تنظر محكمة العدل الدولية بلاهاى الدعوى القضائية التي قدمتها جنوب افريقيا ضد إسرائيل بشأن الانتهاكات التي صارت ضد غزة، والتحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية وذلك بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
ووفقا للدعوة، فإن أفعال إسرائيل “تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب” لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية. كما تشير الدعوى إلى أن سلوك إسرائيل – “من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناء على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها” .
طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين في غزة “من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح
وعقدت محكمة العدل الدولية جلستي استماع علنيتين يومي الخميس والجمعة الماضيين، قدمت خلالهما جنوب أفريقيا مرافعتها الشفهية، قيما نفت إسرائيل بشدة ذلك الادعاء، ووصفته بأنه “لا أساس له من الصحة”
وشددت المحامية عادلة هاشم من فريق جنوب أفريقيا على ان اسرائيل لم ترتكب جرائم الابادة الجماعية وحسب وانما منعت وصول المساعدات الإنسانية الكافية إلى المحتاجين وتسببت في خطر الموت جوعا والمرض بسبب استحالة تقديم المساعدة “أثناء سقوط القنابل”.مضيفة أن عددا كبيرا من الناس قتلوا لدرجة أنه غالبا ما يتم دفنهم في مقابر جماعية بدون التعرف على هوياتهم. وأشارت إلى أن 60 ألف فلسطيني آخر أصيبوا وتشوهوا. جراء سقوط 6000 قنبلة على غزة ، 200 منها مرة على الأقل- في المناطق الجنوبية من القطاع التي تم تصنيفها على أنها آمنة”، وفي الشمال، حيث توجد مخيمات اللاجئين.، وذلك في الأسبوع الأول من الرد الإسرائيلي على الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر. مؤكدة ان الأدلة التي تم الحصول عليها خلال الأسابيع الـ 13 الماضية تظهروجود نمط من السلوك والنية ذات الصلة التي تبرر ادعاء معقولا بارتكاب أعمال إبادة جماعية”.
وطلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية الإشارة إلى تسعة تدابير مؤقتة فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني باعتباره مجموعة محمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. ياتي على راس التدابير تعليق اسرائيل فورا لعملياتها العسكرية في غزة وضدها. والتوقف عن التهجير القسري للفلسطينيين، وتمكين المساعدات الانسانية من الوصول لهم، ومنع اسرائيل من إتلاف الأدلة المتعلقة بالادعاءات، والسماح بوصول بعثات تقصي الحقائق والتفويضات الدولية والهيئات الأخرى إلى غزة.والزام اسرائل بتقديم تقرير إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر خلال أسبوع واحد، اعتبارا من تاريخ صدوره
من جانبه اتهم تال بيكر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية جنوب أفريقيا بتقديم “قصة مشوهة بشكل صارخ”للمحكمة، زاعما انه “إذا كانت هناك أعمال إبادة جماعية، فقد ارتكبت ضد إسرائيل”.!!
وقال بيكر: إن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة هي عمل من أعمال الدفاع عن النفس ضد حماس و”المنظمات الإرهابية الأخرى”. مشيرا الى إن حماس تسعى إلى إبادة إسرائيل. وان جنوب أفريقيا تعمل كبوق لحركة حماس مشيرا الى ان الجيش الاسرائيلي يستهدف مسلحي حماس وليس المدنيين الفلسطينيين.
وردا على اتهام بيكر لجنوب افريقيا يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل الفلسطينية الدكتور عماد البشتاوي: لا توجد أي مصالح مشتركة بين جنوب إفريقيا وفلسطين من خلال وضع إسرائيل في قفص الإتهام بأي شكل من الأشكال. واتهام جنوب إفريقيا بالانحياز والتواطؤ مع حماس هو دليل على الوضع الصعب الذي يواجهه نتنياهو.
ووفق ما أكده أحد القضاة داخل محكمة العدل الدولية، فلو أدان قرار المحكمة إسرائيل سيكون أمامها وأمام حلفائها خيار من اثنين، إما أن تقبل تنفيذ القرار، وتلتزم بوقف القتال أو بتوصيل المساعدات وتجنب استهداف المدنيين في غزة، أو أن تلجأ المحكمة -في حال عدم القبول بالقرار- إلى مجلس الأمن الذي لا يعول عليه بسبب الدعم الأمريكي لإسرائيل والمخول لها عبر “الفيتو”.
بينما يرى الخبراء أن الإسرائيليين قلقون، لأن القضية ستكون مؤثرة على الرأي العام العالمي وصناع القرار، وأن القرار الذي ستتوصل إليه محكمة العدل الدولية قد يكون محرجا للولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن تصدر المحكمة حكما بشأن إجراءات عاجلة محتملة هذا الشهر لكنها لن تصدر حكما في ذلك الوقت متعلق باتهامات الإبادة الجماعية إذ يمكن لتلك المسألة أن تستغرق سنوات.وقرارات محكمة العدل الدولية نهائية لا تقبل الاستئناف لكنها لا تملك وسائل لإنفاذ أحكامها.
الجدير بالذكر ان اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، صدرت في أعقاب القتل الجماعي لليهود في المحرقة النازية، الإبادة الجماعية بأنها “أفعال مرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية”.