صحيح أن الدولار الأمريكي يتهاوى بسرعة، لكن تحرك أناند جي ماهيندرا أسرع منه. فبصفته رئيس مجلس إدارة شركة “ماهيندرا جروب” الهندية التي تبلغ قيمتها ستة بلايين دولار (وهي الشركة التي أطلقت في الهند سيارة “جيب” وتحتل اليوم المرتبة الأولى في السوق المحلية لسيارات الدفع الرباعي)، ينوي استغلال ضعف الدولار لشراء معامل إنتاج في أمريكا “متهاودة الأسعار”. خلال رحلة أجراها أخيرا إلى نيويورك، بهدف الاستثمار في مهرجان أفلام هندي، أسهب خريج كلية الأعمال في جامعة هارفارد، والبالغ من العمر 52 سنة، في كلامه عن الاقتصاد العالمي، وعن مشاريعه التوسعية الطموحة، مع زميلنا في نيوزويك فيبهوتي باتل، وهذه مقتطفات:
باتل: تتمتع الهند باقتصاد مزدهر، وبعملة قوية، وبسوق محلية ناشطة. هل ستبقى بالقوة نفسها في عام 2008؟
ماهيندرا: إن ما يقلقني حاليا ليس الهند، بل الاتجاه الذي يسلكه الاقتصاد العالمي. يقال إن الهند والصين ستقطعان علاقتهما وإن نموهما لن يكف عن التزايد باطراد. أنا لا أعتقد ذلك… نحن في حالة نشوة واغتباط بنمونا البالغ 8 إلى 9 بالمائة، لكن إذا تردى اقتصاد الولايات المتحدة بسبب أزمة سندات الدين العقاري غير المؤهلة، فكيف لنا أن نبقى معزولين عنه؟ إن الصين تعتمد أكثر على الغرب بسبب نمو صادراتها» أما اقتصادنا نحن فمركّز على السوق المحلية، لكن إذا تدهورت سوق الولايات المتحدة، فستتحسن قيمة الروبية. هذا أحد أكبر التهديدات التي يواجهها الاقتصاد الهندي.
هل تقلقك قوة الروبية؟
لقد تحسنت قيمتها بصورة سابقة لأوانها. نحن لا نزال بلدا فقيرا يتباهى بعملة متينة» كنا بحاجة إلى توفر الوقت حتى نزيد كمية صادراتنا، ونرفع درجة المنافسة، لا أن نجتاز كل ذلك مسبقا لمجرد تدفق الأموال إلى أسواقنا. لقد كانت قيمة العملات تتحسن في الماضي نتيجة تزايد الصادرات. كانت كمية الاحتياطي النقدي ترتفع، وكان ارتفاع قيمة العملة بالتالي دليلا على قوة في التجارة العالمية. أما اليوم فترتفع قيمة العملة لأن الأموال تتدفق على أمل استثمارها في المستقبل. لقد مررنا في مرحلة استغلال عملة منخفضة القيمة، فحصلنا على عملة ازدهرت قبل أوانها.
كيف يؤثر ذلك في امتلاكك شركات أخرى؟
إن امتلاك شركات أخرى يصبح أسهل… فأكبر فرصة بالنسبة إلى رجل أعمال هندي تكمن في شرائه أصولا إنتاجية في أمريكا التي ليست بلدا مصنعا» فصناعاتها ليست تنافسية، ومعاملها تغلق أبوابها، ومصانعها تنتقل إلى بلدان أجنبية. لكن الغريب في الأمر أن تراجع قيمة الدولار الأمريكي يجعل الولايات المتحدة تستعيد قدرتها على التنافس. فمع انخفاض قيمة العملة، تصبح الأصول الإنتاجية الأمريكية آيلة إلى التمتع بفرص ضخمة لتصدير منتجاتها من جديد. إن لعب الهند دورا على الصعيد العالمي لايكون عبر تصدير صناعاتها ـــ وذلك إلى أن يتبدل وضع عملتها ـــ بل عبر البحث عن أصول. سوف يعصف تسونامي من الاستثمارات في الأصول الإنتاجية الأمريكية.
هل تتبادر إلى ذهنك مدينة ديترويت؟
ليست ديترويت أفضل مكان بالضرورة، بل من الممكن أن تشهد نهضة. من يدري؟ لكن أمريكا سوق حرة» ولاياتها تغوي المستثمرين بسلات عروض على الضرائب. عندما أجرينا استثمارات في ولاية جورجيا، حصلنا على تخفيضات مذهلة في الضرائب.
ما هو، في رأيك، مستقبل سوق سيارات الدفع الرباعي في ظل المشاكل النفطية الحالية؟
السوق مشرعة الأبواب أمام سيارات الدفع الرباعي الهندية التي هي أصغر حجما ومدمجة أكثر من غيرها، وكذلك تلك العاملة بالديزل. الديزل وقود صديق للبيئة ــ والسيارات الحديثة ذات المحركات النظيفة العاملة بالديزل تقدم على الطرقات السريعة أداء أفضل من أداء السيارات الهجينة ــ هذا إن لم يكن محرك هذه الأخيرة ذا ثماني أسطوانات بشكل V. نحن نستعمل محركات ذات أربع أسطوانات تستهلك كمية أقل من الوقود. نحن أول شركة سيارات في آسيا، باستثناء اليابان، تصنع سيارة هجينة تسوقها في الولايات المتحدة. إن سيارات الدفع الرباعي رائجة المبيع لأنها تؤمّن عودة إلى القيم العائلية وإلى النزهات في العراء. إن ما نصنعه هو سيارات دفع رباعي لا تُشعر أصحابها بالذنب.
هل تحضر لمشاريع توسعية أخرى؟
نحن أكبر المتعاملين في مجال المشاركة الزمنية في الهند. إن شركة “كلوب ماهيندرا”، وهي جزء من قسم العقارات التابع لنا ـــ مع 22 منتجعا في أنحاء العالم ـــ ستُطرح في عام 2008 كإصدار جديد للأسهم. وبوجود عامل العملة، وتزايد نسبة الثراء والأوقات المخصصة للترفيه في الهند، تكون الشركة الأسرع نموا ضمن مجموعتنا. إن السياحة في الهند تحتل المركز الثاني في العالم خلف الصين. وبما أن الهنود يتآلفون مع أمريكا، آن الأوان للبحث عن أصول شركات ضيافة هنا. إن أمريكا اليوم أرض الفرص.
على الرغم من حالتها المتردية؟
أجل! فمع المشاكل التي تعانيها عملتها، ومع تدهور وضعها الاقتصادي، أصبحت أمريكا فجأة مكانا متهاود الأسعار للإنتاج. ومع تعامل الشركات الهندية مع شركات أجنبية، قد يؤدي ذلك إلى تجديد الاستثمارات في الأصول الإنتاجية الأمريكية المتردية الوضع، وبالتالي إلى هبوب عاصفة من الاستثمارات. هذه طريقة جيدة ليلعب الهنود دورا على الصعيد العالمي» أنا أنظر إلى أزمة سندات الدين العقاري غير المؤهلة من منظار رجل أعمال هندي.
هل تملك شركات في الصين أيضا؟
إن الصين أفضل ما عرفته الهند. لقد أصبح بوسعنا أن نقول اليوم لمسؤولينا السياسيين: “اسمعوا، هؤلاء منافسونا، وهذا هو ما يفعلونه. فلماذا لا نفعل الشيء نفسه؟” هذا أمر يحفز روحنا التنافسية. الصين هي المعيار» إنها تصبح مقياسا لكل شيء. كوننا البلد الذي اخترع اليوجا، وعلم تمديد العضلات، لم نعمل على تمديد مقدراتنا.
أنت الحفيد في أسرة ماهيندرا. ما هي صيغة الشركة العائلية لتكلل بالنجاح؟
نحن ندأب في الابتعاد عن الأضواء. الناس يجهلون حتى أن شركتنا عائلية. أنا أول فرد من الأسرة يعود إلى الشركة بصفة مدير تنفيذي (عام 1997). لقد وظفنا مديرين محترفين طوال 30 سنة. إن الممارسة المحترفة والاعتمادية والمبادئ الأخلاقية هي أبرز سماتنا. آمل أن يكون الأداء المالي الجيد قد أضيف إليها خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
النيوزوييك