انطلاقًا من الأهمية التي يوليها مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية للقضايا المجتمعية؛ نظم برنامج المرأة بالمركز ندوة بعنوان “المرأة المصرية والذكاء الاصطناعي: الفرص والتحديات”، وذلك بالتعاون مع مكتبة القاهرة الكبرى، والهيئة العامة للاستعلامات.
أدار الندوة الأستاذ يحيى رياض مدير مكتبة القاهرة الكُبرى، وخِلالها دارت عديد المناقشات والرؤى كُلها تكمُن فى مسارين رئيسيين (الفُرص، والتحديات).
تطرقت الأستاذة حنان عبدالقادر، مدير تحرير جريدة المساء وعضو لجنة المحافظات بالمجلس القومي للمرأة، في كلمتها إلى الفرص والتحديات التي يفرزها الذكاء الاصطناعي.
وأشارت إلى أنه بالرغم من الفرص التي يُتيحها الذكاء الاصطناعي في تعزيز الانتاجية وخدمة الإنسانية والعالم، إلا أنه قد يؤدى إلى خلق عالم لا يخضع للمعايير الأخلاقية، والفلسفية المُتعارف عليها بين البشر بشكل عام والمجتمع المصري بشكل خاص.
بالإضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي اجتاح القطاعات كافة كونه نمط متطور ومتدافع ومن هذا المنطلق نجد أن هذه التقنية أفرزت عديد التغييرات المُتنوعة ما بين الإيجابية والسلبية.
وأمّا بالحديث عن ما أفرزته تلك التقنية من مخاطر مُتعددة؛ فإنه بالضرورة يستوجب الأمر الوعي الكامل من جانب صناع القرار بالاستفادة من محاسنه وتحجيم أضراره، وتمكين المرأة المصرية من استخدام هذه التكنولوجية الحديثة بما يحافظ على المبادئ والقيم المُترسّخة لدى الأسر المصرية من خلال تقديم توجيهات إرشادية وأخلاقية لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وانتقالاً لكلمة الدكتورة ريهام عبد النبى السعيد، مدرس علم اجتماع المرأة بكلية الآداب جامعة بنها حول الروبوتات النسائية والمرأة المصرية؛ فأكدت أن مصر تقدمت تقدُّمًا ملحوظًا في مجال الذكاء الاصطناعي حيث صعدت من المركز 111 إلى المركز رقم 55.
وأشارت إلى أن مستويات الذكاء الاصطناعي تتنوع ما بين ثلاثة أنواع: الأول المستوي الضعيف وهو الأكثر شيوعًا من بين جميع أنواع الذكاء الاصطناعي، ولا يمكن له أن يتعدى مجاله أو حدوده ويتم تدريبه على مهمة واحدة فقط، ويفشل في أى مهمة أخرى، والنوع الثاني وهو الذكاء الاصطناعي القوي والذي يمتلك قدرات عقلية ويُجري عمليات تفكير ووظائف مُكافئة للدماغ البشري، فالآلة هنا ذات ذكاء عام يمكنها التعلم وتطبيق ذكائها لحل كل مشكلة، وفي الوقت الحالي، لا يوجد مثل هذا النظام.
وأمّا النوع الثالث هو الذكاء الاصطناعي الخارق الذي يتضمن أمورًا مُتعددة مثل ( الذكاء الحقيقي والوعي وحل الألغاز وإصدار الأحكام والتخطيط والتعلم والتواصل ) مضيفةً أن هذا النوع يرتبط بمفهوم التفرد التكنولوجي الذي يفترض أن الآلات فائقة الذكاء سوف تتفوق على الحضارة البشرية، إلا أنه لا يزال مفهومًا افتراضيًا.
ونوهت أن الذكاء الاصطناعي لا زال يفتقر إلى وجود الوجدان والإبداع، إلا أنها إرتأت أنه قد أصبح يُشكل خطرًا قادرًا على تحييد قدرات العنصر البشرى – بشكل عام والمرأة بشكل خاص- وأوصت بحتمية إجراء المزيد من الأبحاث؛ لدراسة آثار هذه التطورات التكنولوجية المطّردة على المرأة والعالم.
وقد تضمنت الندوة عديد المُداخلات من السادة الحضور؛ كان من أبرزها: مُداخلة الأستاذ أحمد محمود الكاتب الصحفي بجريدة الأهرام، والتي فرق فيها ما بين تقنية الذكاء الاصطناعي، والأتمتة (automation) والتي تقوم الآلة بتنفيذ الإجراءات والعمليات بدون الحاجة للتدخل البشري أو على الأقل بأدنى حد من التدخل البشري، وذلك نظرًا لقدرة وبراعة الآلة في السرعة والدقة بناء على إجراءات تم تحديدها، مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي هو استخدام براعة الآلة ودمجها مع براعة الإنسان.
وفي مُداخلة للسفير محمد العشماوي؛ وتساؤله عن مدى خطورة الذكاء الاصطناعي ومحاولة احتواء مخاطره وأضراره خاصةً بعد ما أسرده عديد المُتخصصين في هذه التقنية مثل ” إيلون ماسك ” الذى أكد في حوار صحفي له أننا على وشك الوصول لمرحلة لا يكون فيها أي عمل ضروريًا وأن الوظائف ستكون فقط لأؤلائك الذى يريدون وظيفة ترضيهم على المستوى الشخصي.
كما شهدت الندوة مُداخلة الدكتور عبدالستار عيشة المستشار العام لاتحاد الغرف التجارية؛ الذى أكد فيها أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه التفوق على ذكاء البشر لكونه من صنع البشر الذى حباه الله بعقلية ذات تحليل وفكر إبداع، وأن الإنسان ستظل له اليد العليا في التحكم بما اخترعه.
وعن دور الذكاء الاصطناعي في عديد المجالات:
فقد كان للذكاء الاصطناعي حديثًا فيما يتعلق بالمجال الطبي؛ حيث أشارت الدكتورة ريهام حلمي عبد العزيز عضو الجمعية الامريكية للجودة عن الخدمات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي وخاصةً الروبوتات الطبية التي تُساعد في عديد الأمور الطبية مثل (إجراء التحاليل، والمُساعدة في تشخيص الحالات المرضية، المُساعدة في اكتشاف بعض الأمراض الخطيرة ومحاولة علاجها).
كما أشار الدكتور محمد عبدالمنعم رئيس المُنتدى العالمي لخبراء السياحة؛ أن المجال الطبي قد أُثرى كثيرًا في عهد الذكاء الاصطناعي نظرًا لِما يقدمه من خدمات طبية كانت تتسم بالصعوبة قديمًا حتى أن وصلت لدرجة ( تحليل كمية العقار المطلوب للمريض وبما يعزز قدرته البدنية على تقبل هذا العقار من عدمه )، فضلاً عن استخدامه فيما يتعلق بمساعدة الإنسان بإجراء بعض العمليات الجراحية الدقيقة.
وقد نال الذكاء الاصطناعي أيضًا نصيبًا في الحديث فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي؛ حيث نوهت الدكتورة سماح مُقرر البرنامج الاقتصادي بمركز الحوار؛ عن مدى إمكانية تطويع تقنية الذكاء الاصطناعي في محو أُمية عديد النساء بما يُعزز تمكين المرأة اقتصاديًا.
وقد نال الحديث بشأن الذكاء الاصطناعي والمجال التشريعي قِسطًا كبيرًا؛ حيث أشارت الأستاذة شيماء مدير مكتب هيئة تنشيط السياحة؛ إنه على الرغم من وجود الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، والميثاق المصري للذكاء الاصطناعي، إلا أننا نحتاج تشريعات من شأنها تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي وخاصةً فيما يتعلق بالقيم الأخلاقية والمُجتمعية.