون بعد صدور لائحة جديدة حددت قواعد انتخاب البطريرك بإجماع مطارنة الكنيسة,ويعد انتخابه في ظل اللائحة الجديدة أول انتخاب في روسيا يجري بدون مشاركة السلطة السوفيتية.
* من الانشقاق إلي الوحدة
في عام 1919 أسست في مدينة ستافرو بول بجنوب روسيا الإدارة الكنسية العليا تحت سيطرة الجيش الأبيض المتمرد علي السلطة السوفيتية,وفي 1921 عقد المهاجرون الروس في بلدة سريمكي كارلوفتسي الصربية المجمع الكنسي الذي أعلن عدم اعترافه ببطريركية موسكو.
وظل الرضع علي هذا الأمر سنين عديدة حتي عام 2003 حين سلم الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين في نيويورك لرئيس الكنيسة الأرثوذكسية في الخارج المطران لآخر دعوة البطريرك ألكسي الثاني لزيارة روسيا…ومن هنا بدأت محاولات إعادة العلاقات بين بطريركية موسكو والكنيسة الأرثوذكسية الروسية في الخارج,وفي عام 2006 عقدت عدة جلسات مشتركة في موسكو وميونخ وباريس ونيويورك وكولون خاصة بالحوار بين الكنيستين المنفصلتين,وأسفرت الاجتماعات عن صور وثيقة تعرب عن مفهوم مشترك للمسائل المبدئية بما فيها اتفاقية التعاون القانوني الكنسي,وفي نفس العام وافق سنودس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وسنودس الكنيسة الأرثوذكسية في الخارج علي اتفاقية التعاون القانوني الكنسي,وأعلن بذلك توحيد الكنيستين وعودة الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وحدة واحدة.
* انتخاب البطريرك
بعد نياحة البطريرك ألكسي الثاني في 5ديسمبر الماضي اجتمع السينودس المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الروسية بدير القديس دانييل بموسكو لإعداد أعمال المجمع الكنسي الذي سيختار البطريرك الجديد للكنيسة الروسية.
وأعدت بطاقات خاصة سجلت فيها أسماء 145 مرشحا للكرسي البطريركي,وبعدها اجتمع الأساقفة لاختيار ثلاثة مرشحين,ويعد المجمع الكنسي الذي يختار البطريرك الجديد هو الهيئة العليا في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ويشارك فيه أكثر من 700شخص من رجال الدين وشخصيات اجتماعية علمانية من أبناء الكنيسة الروسية.
وكان المجمع الكنسي الأرثوذكسي الروسي قد اجتمع يوم الاثنين الماضي -26يناير- وانتخب ثلاثة مرشحين لعرش بطريركية موسكو وسائر روسيا,وهم المطران كيريل مطران سمولينسك وكالينجراد,والمطران كليمنت مطران كالوغاو بوروخسك,والمطران فيلاريت مطران مينسك وسائر بيلوروسيا.
ومن الشروط الواجب توافرها في المرشح لكرسي البطريركية أن يكون من كبار الكهنة -أسقفا أو مطرانا- وأن لا يقل عمره عن أربعين عاما,وأن يكون من الحاصلين علي التعليم الكهنوتي العالي,ويتمتع بخبرة كافية في إدارة الإيبارشيات وبسمعة طيبة,وبثقة كبار الكهنة والقساوسة والشعب,وأن تكون لديه شهادة طيبة من الهيئات غير الكنسية التي يتعين علي البطريرك التعامل معها بحكم منصبه.
* فوز وانسحاب
بعد أن أعلن المجمع الكنسي اختيار المطارنة الثلاثة أعلن المطران فيلاريت انسحابه من انتخابات الكرسي البطريركي,وأصبح الاختيار قائما بين المطرانين كيريل وكليمنت,فتتابعت باقي خطوات الاختيار باجتماع المحفل الكنسي المحلي,والذي يعد أعلي سلطة تشريعية وإدارية وقضائية في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية,وعن طريق الاقتراع السري حصل المطران كيريل علي 508 أصوات والمطران كليمنت علي 169 صوتا بحضور 702من المقترعين وبلغ عدد البطاقات السليمة 677 بعد إلغاء 23بطاقة غير سليمة.
* كيريل يتولي المنصب
يتولي اليوم الأحد البطريرك كيريل منصبه وهو من مواليد 1946 بليننجراد,تخرج من الأكاديمية اللاهوتية قسم علم اللاهوت في 1970.
تولي كيريل عددا من المناصب الدينية فكان سكرتيرا شخصيا لمطران ليننجراد,وشغل منصب الرئاسة لعدة هيئات ومؤسسات لاهوتية مسيحية روسية ودولية,ومنذ عام 1989 أصبح رئيسا لقسم العلاقات الدولية لبطريركية موسكو وعضوا دائما في السنودس المقدس,وفي عام 1991سيم مطرانا لسمولينسك وكاليننجراد.
* ألكسي في قلوب الأرثوذكس
المؤكد أن البطريرك الراحل ألكسي الثاني سيبقي في قلوب الأرثوذكس الروس داخل روسيا وخارجها الذين سيذكرون له دوما أنه البطريرك الذي قام بالتوقيع علي اتفاقية توحيد الكنيسة في مايو .2007الأمر الذي وضع حدا للانقسام بين المواطنين الروس في روسيا وخارجها.
وفي قداس ذكري الأربعين علي رحيله يوم 13يناير الماضي والذي شارك فيه الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين.
قرر مجلس السنودس المقدس تخليد ذكره بإطلاق اسمه علي المكتبة العامة للمجلس الكنسي ويتم إنشاء جناح خاص عن حياة البطريرك في المتحف التابع لكاتدرائية المسيح المخلص بموسكو.
كما ستخصص جائزة تحمل اسم ألكسي الثاني للدارسين بالأكاديمية اللاهوتية الروسية.