نَستَكمل أعزائي القراء الدِّراسةَ في لَحن “أبيكران”
الفكرة الأولى )مكررة لثاني مَرَّة( “إيرنيشتي خين إتخو” (العظيم في) (من الدقيقة 1:19 إلى الدقيقة 2:36) تُسَمَّى :(A2)
وفيها تُكَرَّر نَفس الفِكرة الموسيقية بنَفس جُمَلِها اللَّحنية،ونَفس المَقام والرُّكوزات الموسيقية، وبالتالي نفس الاحساس العام والذي يُؤكد المَعنى السَّابق، وهنا يُكَرِّرها في كلمة “إيرنيشتي” ومعناها (العظيم) وفيها نَتَذَكَّر قول ربِّ المَجد: “بَل مَن أرادَ أن يَكون فيكم عظيماً فليكُن لكم خادماً “(مت20: 26)، وسوف أُعطي مَثَلَين لآباء البَرِّيَة والكنيسة،أحدهم في العُصور الأولى للكنيسة وهو القديس العظيم الأنبا شنوده رئيس المتوحدين، والذي تَتَوافَق ذِكراه (14 يوليو- 7 أبيب) مع كتابة هذا المقال، فقد استطاع هذا القديس بمحبتِهِ وحكمتِهِ وخِدمتِهِ أن يَتَفاوَض مع قبائل كانت قد أَسَرَت ونَهَبَت أهالي بعض القرى، بأن يَستَرِد الأهالي واستضافَهُم في ديرِهِ ثلاثة شهور يرعاهم ويشفى مَرضاهم، فاستحقَ فعلاً أن يكونَ عظيماً لأنَهُ كان خادماً لهم،ومَثَل آخر في عَصرِنا الحالي وهو القديس البابا كيرلس السادس الذي لم يَرُد سائِل أو مُحتاج لمشورة أو شِفاء أو رِعاية أو حِماية، وسَدَّدَ كل احتياجاتِهِم في أثناء حياتِهِ،وأكثر كثيراً بعد نياحته، فقد صار القديس البابا كيرلس السادس بمَثابة الشَّفيع الشَّعبي في مِصر (إذا جاز هذا التعبير)، وامتدَّت شفاعتُهُ أيضاً خارج مِصر، ويُعوِزنا الوقت إذا تَكَلَّمنا عن قديسي البَرِّيَة الأنبا أنطونيوس وأبو مقار والأنبا باخوميوس والأنبا بيشوي والأنبا موسى الأسود وغيرهم، الذين يتكلم عنهم هذا اللَّحن الخالِد، كانوا ومازالوا لكل تلاميذِهِم وأولادِهِم مُرشِدين وساهرين على رعايتِهِم الرُّوحية فَصاروا عُظماء في كل كُورة مصر
ونُلاحِظ في هذا اللَّحن عُلوّ النَغمات وامتدادها التي استخدَمَها المُلَحِّن لتتوافق مع كلمة “نيشتي” (عظيم)،ولَمسة الشَجَن الموجودة في الجُمَل اللّحنية تُعَبِّر عن مَدى اتضاع وتَعَب وتَضحية آبائنا القديسين من أجل أحبائهم،ورُبَّما يُذَكِّرنا امتداد النغمات بكثرة أعمالهم الصالحة ورائحة المسيح الزكية التي فاحت في كل أرجاء مصر المحبوبة بل في كل المسكونة.
الفكرة الأولى )مكررة لثالث مَرَّة( ” خورا إن كيمي” (إقليم مِصر) (من الدقيقة 2:37 إلى الدقيقة 3:54) تُسَمَّى :(A3)
لقد كانت مِصر في العَصر الذي وُضِعَ فيه لحن “أبيكران” (حوالي القرن الخامس عشر الميلادي) دولة كبيرة مستقلة تحت حكم المماليك ومقرها مدينة القاهرة، وكانت مملكة مُتَّسعة شَمَلت سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وليبيا، وكانت تابعة لها منطقلة الحجاز أيضاً، وأدَّى هذا إلى إزدهار الحياة الثقافية والنهضة الفنية فاهتموا في هذه الفترة بالعمارة والنقوش والزخارف بشكل كبير، وكانت المَصنوعات الزُّجاجية تُصَدَّر إلى البلاد الأوروبية.
أما من الناحية الكنسية والروحية فقد كان عصراً ذهبياً في الاهتمام وإحياء بالطقوس والقوانين الكنسية الكنسية، على يَد كِبار العُلماء أمثال بن كَبَر والمعاريجي والبابا غبريال الخامس والقمص إرميا الناسخ، وكذلك كانَ عَصراً ذهبياًلظُهور آباء قديسين كِبار مثل البابا متاوس المسكين والقديس الأنبا رويس،
ولذلك فقد استغَلَّ المُلَحِّن بذكاء نفس الفكرة الموسيقية التي يُعَبِّر فيها العُلُووالامتداد عن عظمة مصر، أولأً في قِدِّيسيها، وثانياً في وضعِها السياسي والجُغرافي الهام،فكرَّر الفكرة الموسيقية في عبارة (إقليم مصر)، والتي فيها أيضاً حدث مَزج مابين العظمة والشَّجن لتوضيح ما عانته مصر وأبنائها من ضيقات سياسية واجتماعية وروحية على مدار تاريخها الطويل.
الفكرة الأولى )مكررة لرابع مَرَّة( ” أو بي ماكاريوس” (أيها الطوباوي) (من الدقيقة 3:55 إلى الدقيقة 5:22) تُسَمَّى :(A4)
وهنا أيضاً يؤكد المُلحن على نَفس الفِكرة الموسيقية بامتدادها وعلوها ومشاعر الشجن لرابع مرة بكلمة مناسبة أيضا لهذه الفكرة “أو بي ماكاريوس” (أيها الطوباوي)، ولكن أعطى مقدمة قصيرة كتمهيد لهذه الفكرة، وفيها نتذكر كلمات رب المجد الخالدة حينما قال ” طوبى للمسكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات، طوبى للحزانى لأنهم يتعزون، طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض….. طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله…. طوبى للمطرودين من أجل البر لأن لهم ملكوت السموات، طوبى لكم إذا عَيَّروكم وطَرَدوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين، افرحوا وتَهَلَّلوا لأن أجركم عظيم في السموات” (مت 5: 3 – 12)، وهذا فعلا مااحتمله هذا الأب القديس صاحب هذا اللحن فاستحَقَّالتطويب والسعادة والغِبطة.
وللمقال بَقِيَّة إن شاءالله.
لينك اللحن أداء فرقة دافيد وأداء فردي منير وصفي
———- Forwarded message ———
From: site news
Date: Thu, Jul 20, 2023 at 9:31 AM
Subject: https://youtu.be/xQ0wLQuno9Y
To: