بدأت المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، المحاكمة في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم علي كوشيب، أمام الدائرة الابتدائية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، المؤلفة من القاضية جوانا كورنر، رئيسة هيئة المحكمة، والقاضية رين ألابيني-جانسو والقاضية ألثيا فيوليت أليكسيس وندسور.
وجهت المحكمة 31 تهمة إلى عبد الرحمن، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تم ارتكابها في دارفور، السودان، بين أغسطس 2003 وأبريل 2004 على الأقل. وعلي، أحد كبار قادة الجنجويد، المشتبه بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور بغرب السودان في الفترة الممتدة من أغسطس 2003 إلى مارس 2004، الإثنين، أمام المحكمة الجنائية الدولية.
بعد فرار دام عقداً كاملاًـ من المحكمة الجنائية الدولية، سلم كوشيب نفسه، ناكراً كل التهم الموجهة اليه، ونُقل ُعلي كوشيب إلى عُهدة المحكمة الجنائية الدولية في 9 يونيو 2020، بعد أن سلم نفسه طواعية في جمهورية أفريقيا الوسطى. ومثل أمام المحكمة الجنائية الدولية مثولا أولياً في 15 يونيو 2020.وعُقدت جلسة اعتماد التهم أمام الدائرة التمهيدية الثانية في الفترة من 24 إلى 26 مايو 2021.، وفي 9 يوليو 2021، أصدرت الدائرة التمهيدية الثانية بالإجماع قرارا يعتمد جميع التهم التي وجهها المدعي العام إلى عبد الرحمن، وأحالته إلى المحاكمة أمام دائرة ابتدائية.
وتتضمن التهم الإحدى والثلاثين الموجهة لكوشيب تعمدُ توجيه الهجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم تلك، باعتباره جريمة حرب؛ والقتل العمد الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب؛ وجريمة الحرب المتمثلة في النهب؛ وجريمة الحرب المتمثلة في تدمير ممتلكات العدو؛ والأفعال اللاإنسانية الأخرى التي تشكل جريمة ضد الإنسانية؛ وجريمة الحرب المتمثلة في الاعتداء على الكرامة الشخصية؛ والاغتصاب باعتباره جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب؛ والنقل القسري الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية؛ والاضطهاد الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية؛ والتعذيب الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب؛ وجريمة الحرب المتمثلة في المعاملة القاسية؛ والشروع في القتل العمد الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب.
هذا وقد رحب النازحون واللاجئون وهيئة محامي دارفور في بيانات منفصلة ببدء إجراءات محاكمة علي كوشيب أمام الدائرة الأولى بمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وطالبوا في بياناتهم بتسليم بقية المطلوبين للعدالة الدولية. وجددت هيئة محامي دارفور في بيان لها ترحيبها بمواصلة إجراءات محاكمة كوشيب وطالبت النظام الحاكم بالسودان بالتعاون والتسليم الفوري لشركائه المطلوبين لدى المحكمة وهم المخلوع عمر البشير وعبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون، وأعلنت الهيئة في بيانها عن تنظيم عدة ورش تثقيفية عن المحكمة ومحاكمة كوشيب بمشاركة مُسهلين من المحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية، يواجه عبد الرحمن المعروف بـ “علي كوشيب” والذي يعد “الصندوق الأسود لحرب دارفور”، 31 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
ويعتبر كوشيب البالغ من العمر 64 عاما، من المقربين سابقاً من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، وهو أول شخص يواجه اتهامات أمام الهيئة المختصة بالتحقيق في النزاع الدامي. كان علي كوشيب يعرف بالـ كولونيل وكان نشطًا في وادي صالح، غرب دارفور، كما كان أبرز زعماء “ميليشيات الجنجويد” التي دعتمها الحكومة السودانية في دارفور، ويعتبر البعض أن كوشيب كان حلقة الوصل بين الحكومة والجنجويد، واتهم أيضا بـ “المشاركة بشكل شخصي في الهجمات ضد المدنيين في مدن كودوم وبنديسي ومكجار وأراوالا والمناطق المحيطة بها بين أغسطس 2003 ومارس 2004″، وزُعم أنه “جند مقاتلين مسلحين ومولوا وقدموا الغذاء والإمدادات الأخرى لميليشيا الجنجويد تحت قيادته”.
وفي أول تعليق عقب انتهاء الجلسة، قال مدعون “ارتكب أحد قادة ميليشيا الجنجويد في السودان شخصيا جرائم قتل في دارفور”.
وقالت فاتو بنسودا، المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية لهيئة المحكمة في لاهاي، كان “مخيفا ومبجلا بنفس القدر كجنرال الجنرالات، وكان قائدًا بارزًا لميليشيا الجنجويد سيئة السمعة”، وتابعت “تشير الأدلة إلى أن عبد الرحمن كان مرتكبا لهذه الجرائم على دراية ورغبة وحيوية. ولعب دورا حاسما حيث قاد الهجمات وارتكب جرائم قتل وأمر بارتكاب جرائم قتل أخرى”.
وقالت بنسودا إنّ “المدنيين تعرضوا للهجمات والاغتصاب والقتل. تم تدمير منازلهم وقراهم وتم ترحيل الآلاف بالقوة”، وأضافت أنّ العديد من السكان فروا لمدن أكبر في منطقتي موكجار ودليج بحثا عن الحماية، لكنّ “عوضا عن إيجاد الحماية، اوقف واحتجز واعتقل المدنيون” في بداية 2004، وتابعت “تم شحن الرجال في مركبات واقتيدوا لمسافة قصيرة حيث تم إعدامهم بدم بارد. وكان عبد الرحمن حاضرا وشارك في شكل مباشر في هذه الجرائم القاسية”.
ومن المقرر أن تستمر جلسة إقرار التهم بحق المتهم المعروف باسم “علي كوشيب”، حتى الثلاثاء المقبل الموافق 12 ابريل.
قصة كوشيب
أسفر النزاع في إقليم دارفور بغرب السودان منذ العام 2003 عن نحو 300 ألف قتيل وشرد 2.5 مليون آخرين، أغلبهم خلال سنوات النزاع الأولى.واندلعت الحرب في دارفور عام 2003 عندما حملت مجموعات تنتمي إلى أقليات إفريقية السلاح ضد حكومة البشير التي ناصرها العرب بدعوى تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا.وردت حكومة البشير بتكوين ميليشيات من القبائل هيمن عليها العرب لوأد انتفاضة الأفارقة.
وحكم البشير السودان بقبضة من حديد لنحو ثلاثين عاما قبل أن تطيح به احتجاجات واسعة استمرت شهوراً في ابريل 2019. كان خلالها كوشيب يرتكب جرائم حرب في جنوب السودان دارفور. ومنذ الإطاحة بنظام البشير، يقبع الرئيس السابق مع وزير الدفاع السابق ووزير الداخلية في سجن كوبر في الخرطوم.ولا تزال الحكومة الانتقالية في السودان تجري مباحثات مع المحكمة الجنائية حول خيارات محاكمة البشير ومساعديه.
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق علي كوشيب في 27 أبريل 2007، متهمة إياه بـ 504 اغتيال، و 20 اغتصاباً، وتشريد 41 ألف شخص قسراً.وفي أبريل 2008، أُطلق سراحه من الحجز السوداني. وبحسب تقارير إخبارية في أكتوبر 2008 ، أعادت السلطات السودانية القبض على كوشيب، الى أن قام بتسليم نفسه، ويعتبر كوشيب المتهم الرابع في قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية بعد الرئيس السوداني السابق عمر البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم حسين ووزير الداخلية حينذاك ووالي شمال كردفان السابق أحمد محمد هارون.
بعد جلسات الاستماع للتهم في الدائرة الابتدائية الأولى والتي أنكرها كوشيب، انعقدت الجلسة الثانية اليوم الاربعاء، للاستماع الشاهد الأول أليكس دي وال، الخبير المشترك في مكتب المدعي العام والمدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي، ليعطي لمحة عامة عن الأحداث ذات الصلة التي وقعت قبل وأثناء النزاع المسلح في دارفور في 2003-2004 وأسباب النزاع المسلح في دارفور والعلاقة بين ميليشيا الجنجويد وقوات حكومة السودان خلال النزاع ورد مسؤولي الحكومة السودانية وقوات الحكومة السودانية على الهجمات التي شنتها الحركات المسلحة في دارفور، ومن المتوقع كذلك أن تضم شهادته وصفا للأفراد والجماعات المعروفة باسم الجنجويد بما في ذلك أصولهم وتكوينهم وقادتهم الرئيسيين والقبائل المساهمة في عضويتهم وهياكلهم التنفيذية ودورهم وتأثير النزاع المسلح على المدنيين.
عقد المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم أسد خان، مؤتمرا صحفياً بقاعة الإعلام في المحكمة بمناسبة بدء محاكمات المطلوبين لدى الجنائية بالإحالة من مجلس الأمن، وأشار إلى صعوبة انعقاد المحاكم بالقرب من السودان منطقة الأحداث نسبة لصعوبة حماية الشهود، بالرغم من نص ميثاق روما الأساسي على ذلك، وفي حديثه عن محاكمة البشير قال خان إن الأيام تحمل الكثير وبأنهم لم يتوقعوا مثول كوشيب أمام الجنائية قبل أعوام مما يصدر الأمل باقتراب محاكمة البشير.
وأوضح أسد أنهم حاولوا عقد مذكرة تفاهم مع حكومة السودان معتبرا أن التعاون بين المحكمة والحكومة أمرا ضروريا ويمثل تحديا للأطراف، وأشار إلى التحسن في العلاقة مع حكومة السودان مدللا على ذلك بزيارته للبلاد في العام الماضي، مشددا على تحسين التعاون مع الحكومة ببناء الثقة مع الأطراف المشتركة، وأضاف :”السير نحو العدالة ليس سيرا في طريق معبدة ويمكن ان نتعثر وما يبقي الامل هو أن رغم العقبات التي توضع علي الطريق، جاء هذا اليوم وبعض المخيمات الان تتابع التلفاز بكل حرص وهم بإثنياتهم فور او مساليت تم تجريدهم من انسانيتهم، نؤكد لهم أن العالم لن ينساكم وانتهباهنا لا ينتقي الناس”.
وكشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن جمع الأدلة بخصوص قضايا دارفور تم بطريقة تقليدية من الميدان وبواسطة خبراء وناشطين، لافتا إلى صعوبة العودة لتلك المناطق التي تعتبر مسرحا للجريمة وتنقطع فيها الاتصالات وسبل التواصل، وبين أن القضية تم بنائها على آفادات شهود وضحايا من تلك المناطق، وختم حديثه بأن الجرائم ضد الحرب لا تسقط بالتقادم ويمكن تحقيق العدالة فيها وانتصار كرامة الإنسان، مؤكدا أن المسؤولية مشتركة بين المحكمة الجنائية وكل ناشطي حقوق الإنسان وراصدي الانتهاكات لضمان الوصول للعدالة للضحايا والمجني عليهم من أهالي دارفور.
الجدير بالذكر أن المحاكمة بدأت بقراءة التهم الموجهة إلى السيد عبد الرحمن. واقتنعت الدائرة بأن المتهم يفهم طبيعة التهم الموجهة إليه. ويدفع المتهم ببراءته من جميع التهم الموجهة إليه. ويمثل السيد عبد الرحمن المستشار الرئيسي سيريل لاوتشي والمستشار المساعد إيان إدواردز.
وأدلى كل من المدعي العام للمحكمة كريم خان، وكبير محامي المحاكمة جوليان نيكولز، بالبيانات الافتتاحية.
وأعقب ذلك بيان قصير من المتهم، بدون أن يحلف القَسَم، وملاحظة قصيرة قدمها الممثلان القانونيان للضحايا، المحاميان ناتالي فون ويستنغهاوزن، وناصر محمد أمين عبد الله.