قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(256)
عاشت مصر محنة عصيبة الأسبوع الماضي وهي تتابع تسجيل الفيديو الكريه الوقائع اصطفاف21من أبنائها الأقباط وهم مقتادون بواسطة جلاديهم الذين تجردوا من كل المعايير الإنسانية وقاموا بذبحهم وفصل رؤوسهم عن أجسادهم وإلقائها في البحر الذي كان شاطئه مسرح تلك الجريمة البشعة التي روعت كل من تابعها.
21شهيدا انضموا إلي شهداء مصر الأبرار في حربها ضد الإرهاب ليخلفوا وراء هم أسر ملتاعة مرتين:مرة لقدها زهرة شبابها سواء كانوا أبناء أو إخوة أو أزواجا أو آباء ومرة أخري لعجزها عن استعادة جثامين من فقدوهم بعد أن ألقت بهم أيادي الشر إلي البحر حيث تخضبت مياهه بدمائهم قبل أن تبتلعهم ليكون مثواهم الأخير…
ولا أحد يعرف هل يحتفظ البحر بالجثمان الطاهر لكل منهم أم يعود ليرده إلي الشاطئ؟
مشاعر لهفه ولوعة تمزق أسر الشهداء وتجعلني كلما فكرت فيها أبتهل إلي الله الذي سمح بهذه التجربة المؤلمة أن يتغمد الأسر بعزائه وسلامه.
لكن مصر لم تنم تلك الليلة المشئومة وأنهالت مشاعر المصريين وتعليقاتهم علي شتي وسائل الأعلام والفضائيات وشبكات التواصل تعبر عن الآتي:
**إذا كان الشر والإرهاب اللعين قد استهدف هؤلاء الأقباط بسبب قبطيتهم وقام بالتنكيل بهم بتلك الأساليب البربرية الحيوانية فإن المصيبة هي مصيبة مصر كلها التي روعت في أبنائها البررة وهم مصريون في الأساس بجانب كونهم أقباطا.
**مصر لن تنحني للإرهاب,ولن ترضخ له وستواصل حربها ضده حتي تقضي عليه تماما,ولن ينكسر المصريون أمام تلك الجريمة النكراء وبشاعتها المتناهية ,وترويعها للضمير الإنساني ومجافاتها لجميع الأديان.
**بينما مصر مستغرقة في حربها ضد الإرهاب الجاثم فوق أراضيها هاهي حلقة جديدة بائسة من حلقاته تأتيها من خارج أراضيها,وهي لم دون سابق إنذار,لأن استهداف المصريين-وخاصة الأقباط منهم-في ليبيا جاري وتتكرر مشاهده وجرائمه منذ مايقرب من عام مضي,وبالرغم من شهادات المراقبين والخبراء بأن الدولة في ليبيا غائبة والحكومة والبرلمان والجيش قبضتهم مهتزة علي مقاليد الأمور,إلا أن السلطات المصرية آثرت ضبط النفس وعدم التدخل فيما يمس شرعية السلطة الليبية قبل انفجار هذه الجريمة الأخيرة المروعة,أما الآن وبعدما حدث من ذبح وقتل 21مصريا وإلقاء جثثهم في البحر وما صاحب ذلك من تحدي الدولة المصرية من جانب الجلادين المجرمين,فلا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت علي ذلك.
**بلغت مشاعر الغضب والحنق والقهر مداها في قلوب المصريين,ولن يكفي أن تخرج عليهم السلطة بعد تلك الجريمة-سواء كان رئيس الجمهورية أوأي مسئول آخر-بالحديث المعهود عن الرفض والشجب والغضب مع تقديم التعازي لأسر الشهداء وإعلاء حالة الحداد الرسمي في البلاد…لا لم يعد هذا يكفي لامتصاص غضب المصريين ومشاعرهم المتأججة,لأن الخسارة ليست في الواحد والعشرين شهيدا فقط بل الأخطر منها أن هناك تعريضا بالدولة المصرية واستباحة واستهانة بالكرامة المصرية لايمكن أن يترك ليمر مرور الكرام.
تلك كانت ردود الأفعال ليلة الجريمة…ولا أخفيكم أنني كنت أشاركها كل تداعياتها وتفاصيلها التي نبعت من حس مصري وطني صادق وتعبر عن جرح عميق لكن دون انكسار وبرأس مرفوعة في إباء وإصرار علي المضي في الحرب علي الإرهاب وثقة مطلقة في القيادة المصرية وحكمتها…الحقيقة إني كتمت مشاعر قلق دفينة في عقلي وقلبي,إذ قرأت جيدا نفاذ صبر المصريين ورفضهم البات للتجرؤ علي مصر وكرامتها وومطالبتهم برد فعل سريع وقوي إزاء ماحدث,لكن في المقابل كنت أدرك أن أي تحرك عسكري للذود عن الكرامة المصرية وضرب الإرهاب خارج الأراضي المصرية ويتطلب إعدادا وتنسيقا وتخطيطا ووقتا خاصة وأنه تم الإعلان عن عقد رئيس الجمهورية اجتماعا طارئا لمجلس الدفاع الوطني وها هو الرئيس يخرج علي الشعب ليقول أن مصر تحتفظ بحقها في الرد بالأسلوب وفي التوقيت المناسبين…إذا لاينبغي أن نتوقع عملا فوريا سريعا…لكني عدت والقلق ويعتصرني أسال نفسي:وهل سيتفهم ذلك المصريون ويصيرون؟!!..لكن تجلت حكمة وبصيرة وقدرة واستعداد مصر ورئيسها وجيشها العظيم قبل فجر اليوم التالي مباشرة,وأسرع مما توقع أو تصور الجميع,وهب نسور الجو المصريون الأفذاذ ليكيلو ضربات ساحقة موجعة للإرهاب المتمركز علي الأراضي الليبية-بالتنسيق مع السلطة الليبية-وليرسلوا رسالة طمأنة للمصريين أن حقهم لم يهمل وكرامة مصر لن تهدر أبدا ورسالة قوية للعالم أن مصر ماضية بكل إصرار وثقة في حربها ضد الإرهاب وأن يدها طولي قادرة علي الوصول إليه وضربه في مقتل.
شكرا للرئيس السيسي الذي قالمايصحوش المصريين بكره إلا وحقهم راجع لهم..وشكرا لجيش مصر العظيم الذي استعاد هبية مصر وذار عن كرامتها..
وأخيرا فلنعرف جميعا أن حربنا ضد الإرهاب لم تنته ولكننا ماضين بكل ثقة فيها.