مزيد من الوقت للقاتل المحتل هو مزيد من سفك الدماء في غزة, هذه هي الحقيقة المرعبة التي يعيها المجتمع الدولي, والمؤسسات الأممية, لكنهم لا يفعلون شيئا, وبينما يجتمع الساسة على طاولة الاجتماعات في مجلس الأمن, بقاعاته المكيفة, يتبادلون الاتهامات ويتراشقون الألفاظ, ثم يخرجون خاويي الأيادي إلا من الدماء المسفوكة على أرض فلسطين.. يُقتل طفل كل خمس دقائق في غزة, وتتحول غزة لمقبرة جماعية للأطفال, حتي من هم في حكم الأجنة خرجوا من بطون أمهاتهم تحت القصف وإلى الموت ذاهبون, بلا اسم ولا عنوان ولا مدفن, أما الأحياء منهم, فعنهم يغيب الماء والدواء والغذاء والمأوي, وبينما تكتظ المشافي بالمرضي والمصابين الذين أوشكوا على الموت, تأمر قوات الاحتلال بإخلاء المشافي من أولئك الذين علي أجهزة دعم الحياة, لتصدر حكما بالإعدام البطيء علي مرضي القلب والفشل الكلوي والسرطان والأطفال الممدين على أسرة الحضانات.
القصف يمحو عائلات وأحياء بأكملها, وتتزاحم الجثامين المُسجاة فوق الأرض لأبناء غزة حيث لا تجد مدفناً تتواري فيه. والمسئولون في المنظمات الأممية يصرخون ورؤوس الهيئات عاجزة أن تفعل شيئا أمام السلطة الأمريكية الداعمة لمجازر الاحتلال الإسرائيلي.. حتى إن مدير مكتب نيويورك بالمفوضية السامية ـ كريج مخيبر ـ تقدم باستقالته منذ يومين احتجاجاً على تعاطف الأمم المتحدة مع ما يجري, فلماذا تدعم أمريكا بلد الحقوق والحريات, استمرار هذه المجازر, بل وتقوم بتدجين الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها؟ فحتي الآن لم يتمكن المجلس من اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار. وكأن التاريخ يأبي إلا أن يعيد نفسه, فقد قالها منذ شهور, مايكل لينك المقرر الخاص السابع للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية بين عامي 2016 و2022, فلسطين قضية يائسة بسبب انحياز أمريكا لإسرائيل.
ومنذ عام 2012 كتب كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة, في مذكراته: “إن فشل الأمم المتحدة في تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط جرح مؤلم ومتقيح, بسبب الشلل العالمي, الذي يعود للدور الوقائي الذي تلعبه أمريكا في حماية إسرائيل من المساءلة في مجلس الأمن” ويعتبر المصدر الرئيسي لهذا الفشل.
وانحياز الإدارة الأمريكية لإسرائيل منهج ثابت وليس موقفا عابراً, فقد استخدمت الولايات المتحدة 81 حق نقض فيتو في مجلس الأمن, وهو عدد أكبر بكثير من أي عضو دائم آخر. 42 مرة, منها لإفشال القرارات التي تنتقد إسرائيل: 32 مرة تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين, في حين أن قرارات حق النقض العشرة الأخرى كانت متعلقة بالقرارات التي تنتقد الغزو الإسرائيلي واحتلال لبنان, في كل حالة, كانت الولايات المتحدة العضو الدائم الوحيد في مجلس الأمن الذي استخدم حق النقض. لم يستخدم أي عضو آخر في مجلس الأمن حق النقض علي أي قرار ينتقد إسرائيل أو الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين على مدى الخمسين عاماً الماضية. حسب حصر مايكل لينك.
وإذا عدنا للعلاقات بين البلدين منذ ثمانينات القرن الماضي نجد ـ كما هو مبين على موقع السفارة الأمريكية ـ أن امريكا تتبنى دعم إسرائيل عسكريا بتمويل أكثر من 3 مليارات دولار سنويا. وتشارك الولايات المتحدة إسرائيل في عمليات متبادلة رفيعة المستوي, تشمل التدريبات العسكرية المشتركة, والبحوث العسكرية, وتطوير الأسلحة. من خلال القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب والحوار الاستراتيجي كل ستة أشهر وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب.!! وهو ما يشير إلى أن الحرب على غزة إرادة أمريكية بالوكالة لإسرائيل، تحت ذريعة إرهاب حماس.
والحقيقة أنه لا يوجد سبب منطقي معلن لذلك الانحياز المطلق؟ يبرر المباركة الأمريكية لسفك الدماء, في انهيار لكل القيم الإنسانية التي طالما صدعت أمريكا رؤوسنا بها طول العقود الماضية.