أثار التقرير الأخير (حالة التسامح في الصحافة المصرية) لمركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف الذي حمل عنوان حرب البسوس حفيظة عدد من الصحف مما حدا بالقائمين عليها مهاجمة التقرير واتهام المركز بالعمالة.
التقرير الذي أشرف عليه الدكتور جمال عبد الجواد الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية رصد عدة انتهاكات منها التحامل والحط من الكرامة والتعصب والحض علي الكراهية والعنف والاستهزاء والتحريض وتشويه السمعة.أيضا رصد المشروع الأشكال والقوالب الصحفية التي تردد بها الانتهاكات….حول التقرير وردود الأفعال تجاهه وما يهدف إليه مركز الأندلس كمرصد إعلامي يعني بتقييم الممارسات الصحفية ومدي اتساقها مع مبادئ وقيم التعددية والتسامح ومناهضة العنف والتمييز استنادا لمبادئ ميثاق الشرف الصحفي والقانون المصري والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وباقي المواثيق الدولية…كان لوطني هذا الحوار مع أحمد سميح مدير المركز:
الغش والتزييف…
* لماذا ركزتم علي تحديد الانتهاكات في الصحف؟
* * الانتهاكات الصحفية التي تحدث من الصحف والصحفيين وتعتبر بمثابة كارثة لكثرتها,والمجلس الأعلي للصحافة لا يتعرض لكل هذه الانتهاكات,فهو يتعامل كما لو كان السائد هو أخلاقيات الصحفي في منتصف القرن العشرين أيام مصطفي وعلي أمين ومحمد التابعي وغيرهم وهو عصر قد يكون فيه قليل من الحرية الصحفية وكثير من الأخلاقيات الصحفية المهنية.
ونجد أن كثرة الخروج عن ميثاق الشرف الصحفي يرجع إلي ضعف الأداء المهني وعدم المواجهة والتصحيح لذلك كان علينا أن نواجه ونصحح كل ما يشوبه الغش والتزييف والكذب في الصحافة المصرية,فالدراسة فكرتها الأساسية النظر بنظارة متعمقة علي هذه المواد المغشوشة.
الهوية الصحفية
* هل الفكرة جديدة أم أنها استكمال لدراسات سابقة؟
* * الفكرة بالفعل وليدة ولم يتم تقليدها عن أحد ويظهر هذا من رد الفعل الثائر عليها والمتضررين منها والذي كان عنيفا جدا,فالصحفي ليس منزها عن الخطأ أو معصوما منه. لذلك نحن نبرز في دراستنا ضرورة حرص الصحفي أثناء ممارسة مهنته أن تحل هويته الصحفية محل كل الهويات الأخري,ولا يكون مجرد كاتب يعبر عن ذاته أو تستخدمه الجريدة ليعبر عن رؤيتها لا أكثر!
الفتنة…الفوضي…العمالة!
* هناك فكرة سائدة بأنك حاولت أن ترضي الصحف المستقلة علي حساب الصحف القومية؟
* * في البداية أحب أن أوضح أنه لم يحدث أننا حاولنا أن نرضي الصحف المستقلة علي حساب الصحف القومية أو حتي حاولنا أن نغضبها,لكن نتائج هذه الدراسة واضحة وصريحة وهي أن هناك بعض الصحف القومية اتهمت الصحف الخاصة بترويج الفتنة والعمل علي إشاعة الفوضي في المجتمع المصري بالإضافة إلي الاتهام بالعمالة وتحقيق أجندات خارجية.
ومن المعروف أن سوق الصحافة تتغير وتعمل علي كشف مكامن الفساد والدفاع عن المصلحة العامة وقضايا الناس وتحليل الظواهر السياسية والاجتماعية التي يعاني منها الناس ولا يملكون القدرة علي فهمها أو تحليلها أو معارضتها.
ومن مستخلصات هذه الدراسة نطالب نقابة الصحفيين بتفعيل دورها ومحاسبة أعضائها الخارجين عن مبادئ ميثاق الشرف الصحفي وأيضا الاهتمام بالبرامج التدريبية لشباب الصحفيين لرفع المستوي المهني لهم,لأن التدريب يعتبر بمنزلة استثمار في العنصر البشري.
المنهج البحثي…التمويل
* كيف تفند الاتهامات التي وجهت لكم بخصوص مصدر تمويل هذه الدراسة,وأن المنهج البحثي الذي اتبعته كان ينقصه البعد الأكاديمي بالإضافة إلي أن هيكل العاملين في المشروع ليس من أصحاب الخبرة؟
* * في البداية أحب أن أوضح أن هذه الاتهامات جاءت من الذين استاءوا من هذه الدراسة بعد أن أثبتت أنهم أكثر من يقومون بالانتهاكات,وللعلم المنهج البحثي لم أضعه لكن الذي وضعه لجنة استشارية مكونة من عدد من الخبراء في المجالات المعنية بهدف المشروع وموضوعه,ووضع الأسس والقواعد المنهجية لعملية الرصد وتحليل المواد الصحفية وتقييمها,ويشرف علي هذه اللجنة الدكتور جمال عبد الجواد المستشار الأكاديمي للمشروع وهو حاصل علي الدكتوراه في منهج تحليل المضمون ورئيس وحدة بحوث الرأي العام في مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية بالأهرام. أما الراصدون فهم مجموعة من الشباب المتعلم والمثقف وبعضهم حاصل علي دراسات عليا.
أما بخصوص إشكالية التمويل فقد استخدموا هذه الفكرة من أجل التشويش مع أننا نعلن بصراحة عن مصادر تمويلنا في هذا المشروع ومقدار الدعم الذي حصلنا عليه.
واعتقد أن هناك أجهزة أمنية متيقظة تماما لكل ما يحدث وتحاسب من يعمل ضد هذا البلد وإلا ما كنا نعمل حتي الآن.
ولا ننسي أن السوق الصحفية قاسية جدا فأنت تستطيع أن تكتب ما شئت ولكنك لا تستطيع أن تفرض علي القارئ أن يقرأ ما شئت. البعض يقرأ هذه الصحف ليري توجيهات الأشخاص الخاصة ومعرفة مصالحهم الشخصية الضيقة وهم يعتقدون أنهم يخدمون مصر وهذا غير صحيح,فنحن الذين نحترم المجتمع الصحفي المصري وما نقوم به هنا ليس لإعلان انتصار فريق علي فريق بل هي محاولة لمخاطبة الجميع وبشكل حيادي عن المشكلات التي تواجهنا وكيفية التعامل معها لننتج رأيا عاما غير متطرف ومستعد لتقبل الآخر.
والسوق الصحفية هي عزائي الوحيد فعندما تنفتح أسواق الصحافة وتدور المطابع وتنشر الصحف سوف نكتشف من الذي يستطيع أن يستمر ومن سيبتعد القراء عنه. فإذا كانت الدولة تدعم اليوم فلن تدعم غدا,ومن يعتقد أنه يفتح جيوبه وخزائنه ليشتري صحفا فهو خاطئ!.
الصحيفة خدمة ومسئولية
* ما تعليقك أن هناك بعض الصحف التي لم يصدر عنها أي تجاوزات صحفية؟
* * هذه الصحف عندما قررت أن تنشأ مثل وطني والخميس ومجلة الشباب قررت أن تخاطب القارئ وأن تعتمد علي الصراحة والحقيقة في كل ما تنشره,فالصحيفة هي خدمة مسئوليتها توجيه المجتمع نحو الرقي والتحاور عن طريق العقل ومواجهة الفكر بالفكر. والصحف التي نحن بصدد التحدث عنها تأتي بالمصداقية للقارئ ولا تضع آراء شخصية في قالب صحفي لتمرر للقارئ ما يشتريه بماله فيكتشف في النهاية إنه اشتري رأيا صحفيا. فالشعب المصري بفطنته وذكائه يستطيع أن يفرق بين الصحيفة التي تعمل من أجل مصلحته والتي تعمل من أجل مصالح أخري.
دور المجتمع المدني
* في رأيك كيف يمكن تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في رصد ومتابعة وتقييم الأداء الإعلامي؟
* * المجتمع المدني المصري لديه من القدرات والخبرات والإمكانيات بأن يقوم بما تقوم به مؤسسات إعلامية كبري لذلك فإن التشجيع والمساندة من العوامل الأساسية لتفعيل دور المجتمع المدني لتقييم الأداء الإعلامي فهناك صحفيون كتبوا مقالات في صحفهم تشجع وتشيد بهذه الدراسة حرب البسوس وهذا وسام علي صدري.
وهناك مؤسسات مجتمع مدني تستخدم ما تنشره الصحافة لتقييم مظاهر معينة في المجتمع وتصدر عنها دراسات ونداءات يحتذي بها في المجتمع,,كثيرون يعتقدون أن علي رأس هذه المؤسسات بطحة التمويل.. فهل تطوع أحد ليساعدنا؟ أولئك الذين هاجمونا لم يفكروا في الأمر وهو أن هناك مشكلة أقصد التجاوزات الصحفية ولكن تخيلوا أن هناك مؤامرة في صورة اتفاق بين مؤسسات المجتمع المدني والصحافة المستقلة لإحراج الصحف القومية أمام متخذي القرار. وهذا غير صحيح. والسؤال هنا هل يعرف متخذ القرار كل ما يحدث؟ وهل هو موافق علي هذا؟ أنا لا اعتقد.
صحافة البسوس
* لماذا اخترت حرب البسوس عنوانا للتقرير؟
* * حرب البسوس هي حرب تاريخية تنتمي إلي عصر الجاهلية استمرت قرابة أربعين عاما قامت علي السيف والثأر بين قبيلتين بسبب تافه وكانت هناك صعوبة شديدة في اختيار اسم يصف المشهد الصحفي اليوم الذي يشبه كثيرا هذه الحرب التي يعاني منها الكثيرون ويخسر فيها كل الأطراف…فالجاهلية هي السمة الأساسية فيها,وهي قائمة علي الثأر وقائمة علي أنك لا تقبل أبدا المختلف عنك. واعتقد لو أن هناك نجاحا لهذا التقرير فنصفه متوقف علي هذا الاسم حرب البسوس.
والمفاجأة إنه بعد انطلاق حرب البسوس وحدوث هذا الهجوم أعطونا مواد خاما كافية لإنتاج حرب البسوس رقم 2.