إن مريم العذراء تهتم بالمتعبدين لها، وتهرع لمساعدتهم ونجدتهم في مختلف إحتياجاتهم روحية كانت أم زمنية، وتسهر عليهم وتحافظ عليهم .
يروي لنا الإنجيل المُقدّس حادثة تظهر لنا اهتمام مريم الوالدي، وذلك في عرس قانا الجليل، إذ كانت مريم حاضرة هناك، ثم جاء يسوع يتبعه تلاميذه وكان ذلك في مطلع حياته العلنية .
وقد لاحظت مريم إرتباك أهل العرس ” لأنّ الخمر قد نفدَتِ ” ( يوحنا ٢ : ٣ ) .
حزنت مريم الأُمّ الحنونة لحال العروسين وأرادت أن تفعل شيئاً لهما، فبادرت إلى يسوع ودنت منه هامسة بكلمات أعربت له فيها عن ضيقة أهل العرس وحاجتهم الماسة، حركت شفقته، مستنجدة قدرته بقولها: ” ليس عندهم خمر ” ( يوحنا ٢ : ٣ ) .
فأجاب يسوع : ” مالي وما لكِ أيّتُها المرأة ؟ لم تأتِ ساعتي بعد ” ( يوحنا ٢ : ٤ ) .
لكن مريم كانت واثقة من أنّ إبنها سيُلبيّ طلبها، لذلك التفتت إلى الخدم وقالت لهم: ” مهما قال لكم فافعلوه ” ( يوحنا ٢ : ٥ ) .
لقد حقّقَ يسوع أُمنيتها فحوّل الماء إلى خمر مُعبِّراً عن محبتهِ وإحترامهِ الفائق لأُمِّهِ .
وهذه أول معجزة أتى بها يسوع في قانا الجليل في بدء حياته الرسولية، وقد جاءت تلبية لطلب أُمّه لا من شخص آخر .
ويضيف الإنجيل أنّ هذه الاعجوبة ثبّتت إيمان التلاميذ بيسوع وأعمالهِ وتعاليمهِ .
وهذا يعني أنّ إهتمام مريم بنا يقوي إيماننا ويزيد من تعلّقنا بيسوع إبنها الفادي .
وإذا كانت مريم قد تدّخلت لحل مشكلة آنية وحاجة مادية عابرة في قانا الجليل، فكيف لاتتشفع من أجلنا نحن البشر في حاجاتنا الروحية والزمنية ومن أجل خلاصنا ؟
فلا تُهملينا يا حنونة ، يا مملؤة كلّ نِعمة ، بل خلّصي عبيدكِ أجمعين ، لنشكُركِ لدَهرِ الداهرين .