حصلت “وطني” على ورقة علمية عن “علاقة الفقر بالسعادة” وكيف يحدث ذلك في مصر، الورقة هي بحث ضمن الاوراق العلمية التي شاركت في مؤتمر “البيئة من اجل السعادة” الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة لجنة البيئة والجغرافيا برئاسة ا.د. عبد المسيح سمعان، اعدت الورقة العلمية أ.د/ حنان كشك أستاذ ورئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنيا، تحت عنوان “القضاء على الفقر من أجل تحقيق التنمية والسعادة البيئية” قالت فيها:” الفقر ينتشر في العالم بأرقام تصفع كل جهود التنمية والتقدم، ورغم كل الجهود العالمية الداعية أو المدعية محاربة الفقر ،فإن أعداد الفقراء في العالم ككل وفي أكثر من دولة يتزايدون، حيث يشير تقرير التنمية البشرية لعام (2021/ 2022) إلى تزايد نسبة من يعيشون تحت خط الفقر ، حيث يعيش أكثر من نصف سكان العالم اليوم على أقل من دولارين في اليوم، ويعيش ما يقرب من 1.1 مليار شخص في فقر مدقع؛ وتقدر نسبةُ الفقر بمصر- بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (2017)- بـ27.8%، بينهم 5.3% تحت خط الفقر المدقع ، ويشير التقرير نفسه إلى تزايد تعرضهم للمخاطر البيئية وإلى انعدام الأمن الغذائي وغيرها من المشكلات التي تنطوي على مخاطر بالغة الأثر ، لاسيما على الأطفال حيث يؤثر انعدام الأمن الغذائي على تغيرات على نمو الأطفال ، خاصة لدى الأسر في أدنى السلم الاجتماعي.” كيف يشعر اولئك الذين تحت خط الفقر بالسعادة؟
وتابعت حنان:” سياسات النظام الدولي الراهن تصنع وتكرس الفقر من خلال عملية إفقار واسعة النطاق حيث تعمل على تضخم الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتستعمل الفقراء لصنع الثروة للأغنياء، ان العلاقة معقدة ومتشابكة بين الفقر وتدهور الموارد وهل الفقر يعد سبب أم نتيجة وكيف يمكن تحقيق بيئة آمنة وسعيدة من خلال القضاء على الفقر أو على الأقل خفض معدلاته،” وتركز دراسة د. حنان على الفقر الحضري وذلك لعدة أسباب أهمها :اتجاه سكان العالم للتحضر فمن المتوقع أن تصل نسبة سكان الحضر إلى61% عام 2025، مما يؤثر على الظروف التي يعيش فيها الناس وبالتالي سعادتهم.
وذكر البحث المقدم لرئاسة المؤتمر العلمي ان المبدأ الأول من إعلان استكهولم عام 1972 اعتبر للإنسان حقًا أساسيًا في الحرية والمساواة وظروف الحياة اللائقة في بيئة آمنة ذات نوعية تتيح حياة كريمة ومرفهة ، كما تضمن الإعلان أن مسئولية جسيمة تقع على عاتق الحكومات لحماية وتحسين واستدامة عناصر البيئة لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية على السواء .
وعن الأمن البيئي ،قالت الباحثة ا.د. حنان كشك لابد أن نشير إلى تلك الفكرة الغريبة التي يعتنقها الناس حول أنهم مهما الحقوا من أضرار بالبيئة ، فإنها سوف تستعيد سلامتها في نهاية المطاف ، ومن المؤكد أن هذه الفكرة ليست صحيحة . فقد شهدت العقود الخمس الأخيرة إلى جانب التحولات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية الكبرى ، تغيرًا اجتماعيًا وبيئيًا بعيد المدى ، فالنمو السكاني السريع والمصحوب بتغيرات في كثير من أنماط الحياة قد أجهد البيئة إجهادًا لا يحتمل ، ففي كثير من من البلدان يمارس الناس ضغوطًا على البيئة تفوق قدرتها على الاحتمال ، حيث يفقد كل عام من 8: 10 مليون فدان من أراضي الغابات ويؤدي الرعي الجائر وسوء أساليب الحفاظ على البيئة إلى تزايد معدلات التصحر ، فكل عام تتحول ستة ملايين هكتار من الأراضي إلى صحاري لا قيمة لها.
وكما يمثل النمو السكاني المتزايد تهديدًا للبيئة ، يعد الفقر أيضًا ملوثًا للبيئة ويعمل على إجهادها بطرق مختلفة كسبب ونتيجة ، ولا نعني بالفقر تدني الدخل فقط ، وإنما نعني أيضًا روافده المختلفة مثل : عدم القدرة على الحصول على عمل منتج وعدم القدرة على الاستفادة من خدمات التعليم والصحة وأيضًا إنعدام الأمن والضعف (إي التعرض للأخطار البيئية مع إنعدام الحيلة والعجز عن تخفيف الوضع الراهن ). وهنا يمكن القول بأن الفقر الحقيقي هو إنعدام الخيارات المتاحة أمام الأفراد لتغير الاوضاع الراهنة (poverty is equal no choice ).
وانتهت الورقة الى أن القضاء على الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة لن يتحققا بمجرد زيادة الدخل، فعلى الرغم من أن زيادة الدخل عنصر مهم، إلا أن زيادة الدخل وحده ليس شرطًا كافيًا للحد من الفقر، فعلى الرغم من النمو الاقتصادي السريع في العديد من البلدان، فلا يزال تحقيق الحد من الفقر العالمي يمثل تحديًا رئيسًا؛ وعلى الرغم من كون النمو الاقتصادي وسيلة فعَّالة للحدِّ من الفقر، فإن فاعليته ليست تلقائية، فيجب أن يكون الأفراد متعلمين، ويتمتَّعون بصحَّةٍ جيِّدةٍ للمساهمة في النمو والإفادة منه، والوصول إلى عملٍ مربحٍ، والمشاركة بشكلٍ كاملٍ في المجتمع الذي ينتمون إليه.