أفتتح مساء يوم الأربعاء الماضى بقاعة الزمالك للفن معرض بين المفهوم والاستنارة للفنان ناثان دوس. المعرض يضم ثلاثين عملا فنيا،رحلة بحث لا تنتهى عن المعرفة وعن منابع النور وعن جوهر الإنسان وفلسفته في الحياة وملامح ارادته وكيفية التغلب على نقاط ضعفه.
وعن اسم معرضه بين المفهوم والاستنارة فيأتى استكمالا لفلسفته فى تقديم أعمال محملة بالمضامين الفكرية والدلالات الإجتماعية والسيكولوجية والسياسية، فالفكرة هى أول ما يستدعيه للشروع فى اى عمل نحتى جديد وعلى قدر قوة الإستدعاء تأتى سرعة إنجازه لعمله النحتى، وفى تمكنه من ادواته ومن خاماته ثم يأتي الشق الآخر من العنوان الاستنارة او التنوير وهو الرسالة الاهم للإنسان على الأرض بمحاربة الظلام والبحث عن النور ومقاومة الجهل وانارة المساحات المظلمة فى العقل الجمعى وتكسير التابوهات الفكرية، ليؤكد على مقولة طه حسين محبة المعرفة ل تفترق عن الإيمان.
اختار الفنان شخصية طه حسين ليقدمها فى معرضه الحالى ضمن أربعة بورتربهات تتصل جميعها بفكرة التنوير فطه حسين الذى لقب بعميد الأدب العربى لم يكن أحد أهم المفكرين المصريين فى القرن العشرين فحسب ولكنه أحد رواد التنوير الذين خاضوا معارك ضارية فى سبيل الإنتصار لحرية الفكر والتعبير بدفاعه عن رسالة التجديد والتنوير.
اما الشخصية الثانية وتتمثل عالمة الرياضيات هيباتيا التى عاشت فى القرن الرابع الميلادى وقد ماتت شهيدة الجهل والتعصب، فقدت حياتها بأبشع الطرق على يد من اتهموها بالالحاد وممارسة السحر والشعوذة،حيث يقول الفنان من الممكن أن يقتل الجهل والتخلف قامات فكرية.
اما البورتريه الثالث هو بورتريه السيدة عنايات والدة الفنان ذلك البورتريه البديع بتفاصيله الذى شارك الزمن فى نحته بتجاعيده التى اضافت لها جمالا فوق جمال وعنايات التى حملت لناثان عناية الرب بأكثر من طريقة منذ طفولته كان لها دور كبير فى تكوين شخصيته فهى التى اضاءت محبة الفن فى وجدانه بتلك الألعاب التى كانت تشكلها له فى طفولته .
ويقول الفنان اليوم أكرم أمر بقيمة أكاديمية توازى الأميرات والقياصرة على غرار الحضارة الجريمة رومان بخامة رخام بيانكو ايطالى ولذلك نجد أن للخامات دورا كبيراةفى إضافة دلالات الى أعمال ناثان.
ويأتى مشروع تمثال نفرتيتى او تجربة استكمال التمثال غير المكتمل بالمتحف المصرى بخامة الجرانيت الذى اختاره الفنان مشابها اللون الحجر الكوارتيزيت الذى قدم به الفنان تحتمس الأصلى،لقد أراد الفنان الإتصال بالفنان المصرى القديم حيث الحضارة والثقافة وحيث استمرار المعرفة والتنوير.
أيضا خرجت اعمالتنتصر للإنسان والبصيرة والمعرفة فى إطار فكرة التنوير ففى عمله مقابلة بين الراعى والفلاح ينتصر الفنان لثقافة الأرض والحضارة المصرية القديمة ممثلة فى الفلاح المصرى الذى بذر الأرض فاخرجت قمح ومسلات ومعابد ومقابر وعمارة فى مقابل الراعى الذى يرمز للوفاة والثقافات الواردة التى ذابت مع الوقت وظلت الحضارة المصرية خالدة باثارها.
ومن الأعمال الأخرى التى تتناول فكرة التنوير نجد عمله مصادر الماء مثل مصادر المعرفة مثلها مثل مصادر الماء منها المالح ومنها العذب ومنهاةماهو جارى وما هو واحد وعلى الإنسان أن يسأل نفسه من أيها يستقى ،كذلك فى واحد من أعماله يشبه العقل بالأرض التى يحرثها الإنسان فما يزرعه بها يحصد.
وعن رؤيته الفنية يقول الفنان ليس للفن سقف واحد يحدهما على مستوى المفهوم وكذلك على مستوى المعالجة من حيث الشكل.
فالمفهوم او الفكرة هى اللبنة الأولى للعمل الفنى واناةاسعد دائما بانتصارى للإنسان فى معظم الموضوعات التى اعالجها نحتيا فقيمة الإنسان وكرامته هى الأولوية التى تحتل الصدارة بالنسبة لى،وقد ميز الله الإنسان وكرمه بالعقل وتنوير العقل من مهام الإنسان على الأرض إذ يسعى للإنسان للمعرفة،للتغلب على الجهل ولاضاءة المساحات المظلمة فى العقل الجمعى و محاربة العنف والقضاء على الاستبداد الفكرى.
والتنوير هو تحرر الفرد من الوصاية التى جلبها لنفسه والتنوير فى جانب منه يرتبط بمشاعر الإنتماء للوطن وعدم قبول مظاهر الجهل والانحطاط القيمى والتدنى الثقافى،مع إعلاء قيمة العقلانية والدفع بدور البحث المستقل فى الاكتشاف والميل للنزعة النقدية فى الفكر والشجاعة فى تفكيك التابوهات.
والفنان ناثان دوس من مواليد المنيا عام ١٩٧١.
حاصل على بكالوريوس الفنون والتربية عام ١٩٩٣.
عضو مجلس إدارة نقابة الفنانين التشكيليين.
عضو اتيليه القاهرة للكتاب والفنانين.
ويستمر المعرض حتى ٢٣يناير.