تعتبر كنيستنا الصوم المقدس فترة انسحاق وتوبة، وتعلمنا الكنيسة أن اعترافنا بالخطية هو علامة صدق توبتنا، ولكن الكنيسة وكتابنا المقدس يعلمنا أيضا في حكمة أن هناك من يعترفون وقلبهم مفعم بمشاعر توبة حقيقية مثل داود النبي والمرأة الخاطئة واللص اليمين وزكا، بينما هناك من يعترفون وقلبهم لا يحمل أية مشاعر توبة حقيقية !!
قايين قال “ذنبي أكثر من أن يحتمل” (تك 4 :13) ولكن قلبه ملئه الحقد، وفرعون قال “اخطأت إلى الرب” لكن قلبه امتلأ عنادا وتجبر (خر10: 16)، وعخان ابن كرمي قال “قد اخطأت ” (يش 7 : 20 ) ولكن قلبه بقى فيه محبة القنية، ويهوذا اعترف انه سلم دماً بريئًا، لكن قلبه ملأه اليأس، وكثيرين قد يتقدمون للاعتراف ولكن قلبهم لا يحمل مشاعر ندم حقيقية، فالإقرار بالخطأ دون مشاعر ندامة وتوبة لا ينفع شيئا.
اكثر الأمور التي تعطل التوبة الحقيقية هو شعور الانسان ببره الذاتي وإلتماسه الأعذار لنفسه، فهوذا أيوب البار يقول عن نفسه ” في علمك اني لست مذنباً ” (اي10: 7)، كذلك بلعام أيضا حسب نفسه من الابرار (عد 23 :10) , وداود النبي بقي فترة غير شاعر بخطيته إلى أن اتاه ناثان النبي (2 صم 12 :7 )
بر الانسان لا ينفعه شيئا إن دخلت الخطية إلى داخل قلبه. لذلك في فترة الصوم المقدس نحتاج أن نفحص ذواتنا جيداً ونتوب توبة صادقة بقلب نادم على الخطية، لذلك في كل مرة تعترف فيها احرص أن:
– تدخل إلى مخدعك وتفحص نفسك أمام الله اركع أمامه واطلب: “امتحني يا رب واعرف قلبي” (مز139 : 23)
– تهدأ مع نفسك وتعترف أمام ذاتك أنك قد اخطأت فالابن الشاطر جلس مع نفسه واعترف أمام ذاته وقال: “اني قد اخطأت.”
– تذهب إلى أبيك الروحي والخجل يغطيك ليس الخجل الذي يجعلك تخفي خطاياك بل الخجل الذي يدفعك أن لا تعود للخطية مرة أخرى.
– تذهب لمن اسأت إليهم دون أن يمنعك كبريائك وتعتذر بحكمة أنك قد أعثرتهم.
عندما تلتزم بهذه الأمور ستدرك مسؤليات وتبعات الخطية فتتجنبها من البداية، لأنك أمام الله ستشعر كم احزنته، وأمام نفسك ستدرك كيف تنازلت عن رتبتك الأولى وأمام الكاهن ستشعر بالخجل وأما اخيك ستعرف كم تعديت عليه.
في جهادك هذا ضد الخطية لا تضعف ولا تنس ان نعمة الله لابد ستسندك، فالتوبة في حياتك لابد أن تكون عمل دائم ومتجدد وضروري لأبديتك.. فلا تفقدها.