إذ نحتفل بعيد القيامة المجيد نفرح بقيامة السيد المسيح ونفرح أيضا بالقيامة ذاتها, قيامة جميع البشر وما تحمله هذه القيامة من معان روحية عميقة ترفع من قيمة الإنسان وتظهر ما أعده الله لها من خير وضع في العالم الآخر.إذ قال السيد المسيح أنا ما ماض لأعد لكم مكانا وإن أعددت لكم مكانا آتي أيضا وآخذكم حتي حيث أكون أنا, تكونون أنتم أيضا(يو14:3,2). والقيامة تقيم توازنا روحيا في حياة كل إنسان إذ أن محصلة مايناله الإنسان علي الأرض وما يناله في السماء تشكل توازنا قوامه العدل فالذي لا يجد عدلا علي الأرض عزاؤه أن حقه محفوظ في السماء عند الرب الذي يحكم للمظلومين الذي لا يجد خيرا علي الأرض عزاؤه أنه سيجد كل الخير هناك, وإذ كان علي الأرض يتعذب فهو في السماء يتعزي.. ويتحقق حلم البشرية في وجود مجتمع بار كامل هناك فيمدينة الله مجتمع ينتهي فيه الصراع والشقاق ولا يوجد فيه خلاف ولا كراهية ولا أنانية ولا تنافس, مجتمع تسوده المحبة وتسوده القداسة, وفي القيامة يحيا الناس الحياة البسيطة البريئة ويكونون كما قال الكتاب المقدسكملائكة الله في السماء في القيامة ينتصر الأصيل علي الدخيل, ينتصر الحق علي الباطل لأن الحق هو الأقدم هو الأصل والباطل دخيل علي العالم,وفي القيامة تنتصر الحياة علي الموت لأن الحياة هي الأصل والموت دخيل, لذلك اشتاق القديسون إلي العالم الآخر, الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهد, الموضع الذي لا خطية فيه, بل يسوده المحبة والفرح والسلام والطهارة, حيث الخير فقط, وينتهي الشر نهائيا,لذا آمنت المسيحية أن الموت هو مجرد انتقال وأنه ربح وأنه أفضل جدا, ولم يعد يخشاه أحد لأنه الجسر الذي يوصل الإنسان إلي القيامة المفرحة, لذلك تردد الكنيسة علي أسماعنا في كل قداس قول الرسول لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالملأن العالم يمضي وشهوته معه, وليكن كل واحد أمينا في علاقته مع الله وفي علاقته مع الناس وفي واجبه نحو نفسه ونحو المحيطين به فيصنع خيرا نحو الكل وتكون له ذكري طيبة علي الأرض ومكافأة حسنة في السماء, فليعطنا الله أن نعيش في أفراح القيامة ولنعش في قوتها, ولننتصر علي الموت موت الخطية, حتي تقوم قيامة الأبرار, ببركة أبينا الطوباوي الأنبا تواضروس الثاني, تدبر حياتنا في المجد وحسب غناه ويعيننا علي خلاص نفوسنا, وكل عام وأنتم بخير.