تحت رعاية صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيّة وشريكه في الخدمة الرسوليّة نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسية،
نظم المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي الجمعة ٢٧ مارس ٢٠١٥ م ندوة ثقافية بعنوان “كيف أعدت الديانة المصرية القديمة الطريق للمسيحية”
وحاضر في هذه الندوة الأستاذ الدكتور / اشرف ألكسندر صادق – أستاذ بجامعة ليموج بفرنسا، وعالم مصريات، قبطيات وآثار الكتاب المقدس.
وقد أهدى الدكتور أشرف الكسندر المحاضرة إلى روح المتنيح نيافة الأنبا يؤنس اسقف الغربية وسكرتير المجمع المقدس، واثنى الدكتور أشرف على شخصية المصري القديم الذي آمن بوجود الله، فشعب مصر يعتبر هو أول من آمن بوجود الله الواحد وبرسالة المسيحية لأنه اجتاز اختبارات وتدريبات وفلسفات جعلته على استعداد كامل لقبول الخلاص ومعرفة الله الحقيقي.
لقد أمن المصري القديم بوجود الله وكان يعتبره أحياناً مجموعة من الألهة لكل واحد اهتمام خاص فى حياة الانسان (إله الحب- إله الحصاد – إله الجمال – إله القوة ) واحياناً مجموعة من الصفات أو هي قوة إلهية تجتمع في إله واحد (الخير- العطاء – العدل – الحب ) واحياناً كان يعترف بإله واحد خالق السموات والأرض وكل كائن.
ويقول الدكتور صادق: “وكان لي الحظ شخصياً أن أترجم عشرات النصوص الهيروغليفية والهيراطيقية، والحقيقة أن الشعب المصري يعتبر أول من أمن بالله الواحد وبرسالة المسيحية لأنه اجتاز اختبارات وتدريبات وفلسفات جعلته على استعداد كامل لقبول الخلاص ومعرفة الله الحقيقية”
الله لم يترك نفسه بلا شاهد في كل العصور (أع 14: 16) وأوضح اشرف أن هناك بعض الشواهد المصرية القديمة التي تؤيد ذلك، ونذكر منها: “أنا هو خيري الكائن الأزلي – فعل الكينونة الاله الخالق نفسه – رب السموات والأرض”
وأيضا تسبحة 2000 ق.م التي نصها: “كل الناس وكل الخليقة تعبدك والتسبيح يرتفع إليك حتى إلى أعلى السموات من كل مكان على اتساع الأرض ومن أعماق مياه البحار، انت واحد مطلق (احد) ليس لك ثان (شريك) انت زو الأسماء المتعددة والتي لاتحصى”
وكذلك تسبحة لأمون رع: “أي ذات لها صفات متعددة بأسماء تسمى ألهة”
وقد ظهرت الكثير من النظريات الدينية فى مصر القديمة (الفرعونية ) منذ الأسرات الأولى والتي تتحدث عن عظمة ومقدرة الإله الذي يحكم الكون، ومن النصوص أيضا التي وضحت ذلك، النص القديم (انا هو اتوم خيرى) أي القديم والحالي الذي اوجد نفسه والذي يقابله فى الكتاب المقدس في (سفر الخروج 4:3) “الله انا هو” وفي (سفرالرؤيا 8:1) “انا هو الالف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذى كان والذى ياتى القادر على كل شئ”
وفي مصر القديمة في معظم العصور الإله هو آمون أي الخفي الذي لا يرى، ولنقارن هنا أيضا كلام (يوحنا 18:1) نجد “الله لم يراه احد قط”.
ونجد أيضا تسبحة الفرعوني القديم كما وردت في النصوص: “خلقت الحشائش لتحيا الماشية، الزرع للانسان، خلقت السمك ليحيا في المياه والطيور في السماء، تسبحك كل شعوب الأرض إلى أعالي السموات وإلى اقاصي الأرض وإلى أعماق البحر الأخضر العظيم” (والمقصود هنا البحر الأحمر حيث اذا شاهدت البحر الاحمر من أعلى تجد لونة اخضر)
وأيضا النص الذي يقول: “كنت انسان جاهلاً وغبياً لا أعرف الخير من الشر فقد تورطت في الخطية أمام العالي ولكنه اعطاني درساً وجازاني على خطاياي ثم جاء إلي بحنان مثل ريح نسمة رقيقة وقد صنع معي رحمة بعد ان ارانى قوته” وهنا فلنقارن هذا مع ما جاء في (مزمور73: 21-26) “لانه تمرمر قلبي وانتخست في كليتي وانا بليد ولا اعرف سرت كبهيم عندك ولكنى دائما معك امسكت بيدى اليمنى برايك تهدينى وبعد الى مجد تاخذنى من لى فى السماء ومعك لا اريد شئ فى الارض قد فنى لحمى وقلبى صخرة قلبى ونصيبى اللة الى الدهر”
وتوجد أيضا صلاة آمون والتي يقال فيها: “هو الذي يقتات من ليس له خبز ويطعم خادم بيته لا اتخز احد النبلاء ليحامى عنى ولا التصق فى رجل غنى ولا ائتمن غريب على نفسى ثروتى فى يد ربى الرب راعى (حامى) اعرف قوته هكذا المخلص (المنقذ) بيد عالية (قوية) هو وحدة القوى – امون الذى يعرف الرحمة والذى يستجيب لمن يدعوه” قارن هذه الصلاة بما جاء في (مزمور 23 ) “الرب راعى فلا يعوزنى شء فى مراعى خضرة يربضنى الى مياه الراحة يوردنى يرد نفسى يهدنى الى سبل البر من اجل اسمه” وأيضا “اذا سرت فى وادى ظل الموت لااخاف شرا لانك انت معى”
في كل تلك الكلمات تجد نفس الروح والمعاني التي تدل على إيمان المصري القديم بالإله.
ويضيف الدكتور أشرف أن المصري القديم كان مستعد لقبول الإله الذي يعمل علاقة حب مع الناس (عهد)
ومع دخول المسيحية مصر اكتشف المصريون هذا الإله محب البشر حتى وهو مثلث الأقانيم (سر أسرار اللاهوت) الأب والإبن والروح القدس. وقد تدرب المصريون على معرفة الثالوث في معظم نظرياتهم اللاهوتية مثل (أمون- موت – خونسو) و(بتاح – سخمت- نفرتوم) و(اوزير- ايزيس- حورس ) وكل واحد في الثالوث له عمل ليس تماماً مثل مأوجد في المسيحية ولكنها عملية تقربية.
فمثلاً: اوزير هو إله الأبدية – وايزيس الرحمة والامومة – وحورس الإبن الوريث مع ابيه ومنتقم لأبيه من إله الشر ست. ايزيس شبيهة بام الله هكذا كتب اسمها ايزيس العظيمة أي الالة على اناء كبيرة جدا، ونجد أن المسيحية تركز في اسفار العهد الجديد بكثرة على الثالوث المقدس (البارقليت) “الذي يرسله الأب باسمى فهو يعلمكم كل شئ” (يو26:14)
هذا السر الأبدي عن الثالوث ولو انه غير كامل الفهم ساعدهم على معرفة الثالوث القدوس الحقيقي فى تقبلهم للمسيحية، مع العلم أن اليهود انفسهم لم يفهموه رغم كثرة الايحاء إليه فى اسفار العهد القديم.
واشار الدكتور اشرف لإيمان المصريين بالقيامة والحياة والأبدية حتى أنهم لم يعرفوها بتفاصيلها الإنجيلية ولكنهم كانوا (دائمون)الاستعداد ولذلك كانو يقومون بحفظ الأجساد للقيامة وكأنهم يقرأون في كتاب موسى فى أمر العليقة كيف كلمه الله قائلاً: “انا إله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب .ليس الله إله أموات بل إله أحياء.” (مر 12: 26، 27)
وكذلك نص الكتاب المقدس “وجاء إليه قوم من الصدوقيين الذين يقولون ليس قيامة” (مر18:12)
وأيضا النص الذي يقول: “إن كان المسيح يكرز به أنه قام من الأموات فكيف يقول قوم بينكم أن ليس قيامة أموات – فان لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام”
واستعرض الدكتور اشرف بعض نصوص الصلوات من مصر القديمة مثل صلاة موجهة إلى أمون: “اسرع إلى يا أمون واشملني برحمتك اجعلني أرى جمال طلعتك وجهك يا أمون مبهر ويبهر كل الأرض لقد جئت إلى طيبة أقبل إلى يا أمون ولاتهملني فعندما تمد زراعك لتشديد الضعيف فانك تعطيه قوة فوق قوة”
وفى ختام المحاضرة استعرض الدكتور أشرف العديد من الصور التي تثبت أن المصري القديم كان متدين بطبعه يتطلع في كل أمور حياته للخالق الإله القوي الذي ينير على الجميع بنوره. منها صورة المصري القديم وهو يصلي ومعابده وتماثيله والطقوس المختلفة عند الفراعنة والصحراء التي شكلت الكثير في تكوين المصري القديم.
وعقب انتهاء الندوة كرم المركز الأمهات المصريات المثاليات، من مختلف المحافظات
وأعرب الأنبا إرميا، عن سعادته بهذه الاحتفالية لتكريم الأمهات اللاتي تحملن الظروف الصعبة لتربية أبنائهن
واثنى نيافته على الدور العظيم للأم وماتتحمله من أجل تربية ابنائها
كما قال نيافته إذا اردت أن تنهض بفرد فعلمه واذا اردت ان تنهض بأمة فعلم إمرأة ومدح نيافته المكرمات وقال إن المكرمات غالبيتهن من السيدات الأرامل اللاتي كافحن وعملن حتى أصبح أبنائهن من الشخصيات المرموقة من أساتذة الجامعات
كما منح نيافة الانبا إرميا درع المركز الثقافى القبطى الارثوذكسى لمسئولة الموارد بمستشفى 57 لسرطان الاطفال ومدير دار الكتاب المقدس لدورهم ومجهودتهم .