الأباناهي صلاة يسوع إلي أبيه,هي صلاة التلاميذ,هي صلاة الجماعة الأولي في الكنيسة,وهي أخيرا ولكن أولا صلاة الكنيسة كلها علي مدي الأجيال.
أبانا:يسوع يعلمنا أن نصلي جماعيا.لا يوجد مقطع فيالأبانابصيغة المفرد أبدا.إننا هنا لا نتوجه إلي الله فقط بل ينبغي إن ننفتح علي إخوتنا وبعمق أيضا.يجب إن نشعر بالعلاقة البنوية المباشرة مع الله,علاقة ذات بعد عامودي.تستوحي قوتها من علاقتنا مع إخوتنا وذلك من خلال وحدتنا بالروح.علاقة ذات بعد أفقي.
الذي في السموات:حسب العقلية اليهودية كانت توجد أكثر من سماء,والله يسكن في الجانب البعيد الذي لا يمكن الوصول إليه بأي طريقة.تعبير يسوع هنا يصف عظمة الله اللامتناهية.وبعكس كلمة الأب التي تحكي عن علاقة خصوصية وقرابة من الله.فإننا هنا أمام مجد وعظمة لا متناهيين.إنهما تعبيران يكملان الواحد الآخر.
ليتقدس اسمك:في حضارتنا الساميةالاسميمثل الشخص.لا بل إن ذكر الاسم يعني حضور الشخص.الاسم يوحد ويظهر مميزات الشخص.ليتقدستحمل معنيين:الأول بمعني طلب أو أمر بتقديس اسم الله,والثاني:بإعطاء الوقار لله وتسليم ثقتنا به.وهذا هو ما يطلبه يسوع منا.هذه الدعوة لتقديس اسم الله واردة في الصلاة اليهودية التي تتلي كل يوم وتدعيقديساسم الله لفظ كتابي مألوف يدل بإجلال علي كيانه,ولا سيما في النصوص الطقسية.والعبارةقدس اللهلا تعني أنه يضاف شئ إلي قداسته,بل تدل علي أن الإنسان تعترف بسمو الله وقداسته,ويمجد اسمه.
يريدنا قديسين وأعضاء ملكوته.عندما نطلب أن تتم مشيئته الخلاصية,نحاول أن نتوافق مع هذه المشيئة في الصلاة والطاعة.أما المثال الأعلي عن هذه الطاعة والصلاة فنجده في يسوع ابن الله,عبد يهوه,والطائع الكامل…ففي الجسمانية,ليلة آلامه,كانت الساعة الحاسمة لتاريخ الخلاص.تلا يسوع صلاة سلم بها ذاته كليا لأبيه:إذا لم يمكن,أبت,أن تعبر عني هذه الكأس,وإلا أشربها,فلتكن مشيئتك(متي26:42).علي الصليب جعل إرادته تطابق إرادة أبيه الذي طلب منه الطاعة حتي الموت,موت علي الصليب.والمسيحي يتقدس بطاعة يسوع وإرادته الموافقة الآب إذا جعلنا ,بدورنا,إرادة الله إرادتنا.وإذ دخلنا بمحبة في طاعة ابن الله يسوع المسيح.
ليأت ملكوتك:هذا المقطع يعتبر لدي المفسرين لب ومركز صلاةالأبانا.إنها الكلمة الرئيسية والسبب هو إن رسالة المسيح كانت مركزة حول:بلوغ الملكوت وضرورة الدخول إليه.إنه موضوع لا ينقطع ذكره في الأناجيل.ولكن ما هو الملكوت؟من جواب يسوع لبيلاطس:ملكوتي ليس من هذا العالم(يوحنا18:36)إنه ملكوت روحي,نشعر به داخليا,فيه نفسح المجال لله لأن يملك علي قلوبنا.تكن مشيئتك,كما في السماء,كذلك علي الأرض:القاعدة في صلاةالأباناهي توجيه الأنظار نحو الآب,وهي عكس نزعتنا الذاتية بتوجيه الأنظار إلينا.في المقطع نفهم مشيئة الله كحدث مستمر بالتقدم إلي الأمام مستقلا عنا.ومع ذلك فإننا(كما في مقطع ليأت ملكوتك)مدعوون إن نساهم بما أوتينا به من تعاون ولو كان ضعيفا.فيسوع يرغب إن نوحد إرادتنا مع مشيئة الله.علي شرط إن يكون اتحادا كاملا.
أعطنا خبزنا كفافنا اليوم:إننا نطلب من الله لأنه أب يهمه كل ما يتعلق بأولاده حتي في القضايا الماديةالخبز.لكن يسوع يؤكد علي شئ واحد هو إلا ندع الماديات تتغلب علي الروحياتأطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم(متي6:23).كفافنا اليوم:يسوع يعلمنا إن نبدأ بحل مشكلة هذا اليوم,إي إن نكون واقعيين وذوي فطنة.فالمشاكل الأكثر تعقيدا في الحياة لو واجهناها يوما بيوم,فسوف تحل.بينما إن أردنا إن نحل كل مشاكلنا بلحظة واحدة فهذا أمر غير ممكن.
أغفر لنا خطايانا كما نغفر لمن أخطأ إلينا:الإنجيلي متي يستعمل كلمةديونإما لوقا فيستعملخطايافلو أن الخطية هي دين ونحن ملزمون به إمام الله,وحياتنا تعود إلي الله.لذا فأي خطيئة نرتكبها هي خيانة لله,هي خداع له,إنها بمثابة سرقة شئ منه.ولكن علينا إن نغفر:المسألة عند يسوع هي قطعية,يجب إن نغفر,مهما كلفنا الأمر.ولكن ما العمل عندما يكون الغفران صعبا جدا؟أولا:كل مرة يأخذنا التفكير إلي الذي حدث فلنبتهل لله من أعماق قلوبنا لأجل من أهاننا.ثانيا:أمتنع كليا عن ذكر مساوئ الذي أهانك.هذه صيغة أخري للغفران.واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا:الغفران المقصود هنا هو الغفران الأبوي الذي يمنحه الله للمؤمنين.وهو يختلف عن غفران الخطايا الذي يحصل عليه الخطاة عند إيمانهم يسوع المسيح الفادي والمخلص كما هو مكتوب عنهله يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطاياأع10:43فالخاطئ الذي لم يختبر غفران خطاياه بالإيمان بالمسيح والاعتراف لا يستطيع إن يصلي إلي الله كأبيه,ولا يستطيع أن يذهب للكاهن لطلب المغفرة.
لا تدخلنا في التجربة:هل يعقل إن يقودنا الله إلي التجربة؟قد تكون المشكلة في ترجمة ركيكة للنص اليوناني.القديس يعقوب يفسر في رسالته قائلا:….الله لا يجربه الشر ولا يجرب أحدا….(يعقوب1:13)الإباء الأوائل كانوا يترجمون هكذا:لا تتركنا نقهر بالتجارب.من جهة ثانية لا نتعجب من إن الله يجربنا.لا نتعجب من الصراع.بل فلنتعجب عندما لا يوجد الصراع,لأن الحياة أعطيت لنا كي نحارب وليس لننام.علينا إذن إن نصارع باجتهاد وثبات.
نجنا من الشرير:تأكيد علي إن قوة الشرير تحيط بنا وبإمكانها إن تغلبنا.وبأن الشيطان موجود وهو يعمل بجد في العالم,وحيلته الكبري تكمن بجعل الناس تتهاون وتعتقد بأنه غير موجود.والإنجيل ملئ بقصص عن طرد الشياطين الموجودة إلي يومنا هذا كما في أيام يسوع.فعلينا إذن إن نعرفها ونتغلب عليها بقوة المسيح,أي بقوة الروح القدس.
لأن لك الملك والقوة والمجد إلي الأبد:تنتهي الصلاة الربية كما ابتدأت بحمد الله وتسبيحه الأمر الذي يجب أن يكون هدفنا الأول والأخير.