جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة تصل إلى 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيه، بحسب الدرجة الوظيفية.
وشملت الحزمة الاجتماعية التي وجه بها الرئيس السيسي، 15% زيادة في المعاشات لـ 13 مليون مواطن، بتكلفة إجمالية 74 مليار جنيه، و15% زيادة في معاشات “تكافل وكرامة” بتكلفة 5,5 مليار جنيه، لتصبح الزيادة خلال عام 55% من قيمة المعاش، على أن يتم تخصيص 41 مليار جنيه لمعاشات “تكافل وكرامة” في العام المالي 2024-2025.
ولكن السؤال ما مصير القطاع الخاص من هذه الزيادة خاصة أنها تمثل عبء علي أصحاب الأعمال وهنا قد يلجأ أصحاب الأعمال إلى تسريح العمال لعدم الالتزام بالأعباء المالية.
وفي هذا السياق يقول أحمد محمود موظف بأحدي شركات القطاع الخاص بالاسكندرية أن هذه القرارات لا تطبق علي العاملين بالقطاع الخاص وغير ملزمة لأصحاب الأعمال وبالتالي الزيادة لا تطبق علي الكثير من القطاعات في القطاع الخاص وهنا يشعر الكثير من المواطنين بعدم تحقيق العدالة الاجتماعية فكيف تحصل فئة علي زيادة في حين فئة أخري تقف محلك سر في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار ولا توجد رقابة لردع جشع التجار والزيادة اليومية نحن لا نريد زيادة مرتبات ولكن نريد تثبيت الأسعار خاصة السلع الاستراتيجية ايضا الخدمات التي تقدم من جانب الدولة مثل المياه والكهرباء والغاز والاتصالات قد زادت بشكل جنوني وغير مبرر بداية من السنة الجديدة 2024 فإذا وجدت تسعيرة جبرية مثلا السلع الاستراتيجية والهامة وايضا تخفيض سعر الخدمات التي تقدم للمواطن لتخفيف العبء علي المواطنين هذا يعتبر نوع من المساعدة تقدمه الحكومة لكافة المواطنين بدلا من زيادة المرتبات لفئة دون الأخرى.
وأشار الأستاذ صلاح الطيب أن رفع الحد الأدنى الجديد للأجور في القطاع العام في مصر “خطوة غير كافية” حيث إن هذه الزيادة ستؤدي إلى تفاقم انعدام المساواة، فالحد الأدنى الجديد للأجور “لا يطبق على مستوى الجمهورية أو عبر مختلف القطاعات”، كما لأن ما يقرب من ثلاثة من بين كل أربعة عمال مصريين هم من صغار المزارعين، أو من ذوي المهن الحرة، أو من العاملين في القطاع غير الرسمي، فهؤلاء العمال لن يستفيدوا من أية زيادة في الحد الأدنى للأجور، التي اقتصرت على القطاع العام وأصحاب المعاشات، بالإضافة إلى نحو 41 في المائة من العاملين في القطاع غير الرسمي يكسبون أقل من الحد الأدنى السابق للأجور وهو و1600 جنيه.
ومن المؤكد أن العاملين في القطاع العام يحصلون أيضاً على أجور أفضل من العاملين في القطاع الخاص الرسمي. فوفقاً لأحد التقديرات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، فإن متوسط الأجور في القطاع العام يبلغ 2600 جنيه، في حين يبلغ في القطاع الخاص الرسمي 1600 جنيه. وتشير جميع التقديرات الأخرى، التي تستخدم معايير مختلفة، إلى ارتفاع علاوة الأجور في القطاع العام. وبالإضافة إلى تمتعهم بقدر أكبر من الأمان الوظيفي والمخصصات الإضافية، فإن العاملين في القطاع العام، يمتلكون في الأغلب مصدر دخل ثان ٍمن خلال أفراد في أسرهم.
والأهم من ذلك من ناحية “العدالة الاجتماعية”، فإن تأثير زيادة الحد الأدنى للأجور سيقلص القطاع الخاص الرسمي ويوسع القطاع غير الرسمي، إذ أن هذين القطاعين يوظفان عمالاً من شريحة العمال نفسها. إذاً وبزيادة الحد الأدنى للأجور، وإن شملت القطاع العام فقط، سيتعين على القطاع الخاص الرسمي دفع رواتب أعلى لجذب العمال، مما سيصعب عليه مهمة المنافسة في الأسواق العالمية. ونتيجة لذلك، سيواصل القطاع الخاص التحول إلى النمط غير الرسمي، كما فعل عندما قامت الحكومة بتجميد التوظيف في القطاع العام في عام 2003.
وأخيراً، إذا شملت زيادة الحد الأدنى للأجور القطاع الخاص، فإن ذلك سيؤدي إلى فقدان الوظائف في القطاع الرسمي. هذا الأمر، سيمكن الشركات الكبيرة، التي تسجل أرباحاً عالية وتدفع لعمالها أجوراً قريبة من الحد الأدنى الجديد للأجور، أن تستوعب الزيادة دون تسريح عمالها. غير أن 95 في المائة من الشركات المصرية توظف أقل من 10 عمال، والعديد منهم يتقاضون أقل بكثير من 1200 جنيه. وفي هذا الحال، إذا افترضنا أن الشركات أقرت زيادة رواتب عمالها الذين يتقاضون 900 جنيه أو أكثر إلى الحد الأدنى الجديد للأجور، وقررت فصل من يكسبون أقل من 900 جنيه (أي تحويلهم إلى القطاع غير الرسمي) نظراً لأن الزيادة ستكون مكلفة للغاية، فإن معظم العمال لن يستفيدوا حينها من زيادة الأجور. فعلى سبيل المثال، إذا نظرنا إلى شركة يعمل بها 100 عامل وأخذنا بعين الاعتبار توزيع الدخل، فإن نحو 20 عاملاً سيحصلون على زيادة في رواتبهم، قدرها في المتوسط 177 جنيهاً شهرياً، في حين أن 38 عاملاً سيفقدون وظائفهم الرسمية.
لذا وعوضاً عن رفع الحد الأدنى للأجور، يمكن للحكومة النظر في خيارات أخرى ثبت أنها تعود بالنفع على العمال، وخاصة الشرائح الأفقر. ويمكن للبرامج التي يمولها القطاع العام للتنمية المجتمعية أن تقدم الخدمات لتوفير فرص العمل، وخاصة للشباب في المناطق الحضرية، كما حدث في البلدان المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وكندا.
قال وقال مجدي البدوي عضو المجلس القومي للأجور، إنه بالنسبة للحد الأدنى بالقطاع الخاص ستكون مرحلة قادمة، وذلك بعد التشاور مع ممثلي الشركات وأصحاب الأعمال ومعرفة الظروف الاقتصادية لديهم.
وأضاف البدوي، أنه سيتم حاليا بحث كيفية تطبيق الحد الأدنى مع الهيئات وقطاع الأعمال.
وكشف أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية ورئيس الغرفة التجارية بالإسكندرية أن تحديد الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص يتطلب عقد اجتماع بين المجلس القومى للأجور مع الجهات المعنية، وقال إن الاتحاد سيشارك فى اجتماع المجلس الأعلى للأجور المقبل لبحث إمكانية تطبيق ذلك على القطاع الخاص، موضحًا أن هناك بعض المبادرات من أصحاب شركات القطاع الخاص قامت خلالها برفع رواتب العاملين بها بداية العام الجارى 2024.
وأوضح أن الحد الأدنى للأجور فى بعض شركات القطاع الخاص أعلى من مثيله فى القطاع العام، وطبقًا لقانون العمل هناك لجنة لدراسة أجور القطاع الخاص برئاسة وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، وعضوية وزارات القوى العاملة والتضامن والصناعة والمالية وغيرها، هى المنوط بها زيادة أجور القطاع الخاص.
كما قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، مؤخرا إنه سيتم رفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة ٣٣٪ لتخفيف الأعباء عن جميع العاملين بالدولة بمن فيهم القطاع الخاص في الأول من مارس المقبل، وبذلك يكون قد ارتفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة ٧٣٪ اعتبارًا من يوليو ٢٠٢٣ حتى مارس ٢٠٢٤.