أود أن أهنئكم جميعا ببداية عام جديد 2024م, متمنيا لكم جميعا البركة والفرح والسلام, والخير الذي يهبه الله صانع الخيرات مدبر الكون بحكمته الفائقة المعرفة, كما أود أن أهنئكم بـعيد الميلاد المجيد الذي نحتفل به اليوم في الشرق, ضارعين إلي الله أن يمن بسلامه علي بلادنا مصر وعلي منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره.
ونحن نحتفل بـعيد الميلاد المجيد, نتذكر أنشودة الملائكة: المجد لله في الأعالي, وعلي الأرض السلام, وبالناس المسرة لو2:14, تلك الترنيمة التي أعادت العلاقة بين السماء والأرض, لتبدأ رحلة المصالحة والسلام بين الله والبشر الذين تعدوا علي وصيته واختاروا طريق الموت, وحين اختار الإنسان أن ينفصل عن الله, مختطفا لنفسه قضية الموت, لم يشأ الله المحب أن يهلك الإنسان فجاء الوعد: نسل المرأة يسحق رأس الحية, ثم كان وعد الله إلي خليله أب الآباء إبراهيم بأن في نسله تتبارك جميع الأمم, مثلما كانت وعوده إلي داود النبي, وهنا يوضح القديس جيروم: لقد ترك متي كل الأسماء ليذكر داود وإبراهيم, لأن الله وعدهما وحدهما بصراحة بالمسيح, إذ قال لـإبراهيم: ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض التكوين 22:18, وبـداود: من ثمرة بطنك اجعل علي كرسيك المزمور 132:11, وهكذا طأطأ السماوات ونزل معلنا محبته إذ يقول: لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به, بل تكون له الحياة الأبدية يوحنا 3:16. وهكذا نجد في الميلاد رسالة حب من السماء إلي الأرض معلنة محبة الله وإرادته في عدم هلاك الجنس البشري.
وفي الميلاد نري الله يقبل إليه الكل, معلنا أن مجيئه هو لأجل العالم بأسره, فهوذا السماء تعلن بشري الميلاد للرعاة القائمين علي حراساتهم الساهرين علي رعيتهم, مثلما تعلنها لمجوس المشرق الذين يمثلون الأمم ويقول القديس أغسطينوس : من هم هؤلاء المجوس إلا بكور الأمم؟ لقد كان الرعاة الإسرائيليين والمجوس أمميين, كان الأولون ملاصقين له, والآخرون جاءوا إليه من بعيد, لقد أسرع الكل إلي حجر الزاوية, وفي إعلان بشري الميلاد, جاءت الملائكة إلي الرعاة وأتي النجم إلي المجوس, أن الله يتحدث إلي كل إنسان باللغة التي يمكنه أن يفهمها في رسالة تناسب مدي استيعابه, ويعلق القدس أغسطينوس: أظهر الملائكة المسيح للرعاة, وأعلنه النجم للمجوس, الكل تكلم من السماء! الملائكة تسكن السماوات, والنجم يزينها, وبالاثنين تعلن السماوات مجد الله, وهكذا التقي اليهود والأمم عند وليد المذود الذي احتوي الكل في تجسده الفائق.
إن بشري الميلاد إلي كل إنسان, رسالة سلام وفرح, يمجد فيها الإنسان الله ومحبته وقدرته وعظمته وحكمته التي قادتنا من الموت إلي الحياة!.
كل عام وجميعكم بخير.