لابد من العمل علي خروج قانون ينظم مهنة الهندسة الاستشارية في مصر ولابد من وضعه علي الأجندة السياسية للحكومة وكذلك المجالس البرلمانية المصرية.
ولعل عدم وجود قانون ينظم المهن باختلاف مشاربها- والمقصود بعدم الوجود هو أن القوانين الحالية أو السارية غير مفعول بها في ظل توقف نقابات عن العمل لسيطرة مجموعات ذات أيديولوجيات سياسية ودينية علي البعض منها وتحويل مسارها من نقابة تحمي وتحافظ وتطور من الأداء المهني إلي منبر سياسي يحمل شعارات دينية مما يعمق التفرقة والعنصرية ويخلق جوا من الحقد والضغائن الاجتماعية التي لم يعتدها شعب مصر علي طول تاريخه القديم والمعاصر..
في غيبة تحديث لقانون النقابات المهنية نرصد توقفا للنشاط المهني في أهم تجمعات نقابية مصرية وهي الضلع الأساسي في مثلث العمل المدني والأهلي والذي تعتمد عليه الدولة في إدارة شئون الحياة بجانب الحكومة حيث المنظمات الأهلية والمدنية هي من أهم عناصر إدارة الحياة المعاصرة في المجتمعات الحرة ذات التوجه الاقتصادي الرأسمالي المتوحش.
ولعل النقابات المهنية المصرية تلك التي وضعت تحت الحراسة والتي حررت وسيطر عليها أصحاب المصالح تعاني من المشكلات المهنية الحادة فنقابة المهندسين المصرية أكبر تجمع للمهنيين المصريين المثقفين, ومهنة الهندسة بما تحمله من مسئوليات اجتماعية واقتصادية وتنموية تعاني من عدم وجود تنظيم مهني يحمي المهنة من التعدي عليها سواء بالقادمين من الخارج مع كل المنمين العقاريين المستثمرين في مصر ولم يقتصر التعدي علي مهنة الهندسة المصرية والإقلال من تراكم الخبرات لدي مهندسي البلد من المستثمرين العقاريين فقط, بل تعدي ذلك أن المشروعات الكبري في الدولة من مترو أنفاق (خطوط جديدة) ومطارات تشهد ثورة في الإنشاء والإصلاح وغيرها من مشروعات عملاقة تعتمد أغلبها علي الخبرات الأجنبية دون مراعاة للخبرات المصرية, وتعمل علي خروج تلك الخبرات من التراكم المهني المطلوب, كل ذلك يتم في غيبة عن تنظيم نقابي مهني يستطيع أن يطبق القانون في حماية المهنة حتي ذلك القانون الساري حتي اليوم!!
الجدير بالذكر أن المثلث المقدس لمهنة الهندسة, يتلخص في أن أي عمل هندسي يجب أن يشكل من ثلاثة أضلاع, حتي يتم العمل طبقا للمواصفات العالمية وكذلك حماية الوطن (ومستخدمي المنشأ) سواء كان طريقا أو مبني أو حتي كوبري أو مصنعا أو مدينة جديدة!!
الضلع الأول هو مهندس المالك وهو صاحب المشروع ولتكن الدولة هي صاحبة رأس المال وصاحبة المشروع.
والضلع الثاني هو مهندس المقاول وهذا هو ما يمثله تنظيميا اتحاد التشييد والبناء, ومهندس المقاول له واجبات طبقا للقانون والعرف.
والضلع الثالث, وهو الأهم, المهندس الاستشاري وهو الذي يضع المواصفات ويراقب تنفيذها, وهذا المهندس أو الكيان الهندسي تنظيميا مفقود طبقا للقوانين السائدة اليوم أو اللجان المشكلة بنقابة المهندسين لا تحمي مهنة الهندسة الاستشارية طبقا لما هو سائد.
ووجب أن يكون هناك قانون ينظم مهنة الهندسة الاستشارية كاتحاد الهندسة الاستشارية, يقابل قانون المطورين العقاريين (تحت الإنشاء) وقانون اتحاد التشييد والبناء وهو قائم اليوم.
إن الاهتمام بالمثلث الهندسي لمهنة الهندسة في وجود قانون جديد يحمي هذه المهنة ضرورة حتمية لحماية وحفظ وازدهار مهنة تعتبر هي رأس حربة للاقتصاد القومي.
أكتب هذا المقال لكي تتحرك التنظيمات القائمة المعنية بالهندسة مثل نقابة المهندسين, ومنتدي الهندسة الاستشارية وجمعية المهندسين المصرية وكذلك اتحاد التشييد والبناء, والقائمين علي مشروع بقانون لإنشاء اتحاد المطورون العقاريون للمشاركة جميعا في حوار حول مشروع بقانون لإنشاء اتحاد الهندسة الاستشارية.
بقلم: د.حماد عبدالله حماد
عميد كلية الفنون التطبيقية الأسبق
[email protected]