من حكمدار العاصمة إلي أحمد إبراهيم الكائن بدير النحاس لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه, الدواء فيه سم قاتل,الدواء فيه سم قاتل.
لا أدري لماذا استعدت ذكريات هذا المشهد لوهلة ما جعلني حاولت جاهدة أن أتذكر تفاصيل فيلم حياة أو موت.
فتذكرت أن أحمد كان موظفا بسيطا بإحدي الشركات يعيش مع زوجته وابنته تم الاستغناء عنه وحين ذهب إلي الشركة لصرف مكافأة نهاية الخدمة والعيد علي الأبواب ولم يكن وجد شغلا آخر حتي وقتها, أجل المدير صرف المكافأة لما بعد العيد, فباع ساعته ليشتري لابنته فستانا جديدا وحدثت مشاجرة بينه وبين زوجته, فتركت المنزل ولكن ابنته الصغري عادت إليه وجاءته كريزة كلي, فذهبت ابنته إلي صيدلية العتبة بالترام لإحضار دواء المغص, وقام الصيدلي بتحضير الدواء ولكن بعد خروجها اكتشف أنه وضع كمية أكبر من كبريتات النحاس القاتلة فذهب مساعده وراءها فلم يجدها وخاف الصيدلي من أن يموت المريض, فذهب إلي قسم البوليس فلم يجد تعاونا من الشاويش فذهب إلي الحكمدارية فوجد جميع القيادات كانت مجتمعة من أجل هروب أحد المجرمين الخطرين ودخل للحكمدارالذي استمع لقصته وتعاطف معه وبدأوا عملية البحث عن الفتاة بكل الطرق التقليدية حين ذاك فقد علموا أنها جاءت بالترام وتركت التذكرة مع النقود وعلموا منها أنها ركبت من أول الخط واتصل الصيدلي بالطبيب الذي كتب الروشتة وعلم منه عنوان المريض وذهبوا إلي العنوان فوجدوه انتقل إلي دير النحاس وكلفت دوريات الشرطة بالبحث عن فتاة صغيرة تحمل زجاجه دواء, أما طريق عودة البنت فكان مثير ومليء بالمخاطر فكانت لا تملك نقودا وتجلي تعاون المصريين معها فأركبها الكمسري مجانا وقام صبي بتهريبها حين كان البوليس يقبض علي الأطفال وخطف منها أحد السكاري الزجاجة ولكن المارة استعادوها منه, وأخيرا لجأوا إلي وسيلة التكنولوجيا الحديثة المتاحة آنذاك وهي محطة الإذاعة حيث تم بث نداء: من حكمدار العاصمة إلي أحمد إبراهيم الكائن بدير النحاس لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه, الدواء فيه سم قاتل, وحين استمعت زوجته للنداء أسرعت إلي المنزل ووصلت أثناء تناوله الدواء في اللحظة الأخيرة وأنقذته منه.
فسرحت بذهني قليلا ليتردد به النداء بصيغة مختلفة:
من حكمدار العاصمة إلي كل المصريين لا تأكلوا الطعم المرسل اليكم, الطعم فيه سم قاتل.
ففي الحقيقة كل تفصيلة في هذا الفيلم تدرس ولكن خلاصة القول رغم الظروف الاقتصادية الصعبة آنذاك إلا أنه حين علم ووعي الشعب للخطر الذي قد يصيب أحد المصريين, تكاتفوا من أجل حمايته وكانت حنكة الحكمدار المسئول حينذاك متجلية علي الرغم من كون الطرق التقليدية لم تعلن فشلها في الوصول للهدف المرجو ولكن قد تستغرق وقتا أطول من المطلوب, فاستخدم الإذاعة وهي وسيلة التكنولوجيا الحديثة آنذاك لتوصيل رسالته.
فبوعي المصريين كان مصير زجاجة الدواء السام القاتل أن تهشمت علي الأرض بيد سيدة وكذلك بوعي المصريين الميركافا وغيرها لن تقف أمام عزيمتهم و بأسهم ووطنيتهم, حتي وإن كانت أعظم منظومة دفاع في العالم. إنهم خيرأجناد الأرض جيشا وشعبا.
فمنذ قديم الأزل ومررنا كمصريين بالعديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وغيرهما وتملكنا الاستياء تجاه هذه المشاكل وتفاعلنا مع هذا الاستياء بالعديد من الطرق ولازلنا نمر بالعديد منها ونستاء ونتفاعل معها, ولكن تبقي مصلحة مصرنا دائما وأبدا أهم من مصالحنا الشخصية وإن كانت هناك بعض الحالات الشاذة التي لا تذكرفنحن شعب يصبح كالأسود وقت الشدائد والأزمات وقد تربينا علي مثل: أنا وأخويا علي ابن عمي, وأنا وابن عمي علي الغريب, فلك أن تعي أنه مهما مررنا من أزمات ومهما اختلفنا مع بعضنا البعض أو مع قيادتنا السياسية و مهما مررنا بظروف اقتصادية ومعيشة صعبة تبقي مصلحة مصرنا الغالية لا تقارن بأي مصالح أخري.
وبالرغم من أن العديد من مقالاتي حظيت بالتحذير من الحروب الحديثة والنفسية و الشائعات والسوشيال ميديا ولكن من ملاحظتي الأخيرة للسوشيال ميديا أن ما يحدث بها الآن هي حروب نفسية عكسية بصورة احترافية متقنة تنم عن قيادة عسكرية وسياسية واعية وحكيمة فبكل احترافية يكاد يكون معظم الشعب المصري يعرف نقاط ضعف الميركافا وعيوب نظام ميرفي في أقل من 6 ساعات في يوم يدرس في معارك العقول فلم تكن هذه رسالة للعدو خاصة بهذه الميركافا فحسب ولكنها رسالة تحمل العديد من الرسائل الضمنية لما قد يواجهه من تسول له نفسه اللعب مع المصريين فيما يخص أرضهم وعرضهم.
الخلاصة حين يتعلق الأمر بحياة أحد المصريين فتتنحي كل الظروف والمشاكل جانبا و تظهر شهامة و جدعنة المصريين ويصبح الأمر فعليا حياة أو موت فما بالك إذا تعلق الأمر بمصرنا الغالية!! فلكل من تسول له نفسه لبعض المغامرات مع المصريين أو يحاول تهديد مصرنا الغالية.. احذر الدخول في تلك المغامرات فهي محسومة من قبل بدئها وسوف يكتب عليها الخسارة والبيجامات الكستور خير شاهد.