إنها معنى جميل وتعني الأخلاق الجميلة والجوانب الإنسانية الرفيعة عند الإنسان كالنخوة والشهامة والرجولة.. وهذا كله يعني كمال النضج النفسي والإنساني لدى المرء.. كمثل أبونا إبراهيم الذي كان خليلاً جداً.. ومثل موسى النبي الذي كان حليماً جداً.. ومثل يوسف النجار الذي كان باراً جداً.. ولماذا نجهل يوسف الرامي ونيقوديموس وموقفهما فيما صنعاه بجسد المصلوب رب المجد..
ولا نستطيع أن ننكر أن المروءة مشاعر خير وعمل خير، قد يقابله تحديات وصعوبات.. لذا يسعى صاحب المروءة دائماً من تذليل هذه المعوقات لأداء ما يبغيه من خير أو موقف حكيم أو حد فاصل أو الوقوف بجوار الحق أو مواجهة الظلم..
وصاحب المروءة له من الصفات التي تجمله وتجعله نوراً للآخرين، فهو متواضع عزيز النفس ومسالم وحكيم وله رؤية في الأمور الجارية.. صانع السلام بين الناس وطاهر النفس وعفيف ويمد يده للجميع ويكره الأنانية والتعالي ويشجع صغار النفوس ومتميز بسلوكه وتصرفه..
يا لمروءة السيد المسيح عندما يخاطب الأبناء بقوله: “كنت جوعان.. عطشان.. عريان.. مريض.. محبوس اتيتم إلى لأنه ما فعلتم بأحد هؤلاء الأصاغر فبي أنا أيضا قد فعلتم” !! فكيف وهو الغني المشبع والمعطي جميع الخيرات يضع نفسه مكان هؤلاء الصغار ويشكر ويكافئ من أعطاهم.. إنها شكلاً من أشكال المروءة التي لم نسمع بها قط على مر التاريخ الإنساني..
وغير ذلك من مروءة تتدفق من جوانبه الإلهية عندما يأمر تلميذه أن يسامح أخيه سبعين مرة سبع مرات (متى ١٨).. أليس هو المسيح صاحب المروءة التي عاتب اليهود ضمن من عاتبهم في أهمية إكرام الوالدين وأعاد على مسامعهم وصية الله “أكرم أباك وأمك” أليس هو المسيح الذي عاتب كل من يجني على الآخر بقوله: “اخرج أولاً الخشبة التي في عينيك وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك” (متى ٧).. أليس هو الذي قال: “من أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن آخر الكل” (مر٩)
ومن ضمن ما ذكر من قصص المروءة وسط البشر، نذكر مروءة الأب فالنتاين بروما الذي ظل يدور على المقبوض عليهم في السجون يشجعهم وقت الاضطهاد ويذهب ليزور ابناءهم في البيوت ويساعد الفقراء رغم ما لاقاه من ضرب وسجن وتعذيب وملاحقة له من السلطات الرومانية ولكنه كان ذو مروءة عالية فترك لنا مثالاً طيباً.