الذكاء الاصطناعي أو الـ AI اختصارًا، هو مصطلح يشكّل مظلّة للعديد من التقنيات التي تتيح للآلات أن تحاكي الذكاء البشري.
وأصبح الذكاء الاصطناعي مصطلحًا شاملاً للتطبيقات التي تؤدي مهام مُعقدة كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية، يستخدم المطورون الذكاء الاصطناعي لأداء المهام التي يتم تنفيذها يدويًا بكفاءة أكبر، والتواصل مع العملاء، وتحديد الأنماط، وحل المشكلات ،و يقدم الذكاء الاصطناعي قيمة لمعظم الوظائف والأعمال والمجالات. فهو يشمل تطبيقات عامة وتطبيقات لمجالات معينة، مثل استخدام البيانات الخاصة بالمعاملات والبيانات الديموجرافية للتنبؤ بمدى إنفاق عملاء معينين على مدى علاقتهم مع الشركة (أو القيمة الدائمة للعميل) وتحسين الأسعار استنادًا إلى سلوك العميل وتفضيلات استخدام خاصية التعرف على الصور لتحليل صور الأشعة السينية لعلامات السرطان.
لكن مع وجود القليل من القواعد التنظيمية المتبعة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، فقد حذر الخبراء من أن تطوره السريع قد يكون خطير، وللأسف مثل اي تكنولوجيا حديثة يوظفها البعض لخدمة اغراض غير مشروعة او الاساءة للبعض، وبالرغم من انه مؤخرا صوت أعضاء البرلمان الأوروبي لصالح قانون الذكاء الاصطناعي الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي، وهذا القانون – الأول من نوعه – سيضع إطارا قانونيا صارما يحكم استخدام الذكاء الاصطناعي، كما سيتعين على الشركات الامتثال له، إلا ان المخاوف تتزايد.
_ خطر وجودي:
لذلك أطلق الأمين العام للأمم المتخدة انطونيو جويتريش، فكرة تأسيس كيان دولي خاص بموضوع الذكاء الاصطناعي قائلا إن هذا المقترح يجب أن ينبع من “إرادة الدول الأعضاء” في الأمم المتحدة، جوتيريش الى إن العالم يجب أن يواجه “الضرر الدولي البالغ” الناجم عن تفشي الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي. موضحًا أنه أثناء إطلاق موجز سياساتي حول سلامة المعلومات على المنصات الرقمية فإن أجراس الخطر التي تدق تحذيرا من الصورة الجديدة للذكاء الاصطناعي وهي الذكاء الاصطناعي التوليدي، تصم الآذان” مشيرا إلى أن التحذيرات الأعلى صوتا يطلقها مصممو تلك التقنيات والذين وصفوا الذكاء الاصطناعي بأنه خطر وجودي يهدد البشرية يضاهي خطورة الحرب النووية.
_ الذكاء الاصطناعي التوليدي
والذكاء الاصطناعي التوليدي هو تقنية تستخدم خوارزميات التعلم الآلي لإنشاء محتوى جديد مثل الصور أو الموسيقى أو النصوص. على عكس الأشكال الأخرى للذكاء الاصطناعي المصممة للتعرف على الأنماط وإجراء التنبؤات بناءً على البيانات الموجودة، تم تصميم الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء بيانات جديدة مشابهة للبيانات الموجودة. وهو ما من شانه نشر معلومات مضللة، وفي حين أن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو نوع من أنواع الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يختلف عن الأشكال الأخرى للذكاء الاصطناعي في تركيزه على الإبداع والأصالة. تم تصميم أنواع أخرى من الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي والتعلم العميق، لتحليل البيانات وإجراء تنبؤات بناءً على تلك البيانات. في المقابل، تم تصميم الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء بيانات جديدة مشابهة للبيانات الموجودة، ويثير الذكاء الاصطناعي التوليدي مخاوف بشأن إساءة الاستخدام المحتملة للتكنولوجيا. على سبيل المثال، يمكن استخدامه لتوليد أخبار أو دعاية مزيفة، أو لإنشاء مزيف عميق لا يمكن تمييزه عن مقاطع الفيديو أو الصور الحقيقية.
لذلك نبه جوتيريش إلى أن التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب ألا يغيّب الضرر الذي سببته التقنيات الرقمية قائلا “إن نشر الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي يسبب خطراً جسيما الآن، ويؤجج الصراع والموت والدمار الآن، ويهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان الآن، ويضر بالصحة العامة والجهود المناخية الآن”، ونبه الأمين العام للأمم المتحدة إلى ما جلبته المنصات الرقمية من فوائد ودعم للمجتمعات في أوقات الأزمات والصراع، وإعلاء لأصوات المهمشين ودعم لحشد الحركات العالمية من أجل العدالة العرقية والمساواة على أساس نوع الجنس، وقال إن “هذه التكنولوجيا نفسها هي مصدر خوف لا أمل”.
_ التهديد الدولي الحاضر.
وأوضح جوتيريش أن مواجهة هذا التهديد الدولي الحاضر يتطلب عملا دولياً منسقاً لكي يكون الفضاء الرقمي أكثر أمنا وشمولا، ومن أجل حماية حقوق الإنسان. وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أن بعض شركات التكنولوجيا بذلت القليل وتأخرت على صعيد منع منصاتها من المساهمة في نشر العنف والكراهية، بينما لجأت الحكومات في بعض الأحيان إلى إجراءات تعسفية بما فيها تطبيق أعمال حجب وحظر لشبكة الإنترنت، تفتقر إلى أي أسس قانونية وتنتهك حقوق الإنسان.
_ مدونة سلوك:
وقال جوتيريش إن إيجاز السياسات الذي قدمه يحدد إطار الاستجابة الدولية المنسقة عبر مدونة لقواعد السلوك لسلامة المعلومات على المنصات الرقمية ويرسم الضوابط المقترحة لاحتواء هذا التهديد وفي الوقت ذاته يوفر الحماية لحرية التعبير والمعلومات.، ويتضمن الموجز السياساتي عدة مقترحات يمكن البناء عليها من أجل صياغة مدونة قواعد السلوك. ومن بين هذه المقترحات:
– يجب أن تتخلى الحكومات وشركات التكنولوجيا والجهات المعنية الأخرى عن استخدام أو دعم أو تضخيم المعلومات المضللة وخطاب الكراهية لأي غرض.
– يجب أن تؤَمن الحكومات بيئة إعلامية حرة وتعددية ومستقلة وقابلة للتطبيق، مع توفير حماية قوية للصحفيين.
– ينبغي على المنصات الرقمية ضمان الأمان والخصوصية في كل منتجاتها، علاوة على تطبيق واستخدام السياسات والموارد بشكل متساو في كل البلدان ولكل اللغات.
– يتعين على كل الجهات المعنية اتخاذ إجراءات تضمن أن كل التطبيقات آمنة ومؤمنة وأخلاقية ومسؤولة وتمتثل لالتزامات حقوق الإنسان.
– يجب أن تتخلى شركات التكنولوجيا عن نماذج الأعمال التي تضع أولوية للمشاركات على حساب حقوق الإنسان والخصوصية والأمان.
– ينبغي أن يكون هناك تأثير للمستخدمين وخصوصا فئة الشباب على سياسات صناعة القرار، كما يجب أن تلتزم المنصات الرقمية بشفافية البيانات.
وأعرب العام للأمم المتحدة عن أمله في أن يكون الموجز السياسي مساهمة مفيدة في النقاشات التي تسبق قمة التنمية المستدامة المزمع انعقادها في سبتمبر القادم وقمة المستقبل المقرر عقدها العام القادم.