ما دام الرجل والمرأة متساويين في المنزلة العقلية وعضوين في الهيئة الاجتماعية, ولا غني لأحدهما عن الآخر, فما المانع إذا اشتركت المرأة في أعمال الرجل, وتعاطت العمل في الدوائر السياسية وغيرها, متي كانت كفؤا في تأدية ما تطمح اليه. إن المرأة في التاريخ اشتغلت في السياسة, وشاركت في الحروب, فملكة تدمر, وكليوباترا, واليزابات وغيرهن كثيرات, كن نساء قادرات علي كل تلك الأعمال, فالجنسان متساويان, وإنما الإهمال هو الذي جعل المرأة متأخرة متخلفة عن الرجل.. هكذا كتبت زينب فواز في مناصرتها للمرأة في إحدي مقالاتها والتي جمعتها في كتاب (الرسائل الزينبية).
ولأن شهر مارس هو شهر الاحتفاء بالمرأة, ففي 8 مارس اليوم العالمي للمرأة, و 16مارس يوم المرأة المصرية, وذلك لذكري حدث تاريخي مهم وهو ذكري مشاركة المرأة المصرية ونضالها في ثورة 1919م, ونستكمل احتفاءنا بالمرأة بحديثنا عن الدر المنثور في ربات طبقات ذات الخدور. و21مارس عيد الأم.
فبجانب كتابها الدر المنثور في طبقات ربات الخدور والذي يعد كتابة للتاريخ النسوي من خلال التراجم بمصر خلال القرن التاسع عشر, كان لزينب فواز إسهامات أدبية متنوعة تصب في مجال النهوض بالمرأة وتثمن دورها في المجتمع, وتعتبر زينب فواز من رائدات الأقلام النسائية في هذا المجال, ولدينا أيضا الكثير من الرائدات في الكتابة النسوية, رائدة أخري من ربات ذات الخدور علي سبيل المثال وليس الحصر مي زيادة التي سنكتب عنها فيما بعد, وتأتي عظمة من نتعرض لهن بالكتابة ظهورهن في توقيت كان يندر فيه دور المرأة علي الساحة العامة, ومن جوانب القوي في حياة تلك الشخصيات, صعوبة الحصول علي المصادر التي استقوا منها رصيدهم الفكري والثقافي, حيث إن الأمر بالنسبة للأدباء والكتاب من الرجال أسهل كثيرا لأنهم يستطيعون التواصل بأماكن أخري والاطلاع علي روافد متعددة من أماكن مختلفة, هذا مما لا يتاح للمرأة في هذا الوقت, وهذا في حد ذاته يعتبر جانب قوة وتحدي لتلك الشخصيات النسائية التي حفرت اسمها في التاريخ.
وبالرغم من أن زينب فواز أرخت للعديد من سير النساء, إلا أنها لم تكتب تاريخها, وما الرسائل الزينبية التي أصدرتها إلا مقالات تحمل رسائل في عدة قضايا خاصة بحقوق المرأة ووجوب تعليمها والنهي عن العادات السيئة, وحث النساء علي التقدم والعلم ومعرفة مكانتها وتأثيرها في الهيئة الاجتماعية. وكتاب زينب فواز (الرسائل الزينبية) عبارة عن واحد وسبعين مقالة نشرت في عدة جرائد ومجلات ومنها رسائل وردود وأشعار, وكلها خاصة بالنهضة وقضية المرأة, ومما لها من قيمة عظيمة قام الكثير من القراء والأدباء بمطالبة زينب فواز بتجميع تلك المقالات لما لها من أهمية كبيرة وفائدة عظيمة للمجتمع فكل مقال هو رسالة هادفة, وتجميعها يكون بمثابة منهج قويم للنساء.
ومن تلك الصحف التي كتبت لها زينب فواز, جريدة المؤيد المصرية أكثر من مقال لعل من المقالات القوية التي نشرتها تلك الجريدة مقال (تقدم المرأة), وأيضا جريدة الاتحاد المصري, وصحيفة لسان الحال, وجريدة النيل, وجريدة الأهالي, والفتاة, وجريدة المهندس الذي كتبت فيه مقالا فلسفيا, والكثير من الصحف.
وقد أثارت عدة موضوعات هادفة في تلك الرسائل بخصوص المرأة وبخصوص المدارس والتعليم, بل هناك مقالات أعتقد أن الكثيرين لم يذهبوا لهذه الزاوية, فقد كتبت عن (الخدامين) أي عن خدمة المنازل ومعاملاتهم, ومن تلك الرسائل كانت هناك رسائل للخارج مثل رسالتها لـ(برثا هونور بالمر) بشيكاغو, ومن مقالاتها أيضا ردود علي مقالات مثل مقالها (إنصاف المرأة), ومقالاتها عن الوطنية, ومقالها العلم نور.
والحقيقة أن الرسائل الزينبية تحمل الكثير والكثير من القيم والمبادئ, التي ساهمت زينب فواز بها في خدمة المجتمع عامة وربات الخدور بصفة خاصة.