تجسد كلمة الله فى جسمنا البشرى و ما صاحبه من أحداث كان فى حد ذاتهاعلان إلهى مفعم بالرأفة و الحنان نحو جنسنا البشرى كما نصلى فى القداس (ظهرت لنا نحن الجلوس فى الظلمة و ظلال الموت بابنك الوحيد يسوع المسيح ربنا هذا الذى من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم).
الخالق يأخذ شكل المخلوق ! سيد الخليقة يتنازل مشاركا العبيد ! لم يطلب منا أن نشقى لأجله بل تحمل هو الشقاء ، نزل الينا حتى إلى مذود البهائم مضطجعا فيه.
فى تجسده ما جاء ليتوج ملكا مخدوما بل خادما يحملنا على منكبيه و فى أبوة حانية يغسل أقدامنا فلا يعد هناك حاجز يفصل بين المخلوق و الخالق الذى دعانا احباء “لا اعود اسميكم عبيدا … لكنى قد سميتكم احباء” (يو ١٥:١٥ ).
بتجسده جسد لنا كل حنان الله ، و صارت مشاعره المفعمة بالحب مرئية محسوسة ملموسة مدركة بالعيان “الذى سمعناه الذى رأيناه بعيوننا الذى شاهدناه و لمسته أيدينا من جهة كلمة الحيوة” ( ١يو ١:١).
عند قبر لعازر بكى على البشرية التى انتنت بموت الخطية و بكى على اورشليم التى تمثل كل نفس حكمت على ذاتها بالموت لما رفضت عمله فيها قائلا “انك لو علمت انت ايضا حتى فى يومك هذا ما هو لسلامك” ( لو ٤٢:١٩).
فى ميلاده فقيرا رفع صغر النفس عنا حين نشعر باللاقيمة و التيه وسط كبرياء العالم.
فى لقائه بأرملة نايين جسد لنا احساسه بأوجاعنا ، مع أنه هو الذي سمح بها لكنه “فى كل ضيقهم تضايق” (اش ٩:٦٣). و بالمثل ما يسمح به من أمراض شق طريقه وسط كل المرضى ليذهب إلى صغير النفس الذى ليس له انسان يلقيه فى البركة متى تحرك الماء ليخلصه من عقاب الخطية و غلبة المضاد.
أليست كل هذه الأحداث هى موضوع البشارة المفرحة التى كرز بها الرسل و الانجيليون لا لكى تبقى على مستوى الخبر و سرد أحداث عبر عليها ألفا عام و لكن لكى بيقين الإيمان و الرجاء تتحول هذه المعرفة الخبرية إلى معرفة اختبارية ، إلى حياة نعيشها كل يوم لأن”يسوع المسيح هو هو أمس و اليوم و الى الأبد” (عب ٨:١٣ ) “اطلبوا الرب مادام يوجد ادعوه و هو قريب” (اش ٦:٥٥ ).