إن حصاد السعادة قبل كل شئ هو عمل داخلي,إذا ليس من الضروري أن يكون الشخص الذي ينشر السعادة كوميديانا أو ذا روح مرحة,وهذا ما نلمسه في حياتنا اليومية عندما نتقابل مع نفوس صافية.وصامدة أيضا لا تتأثر بالمصائب التي تحل بها أو تجرح بسبب الصعوبات,ولكنها تتوهج من الداخل بسعادة عميقة,فالإنسان يولد سعيدا بفطرته,ما لم يترك نفسه فريسة للحزن والضجر.
فالسعادة تعكس حضور الله في حياة الإنسان وتؤثر علي كل من نتعامل معهم,لا نستطيع أن نتخيل معلما أو مسئولا يدعو تلاميذ ليتبعوه وهو عابس الوجه!كل هذا لا يمنع أن نصطدم بابتسامات مزيفة علي مدار حياتنا,ونجد منها أنواعا كثيرة مثل:ابتسامة المناسبات والمهنة والنفاق والتصنع والخداع والتعسف وابتسامة مرة وتهكمية ومهرجة واستخفاف واستهانة وفاضحة وساخرة وابتسامة شفاه وأخري باردة,كما توجد أيضا ابتسامة تهديد ووعيد وتخويف,كما يقول الشاعر والكاتب الكبير ويليام شكسبير:من الممكن أن نقتل شخصا بابتسامة. فالابتسامة ليست وليدة اللحظة,لذلك لا نخدع أنفسنا بأننا قادرون علي ارتجالها لأنها فن يجب أن نعيشه بداخلنا أولا حتي يظهر علي وجوهنا ويتطلب تخطي العقبات,ولا نبحث عن كتب أو مراجع أو روشتات تشرح لنا طرق وأساليب الابتسامة,فإذا أردنا أن نحصل علي ابتسامة صافية,يجب أن نتحلي بصفاء النفس والرضا بهبات الله,لأن الشخص الذي يشعر بمرارة في داخله يصعب عليه الابتسام,فالسعادة تحتاج إلي الابتسامة النابعة من البساطة والمحبة غير المحدودة,من يحب كثيرا,يبتسم تلقائيا وبكل سهولة,وتحتاج أيضا إلي إنكار الذات,لأن المتكبر لا يستطيع الابتسام,والسعادة تتطلب منا أن نتحمل مصابنا ونطفئ غمنا وكربنا,ولا نجعل أطماعنا تدوس الآخرين,ونتخلص من سخطنا علي الآخرين,ونتحرر من العبء الثقيل الذي يسحقنا وهوالأنا فالابتسامة لايتم تصنيعها في غرفة التجميل بتدليل أنفسنا والإعجاب بها أمام المرآة,لأن النتيجة الناجمة عن هذا ستكون القناع وليس الابتسسامة الصافية,لأن الابتسامة هي النور ذاته الذي ينبع من الداخل ويسطع علي الوجه وليست شيئا ملصقا عليه,إن نبع الابتسامة موجود في أعماق الإنسان .
إذا كل كلمة تخرج من أفواهنا يجب أن تحمل الابتسامة وتتعطر بعطرها,لأن الحقيقة جادة وباسمه في ذات الوقت, كما أنها تخاف من هول الملل والحزن.كان التلاميذ يرون المعلم دائما مسرورا,فاستقصوا عما إذا شعر يوما بالكآبة,وكانت الإجابة:قد شعر دون شكلكنهم اعترضوا قائلين إنه دائما ما يشاهد مسرورا,فكان الرد:هو كذلك فأرادوا معرفة السر في ذلك,فقال لهم:أصغوا جيدا:إن رأي الشخص بالشئ هو الذي يجعل هذا حسنا أور رديئا,فأن لم نجد السعادة في داخل أنفسنا,فمن العبث أن نبحث عنها في مكان آخر.
لاينكر أحد بأننا نتعرض للحظات كثيرة محملة بالحزن والهم,ولكن هذا لايمنع أن نتغلب عليها بالسعادة والابتسامة الصادقة التي تمحو الكآبة,لأننا نستطيع أن ننمو وننضج بفضل لحظات الحزن لأننا نشعر بالآخرين الذين يتألمون في الحياة,ونحمد الله دائما عما نناله من فرص السعادة,أما الفرح فيساعدنا علي الحماس والإبداع والعمل.فالابتسامة هي تعبير عن الحرية المكتسبة,بها نستطيع أن نلجم العظمة الزائفة ونسقط المنصات التي يحتفل عليها بالمظاهر الخادعة ونحد من معرض الغرور,كما نستطيع بابتسامة بسيطة نزع أقنعة كثيرة والتخلص من أسلحة مزيفة.ونختتم بكلمات المفكر الساخر جورج برنارد شو:السعادة كالثروة,ليس من حقك أن تتمتع بها دون أن تعمل من أجلها.