(1) : اشتريت هذه .. خذ نصفها..
أمسك الصبي بقطعة الصلصال, وبدأ يبرمها بين كفيه حتي صارت أشبه بقطعة حبل, ثم جعل من أحد طرفيها ذيلا رفيعا, ومن الطرف الآخر رأسا يخرج منه لسان مشقوق, وراح يتخيل مقدار الخوف الذي يسببه منظرها وهي تتلوي في طريق أخته الصغيرة, ومقدار الفزع الذي سيرتسم علي وجهها, والصرخة التي ستطلقها عندما تظن أنها داست علي جسم ثعبان!! في تلك اللحظة شاهد أخته تقبل نحوه مبتسمة, وقد قسمت قطعة كبيرة من الشيكولاتة إلي قسمين, ومدت إليه يدها بإحدي القطعتين وهي تقول: اشتريت هذه.. خذ نصفها.. لم يجب الصبي, بل راح يضغط قطعة الصلصال بين كفيه حتي صارت كالعجينة, ثم ألقاها بعيدا!!
(2) : اختلاف بغير خصام
ذهبت أزور صديقا في بيته, وأثناء الزيارة ثارت مناقشة حامية بينه وبين زوجته: هو يريد السفر للعمل في أحد البلاد العربية, وهي تعارض سفره بشدة, لأنها كانت حريصة أن يظل الأبناء تحت إشراف الأب ورعايته, وتؤكد أنها قادرة علي تدبير ميزانية الأسرة بغير حاجة إلي ابتعاد الأب عن أولاده. وأخذت أتدخل مرة بعد أخري لأهدئ من حدة الحوار, إلي أن انتهت الزيارة بغير أن يصلا إلي اتفاق. وقد تصورت, بسبب حدة المناقشة, أن الخلاف بينهما سيتسع ويفسد علاقتهما. لكن ما أن جاء وقت انصرافي, حتي تغير مجري الحديث تماما, وتبادل الزوجان كلمات مرحة وهما يطلبان مني تكرار الزيارة!!
عندئذ اصطحبت الزوج معي إلي مسافة من الطريق, وسألته وأنا في أشد حالات الحيرة والقلق: لقد حسبت أن الخلاف استحكم بينكما, وأنه لا أمل في السلام بعد الآن!! فضحك صديقي ضحكة صافية مجلجلة وهو يقول: لا تخف.. لقد تعلمنا كيف نختلف بغير أن نتخاصم!.
(3) : أراه الآن أجمل الوجوه
كانت الفتاة الصغيرة تسير في الشارع مع والدها, فلمحت رجلا شكله مخيف, فقالت لأبيها: انظر يا أبي إلي هذا الرجل.. إنني أخاف من شكل وجهه.. قال لها والدها: هذا الرجل يا بنيتي كان شابا وسيما محبوبا من الجميع. وذات يوم عندما عاد إلي منزله, وجد النيران تشتعل فيه والناس حوله يصيحون النار.. النار. وفي الحال تذكر أن أمه داخل حجرتها بالمنزل, فاندفع إليها مسرعا رغم الخطر الذي يتهدده, وقذف بنفسه في النيران, وحمل أمه بين ذراعيه وخرج بها سالمة حيث وضعها خارج المنزل. أما هو فقد تأثر تأثرا كبيرا من النيران التي شوهت وجهه وجسمه حتي أصبح كما ترينه الآن. سمعت الابنة الحكاية, وأخذت تتأخر قليلا في سيرها, فقال لها والدها: لماذا تتأخرين عني؟ أجابته: لأتأمل وجه هذا الرجل.. إنني أراه الآن أجمل الوجوه.
هالة الشاروني
Email: [email protected]