– نجاح ” رحمة ” تاج فوق رأسى .. وظهورها إعلاميا أعطى دفعة للأسر ان تثق و تهتم بابنائها أكثر .
_وجدت فى ابنتى الحق فى الحياة .. و كان يشغلنى أن اخلق منها إنسانة و كيان له مكانته داخل المجتمع يحبه و يحترمه و يعترف به.
– النجاح لم يكن سهلا و انما يقابله تعب .. و اتفقت مع ” رحمة ” تغيير نظرة المجتمع.
– فخورة و ممتنة لكل من وجد فى مشوارى مع ابنتى ما يدعو للنجاح .. و لن اتخلى عن دورى التطوعى .
– لم اتقبل يوما نظرة الشفقة على ابنتى .. و دائما اسعى لوضعها فى مكان مرحب بها و مقدرها.
– تقبل الطفل , التدخل المبكر , البعد عن الشقفة , رفع سقف توقعاتى لطفلى .. مفاتيح تساعد الأسر فى تعاملها مع طفلها .
– ” رحمة ” نورت الطريق و فتحت الباب امام اقرانها .. و سيخرج للنور جيل افضل .
– أصبح هناك اعتراف بذوى الهمم و اظهارهم بأن لدينا ابناء قادرون .. و الفضل للرئيس السيسى.
– كل يوم بنكتسب أرض و حقوق جديدة لكننا ننتظر المزيد بتفعيل القوانين بشكل أفضل.
حوار : ليليان نبيل
آمنت بحق ابنتها فى الحياة منذ اللحظة الأولى من ولادتها , فسكتت عنها كل الأصوات المحبطة المحيطة من حولها لتبدأ فى مشوارها الذى اعتبرته تحدى بينها و بين نفسها فى ان تخلق حياة لابنتها و لا تدعها تستسلم للاقدار , تكافح و تعافر و تحارب فى كل الاتجاهات لادماجها داخل المجتمع برغم كل ما واجهته من صعوبات و تحديات كى تضعها على أرض صلبة لتقدمها للمجتمع فرد مؤثر له كيانه و قيمته و له حقوقه و واجباته رغم اختلافه , رافضة فكرة تمييزها أو التعامل معها بنظرة الشفقة .. أنها ” أمل عطيفة ” والدة ” رحمة خالد ” اول إعلامية من ذوى متلازمة داون فى مصر و الوطن العربى بل و العالم كله التى حققت المستحيل بحبها و اهتمامها و تشجيعها و اصرارها لتحفر اسم ابنتها ” رحمة خالد ” بحروف من نور ليسجله التاريخ كأول إعلامية تقدم برنامج على الهواء من ذوى متلازمة داون على مستوى العالم كله لتصبح ” أيقونة ” لكل أم مصرية شاءت لها الأقدار ان تضعها فى نفس الظروف بان تجد فى مشوارها مع ” رحمة ” ومضة نور يفتح امامها الطريق كى تشجع و تشارك و تعى ان النجاح لم يكن مستحيلا و انما يقابله حب و جهد و تعب و اصرار .
” وطنى ” فى حديث من القلب مع ” أمل عطيفة ” تكشف لأول مرة اسرار رحلتها مع ” رحمة ” و كيف نجحت فى رسالتها و ادماجها داخل المجتمع و صنعت المعجزة ؟ فكان لنا هذا الحوار …
_ اصبحت ” أيقونة ” لسيدات يعشن فى مثل ظروفك على امل تحقيق ما حققتيه مع ابنتك , كيف ترين تلك المسئولية و ما يمكن ان تقدميه لمساعدتهم ؟
فخورة و ممتنة لكل احد منحنى هذه الثقة لما وجد فى مشوارى مع “رحمة ” ما يدعو للنجاح , و اتمنى من الله أكون على قدر من المسؤولية الكبيرة و أكون المرشد الذى يبث روح الأمل و التفاؤل لكل اسرة تتلمس اولى خطواتها فى الحياة مع طفلها , و اعمل جاهدة على قدر طاقتى فى اثقالهم بخبراتى السابقة فى رحلتى مع ابنتى لإقامة علاقة اسرية ناجحة و سليمة .
و بادرت طوعية بطرح افكار و مفاتيح ارشادية للتعامل مع الطفل من خلال تقديم محتوى توعوى داخل الندوات و الفعاليات المتخصصة لمساعدة الأسرعلى كيفية تقبل طفلها اولا و حبه و من ثم كيفية التعامل معه , و مؤخرا انفتحت على عالم ” التيك توك ” للوصول لشريحة أكبر داخل المجتمع و من خلاله يتم تسجيل مقاطع قصيرة كتداريب للأسرة و للأم تساعدها فى فهم طبيعة الطفل و كيفية مساعدته على التعبيرعن احتياجاته , ايضا تقديم خبرات لمساعدة الطفل على التكلم و نطق الحروف و الكلمات و تكرارها مع احداث اصوات مختلفة عند تكرار نفس الحرف أو الكلمة لشد انتباهه و تثبيت المعلومة فى ذاكرته بهدف ادماج الطفل مع العالم المحيط و اتاحة الفرصة امامه للعيش طفولة لطيفة و منتجة .
_ وراء “رحمة خالد ” أم عظيمة آمنت بحق أبنتها فى الحياة , كيف آمنت بقدرات ابنتك الصغيرة لتصنعى منها الاعلامية المعجزة ؟
قبل ميلاد ” رحمة ” بأربع سنوات كنت اعمل متطوعة باحدى المؤسسات الخيرية و اشتغلت اخصائية تخاطب , و وقتها كنت اقدم نصائح للأمهات بكيفية التعامل مع طفلها و انها تشتغل عليه فى الخمس سنوات الأولى من عمره دون اهماله و انما التركيز بقوة خلال تلك الفترة لتشكيله و تكوينه لحياته فيما بعد , على اعتبار ان تلك الفترة بيحدد مصير الطفل فيما بعد ما بين الأسرة المهتمة و المشجعة من عدمه .
و للأسف كثيرا ما كانت تلومنى الأمهات بان ما اقوله يفوق طاقتهم و انه مستحيل و تتهمنى بأننى اتكلم فى المطلق و لم أمر بتجربتهم و من ثم لا اشعر بهم و كنت ألتمس لهم العذر نظرا للظروف المحيطة بهم و نظرة المجتمع و محاولات احباطهم و ” كسر مجاديفهم ” الى ان شاء الله و رزقت ب ” رحمة ” فى يوم 16 يونيه 1996 و كان التحدى لنفسى أولا تنفيذ كل ما كنت اقدمه من نصائح لقياس مدى تطبيقه عمليا هل ما كان فى الامكان أم بالفعل مستحيل , و خطوة بخطوة لاحظت النتائج مبشرة و هناك استجابة مع الحب و الصبر و طول البال و كان دائما بداخلى قناعة بأن للطفلة الصغيرة الحق فى ان تعيش حياتها بشكل طبيعى حتى و ان كانت مختلفة عمن حولها , و بالتالى رفضت نظرة الشفقة و التعامل معها بشىء ينتقص من قدرها و حقها فى الحياة و بدأت رحلتى مع ” رحمة ” احارب فى كل الاتجاهات و اتحدى الظروف لتحقيق المستحيل , كان يتقال لى صراحة ” انت مصدومة , ايه اللى بتعمليه ده , كل اللى بتعمليه ملهوش لأزمة , يعنى هتوصلى لأيه فى الآخر ” لكنى سكت عنى كل الأصوات المحبطة و ركزت فى مشوارى مع ابنتى التى رأيت فيها منذ اللحظة الأولى من ولادتها انها انسانة من حقها ان تعيش بشكل طبيعى , و ان الله اوكلها لنا و علينا ان نكون على قدر المسئولية .
_ اذا تحدثنا عن مفاتيح من خلالها تساعد الأسر فى تعاملها مع طفلها من ذوى متلازمة داون , ماذا تكون ؟
تقبل الطفل أولا كما هو وسط مجتمعهم المحيط بهم دون الخجل منه أو استشعارهم الحرج كأنهم مرتكبون خطأ و من ثم اللجوء لاخفائه عن أعين الناس لكونهم بذلك التصرف يرتكبون جرم فى حق انفسهم و طفلهم ايضا و من ثم عليهم التعامل بشكل صحى و سليم من منطلق اننا اسرة جميلة و متكاملة و ان طفلنا فى اختلافه , تميز و تكامل فى نفس الوقت , فضرورى مسألة التقبل لان احساس الطفل بالتقبل و ان دائرته المحيطة به تحبه و تشجعه أمر بينعكس عليه ايجابيا و يخلق منه فرد قادر على التعايش بشكل طبيعى .
المفتاح الثانى يتمثل فى التدخل المبكر , فعلى الأسرة فور علمها بحالة طفلها ان تبدأ معه و تشتغل عليه و تكلمه و تعتبره كيان مهم له شخصيته و له رأى من صغره , تسأله ” تلبس ده و لا ده ” , ” تأكل ده و لا ده ” , ” تحب تلون و لا نتكلم و لا نحكى قصة ” بما يعطيه المساحة للتعبير عن رأيه و مكانته . ثالثا : البعد عن الشفقة و رفض ما يقال ” مش كفاية اللى هو فيه , يا عينى يا ابنى ” لأن الشفقة بتدفع الطفل للكسل ليصبح بلا حافز و شاعر دائما انه ” غلبان ” و هو امر لم يعد فى صالح الطفل .
رابعا ” ارفع سقف توقعاتى لطفلى ” لم استسلم للأصوات المحيطة المحبطة ” مش هيقدر , مش هيعرف ” لكن يكون لدى الثقة من داخلى انه يقدر و اعطى له فرصته و اساعده و اشوف شغفه فى أى اتجاه و اسعى لدمجه مع تهيئة أى مكان لاستقباله دون الأعتماد على الآخرين أو الأنتظار منهم المساعدة لكن دائما أكون المبادرة , فعادة ما يأتى اهتمام الآخرين كانعكاس لاهتمام الأسرة .
_ صرحتى انك محظوظة لوجود ” رحمة ” فى حياتك , و منذ اللحظة الأولى لولادتها علمتى انها من ذوى متلازمة ” داون ” .. كيف كانت التجربة ؟
لا انكر اننى تأثرت فى البداية فور ولادتى ل ” رحمة ” بعدما علمت انها من ذوى متلازمة داون ليس لشىء غير ان كل أم تتمنى ان يكون طفلها الأفضل و كنت وقتها انتظر طفلتى بشغف طول فترة الحمل ،لاسيما بعدما علمت انها ابنة و كانت فرحتى كبيرة لكونى لدى ولدين قبلها و لم يكن لى أخت , فكان وجودها مهم بالنسبة لى , لكن كانت إرادة الله و كانت التجربة فى بدايتها مريرة جميع من حولى متضايق و يقولى لى ” اعتبرى نفسك مخلفتيش , محصلش حاجة , اعتبريها كرسى فى البيت , متزعليش دول عمرهم قصير و هتموت , انت لسه صغيرة بكرة تجيبى طفل ثانى احسن ” .. اصوات فى مجملها كانت ” تكسر فى ” لكنى تجاوزت ذلك سريعا , و كان ما يشغلنى وضع طفلتى و كيف اكون أمينة عليها و اهيىء المناخ المناسب لها و التعامل معها بشكل صحيح فبدأت بالفحوصات الطبية و اتأكدت من ان حالتها من النوع الشائع ” داون سندروم ” , و بعدها قررت التعامل و التدخل المبكر و ان اكرس حياتى من أجلها و اعطيها حب و اهتمام يخلق منها انسانة و كيان له مكانته داخل المجتمع يحبه و يحترمه و يقدره و يعترف به .
_ حدثينا أكثر عن البدايات , كيف بدأتى المشوار مع ” رحمة ” فى طفولتها قبل ان تصبح الاعلامية الناجحة ؟
بدأت من أول يوم ابحث و استكشف عن اماكن تساعدنى فى رحلتى , و لم اكتفى ابدا بما تعلمته خلال فترة عملى كمتطوعة لمدة 4 سنوات باحدى المؤسسات الخيرية بل سعيت فى كل الاتجاهات و شاركت فى دورات تدريبية لاثقالى بمعلومات أكثر و تدريبى و تأهيلى للتعامل مع ” رحمة ” , فبدأت مشوارى من مؤسسة ” كاريتاس ” , كما اننى بدأت التدخل المبكر لابنتى من عمر 40 يوم و كنت متطوعة معهم ايضا , اتابع و ارصد و اتعلم ما يقدمونه للأطفال لمساعدة ابنتى و ابناء آخرون و هدفى ادماجها وسط المجتمع الى ان انتهت من مرحلة التدخل المبكر و عمرها سنتين , لتبدأ مرحلة ألحاقها بحضانة عادية و لم يكن الأمر سهلا فكثيرا ما عانيت من مشكلة رفضها و عدم تقبلها الى ان رحبت حضانة و بعدها استكملنا رحلتنا داخل المدرسة مرحلتى الابتدائى و الاعدادى ثم تخرجها من معهد السياحة و فنادق .
_ كثيرا ما نتحدث عن الدمج بين الأطفال و ذوى الهمم داخل الفصل الواحد , لكن البعض يراه امرا صعبا بل يكاد مستحيلا .. حدثينا عن تجربتك مع ” رحمة ” ؟
ظلت فترة ابحث عن مدرسة تناسب ابنتى لكنى لم أجد , و عليه اسست قسم خاص باحدى المدراس و وقتها عملت رئيسة للقسم كى تتلقى ابنتى تعليمها الى ان انتهت منه دراستها و اتمت الصف الرابع الابتدائى , و الطريق لم يكن سهلا لكنه كان هناك مضايقات , فاتذكر فى مرحلة الصف الثانى الابتدائى شكوى أم و اسنكارها وجود ” رحمة ” فى نفس الفصل مع ابنتها و من ثم رغبتها فى نقلها لفصل آخر خوفا من تأثر دراسة ابنتها المتفوقة و حاولت معها باعتبارى رئيسة القسم الخاص دون علمها بأننى والدة الطفلة المشكو و المتضرر من وجودها و بدأت فى توضيح ما يقدم من وسائل تعليمية اضافية لتوصيل المعلومة للطلبة بشكل أفضل و ان الفصل بداخله فقط ثلاثة طلبة لديهم صعوبات تعلم و ان الفصل لديه مدرسة و أخرى مساعدة اكفاء لتوصيل المعلومة و انه لا تأثير من وجودهم على باقية الطلبة و ان الدمج ما بينهم ناجح بدليل تفوق ابنتك و باقى الطلبة ايضا كما ان ابنتك بتتعرض لخبرات و طرق تعلم لم تعد فى اى فصل آخر , الا انها اصرت على نقل ابنتها و كان من ابنتها موقف ايجابى برفضها النقل و الاستمرار فى فصلها وسط زملائها و مع ” رحمة “.. و مرت الفترة لتنتقل ابنتى بعدها لمدرسة أخرى عادية غير متخصصة تواصل من خلالها دراستها وسط زملائها حتى انتهت من المرحلة الاعدادية و كذلك الحال بانتقالها لمرحلة سياحة و فنادق بنظام الدمج العادى دون اى اشراف خاص بها لتلتحق بعدها لمرحلة المعهد حتى تستكمل رحلتها التعليمية .
و لا يغفل على أحد انه فى مقابل الحفاظ على الدمج كنا معا نبذل جهد مضاعف فى التحصيل و التحضير المسبق للدرس , فالنجاح لم يكن سهلا و انما دائما يقابله تعب , كما اننى كنت حريصة على التعاون بينى و بين المدرس و الاتفاق معا على سؤال كى يسأله ل ” رحمة ” فى الفصل كى تشارك و تجاوب وسط زملائها لاعطاء دعم و دفعة لابنتى فى تحصيلها الدراسى كما يعطى انطباعا وسط زملائها انها قادرة و انها طالبة كأى طالبة داخل الفصل تسأل و تشارك و تجاوب .. فالمسألة ليست فى الامكانيات المادية كما يدعى البعض بقدر ما هى بحاجة لاهتمام و تعب و تركيز خاصة ان النتيجة لم تكن سريعة لكن بالحب و الصبر و التشجيع يتحقق المستحيل و نشكر الله على استكمال دراستها بنظام الدمج .
_ بالتأكيد المشوار لم يكن سهلا , ما أكثر الصعوبات التى واجهتينها فى رحلتك مع ” رحمة ” و كيف تغلبتى عليها ؟
أصعب شىء نظرة المجتمع و تقبله لنا , فمشوارى مع ” رحمة ” كان ملىء بالتحديات بدء من رفض دخولها الحضان فى المستشقى فور ولادتها بحجة ان طفل آخر سليم أولى بالمكان مرورا بمعاناة رحلة البحث عن حضانة و مدرسة تتقبل فكرة ادماجها لولا اهتمامى و اصرارى و معافرتى و تأسيس قسم خاص لتأهيلها دراسيا فى المراحل التعليمية الاولى و ترسيخ فكرة انها تقدر .. و لعلى اصريت مع ” رحمة ” اننا نعمل سويا لتغيير تلك النظرة السلبية , فلم اتقبل على الإطلاق فى يوم من الأيام وجود احد يشفق ع
على ابنتى و دائما ما كنت اسعى لوضعها فى مكان مرحب بها و مقدرها بكونها قادرة و لها كيان و دور و مهم .
+ لأى مدى ترين نظرة المجتمع اختلفت فى وقتنا الحالى مقارنة بفترات سابقة ؟
++ بالتأكيد النظرة اختلفت 180 درجة و اصبح هناك اعتراف بكيان تلك الفئة و احقيتها فى الحياة , و اصبح هناك اتجاه نحو اظهارهم امام العالم بأكمله و تسليط الضوء بأن لدينا ابناء قادرون , كما تقبلت فئة كبيرة من الأسر طفلها و ادركت قيمته و احقيته فى الحياة و اعطائه الفرصة للدعم و التأهيل و التدريب لتقديمه للمجتمع عضو فاعل و مؤثر .. و الفضل يرجع للرئيس السيسى بدعمه و اهتمامه بتلك الفئة التى ظلت لعقود مهمشة لا أحد يعترف بها أو يهتم بها , وذلك منذ اللحظة الأولى من توليه الحكم عام 2014 ليعد الرئيس الوحيد الذى التفت اليهم و ” شاور عليهم ” و شجعهم و وضعهم فى اولوياته ليعرف المجتمع بهم , فكان منه الاهتمام بحضور احتفالاتهم و مساندتهم و التقارب معهم و معايشتهم احلامهم و طموحاتهم و ما يرغبون فى تحقيقه لتحسين وضعهم , كما لا نغفل ابدا تخصيصه عام 2018 لذوى الهمم , كل ذلك اعطى دفعة قوية و تشجيع للاسر ان تواجه المجتمع بطفلها دون خجل منه و انما تقف بجانبه لمساندته .
+ الامكانيات المتاحة منذ خمسة و عشرون عاما تقريبا كانت محدودة للغاية و لم تكن هناك محفزات للاهتمام بذوى متلازمة” داون ” , كيف ترين الوضع الحالى ؟
++ كنت اتخبط كثيرا و لا اعرف من أين ابدأ ؟ أما فى وقتنا الحالى و بعد اهتمام الدولة فالوضع اختلف كلية و اصبح لدينا ارض صلبة يمكننا الوقوف عليها , فأتذكر منذ خمسة و عشرون عاما كنت لكى احصل على معلومة لافادة ابنتى , اسعى لشراء كتاب من الخارج و انتظر بالثلاث أو الأربع أشهر حتى يصلنى فى المقابل الآن بضغطة واحدة يمكننا عبر ” جوجل ” البحث عن ما اريد الوصول اليه فى ثوانى معدودة .
ايضا لم يكن هناك مراكز متخصصة للتأهيل كما همو متاح حاليا , و لكى ادخل مركز ” سيتى ” أتذكر وقتها اننى كنت مدرجة ضمن قائمة انتظار كثيرة و سعيت للحصول على واسطة للالتحاق بالمركز مع ابنتى مبكرا , بالاضافة الى انه لم يكن متوفر مدارس متخصصة لألحاق الابناء مثلما نجد فى وقتنا الحالى .. كما بدأنا نسمع عن الدمج بين الأبناء و اهميته بعدما انتهينا من المرحلة التعليمية , و بالتالى فالأوضع أفضل و الظروف تحسنت و اصبحت مهيئة للأسرة و للطفل مقارنة بفترات سابقة .
+ متى شعرتى بالاحباط لأن مثلما ذكرنا الطريق مفروشا بالصعوبات و التحديات ؟
++ خلال فترة رفضها و عدم قبولها فى أى حضانة و التعامل معها بتمييز , ايضا ما واجهته من قبل المحيطين بى بعد اعلان رغبتى بادخالها مدرسة عادية بنظام الدمج ليقال لى ” انت مصدومة , انت مش مصدقة ان ابنتك فيها مشكلة , حرام عليك ليه تعملى فيها كدة , افضل تدخليها مدرسة متخصصة تعرف تتعامل معها ” .. و طبيعى كنت اتأثر و احبط لا اعلم هل القرارات التى اتخذها صح أم خطأ خاصة انه لم يكن امامى مرشد اتعلم منه و استفيد من خبراته , كما انه لم يكن هناك استجابة سريعة اعرف من خلالها هل امضى فى الطريق الصحيح من عدمه ؟ , فكنت حقيقة و كأنى امضى فى طريق مظلم لا اعرف نهايته لكن حقيقة دائما ما كانت ” رحمة ” تعطينى علامة تنور لى الطريق و تؤكد لى انى صح و منها على سبيل المثال فى بداية رحلة الكفاح مع التعليم و انتهينا من فترة الحضانة , بحثت كثيرا عن مدرسة لادماجها لم اجد و كل الأبواب اغلقت فى وجهى , فما كان امامى سوى اللجوء لالحاقها بمدرسة متخصصة , و هنا كانت المفأجاة بان بعد ما كانت ” رحمة ” بتتكلم حلو و تعبر عن احتياجاتها و تقول ” عاوزة أكل , بيبى , اشرب , و هكذا ” و جدتها تعود من المدرسة و بدأت تخرج اصوات بدلا من الكلام كبديل عن طلبها لاحتياج ما , كما وجدتها ترفض الأكل بمفردها على غير طبيعتها و ما تعلمته فى المنزل و الحضانة و حينما سألتها ” ليه يا ” رحمة ” مش بتأكلى ؟ ” ردت و قالت ” الميس فى المدرسة بتأكلنى ” و هنا ادركت اننى كنت على حق فى رغبتى بادخلها مدرسة عادية بنظام الدمج حتى لا تصبح شخصية اعتمادية و تنسى ما تعلمته .. و هنا قررت تأسيس قسم خاص باحدى المدارس لادماجها , و هذا الأمر لا يعيب فى وضع المدارس المتخصصة و لكن ربما الوضع وقتها لم يكن هناك تصنيف للأطفال و من ثم كان الوضع يناسب أطفال آخرين , أما أبنتى فكانت بحالة جيدة و استمرارها كان سيسبب لها انتكاسة .
+ ” رحمة خالد ” أول مذيعة من ذوى متلازمة داون فى مصر و الوطن العربى بل و العالم كله , كيف صار الحلم حقيقة ؟
++ بالفعل ” رحمة ” أول مذيعة من ذوى متلازمة داون تقدم برنامج على الهواء على مستوى العالم , و حقيقة لا اعلم كيف صار الحلم حقيقة , ” رحمة ” خلال فترة التحاقها بمعهد السياحة و الفنادق كانت رغبتها استكمال حياتها المهنية فى مجال الاعلام , و كان لديها قناعة انها تقدر و انها ستصل و كنت اشجعها و اقول لها ” عيشى حلمك ” و اشتغلى عليه , و بالفعل شاركت فى ورش و دورات تدريبية لتعلم الالقاء الاذاعى و التقديم التليفزيونى , و ظللت ورائها اشجعها و اقول لها ” اقرأى كثير و ثقفى نفسك و حصنى نفسك بمعلومات .. و حقيقة تعبت و اجتهدت و طورت من نفسها كثيرا الى ان جاءت أول فرصة فى عام 2016 و شاركت فى تقديم نشرة اخبار على الهواء ببرنامج ” اطفال اليوم ” على اذاعة صوت العرب لمدة سنتين و مازالت تقدمه و ان كان لم يكن بشكل دورى , و كان دورها تقديم محتوى لذوى الهمم تعلن من خلاله مضمون الفعاليات و الاحداث التى اقيمت على مدى شهر , و لا نغفل ان هذه الخطوة اعطتها دفعة و ثقة و خبرة و حافز ” و خلى الحلم يكبر جواها ” الى ان اصبحت اعلامية .
+ لاشك ان ” رحمة ” تحدت الظروف و المجتمع بقدرتها و تميزها , و لكن لا نغفل دور الدولة و قيادتها ممثلة فى الرئيس السيسى و اهتمامه الكبير و دعمه لذوى الهمم ؟
++ بالتأكيد ” رحمة ” و اقرانها بيعيشوا عصرهم الذهبى تحت رعاية الرئيس السيسى بدعمه و مساندته , و لدى يقين ان ” رحمة ” لم ترى النور و لم تصبح اعلامية لولا اهتمام الدولة رغم تعبها و جهدها ” و ما حققته طيلة مشوارها و تميزها و محاولة تنمية مهاراتها , ففكرة الالتفات لتلك الفئة و محاولة ادماجهم فى المجتمع و اظهارهم بهذه الصورة لم تكن فى الحسبان و كان المعتقد السائد انهم فئة مهمشة و غير قادرون .. الآن ” رحمة ” خرجت للنور و اصبحت توجه و تتكلم على الهواء .
+ ما كواليس اختيار ” رحمة ” لظهورها اعلاميا على الهواء ؟
++ بدأت القصة فى عام 2012 حينما اختيرت ” رحمة ” لتكون المتحدث الرسمى باسم ذوى الاعاقة لمدة عامين , و خلال تلك الفترة كانت تحضر فعاليات داخل مصر و خارجها كان من بينها مشاركتها فى مؤتمر الشباب والمدارس الأول فى عام 2012 بلبنان و حضورها مؤتمر الشباب العالمى فى كوريا عام 2013 , كما كانت هناك ترتيبات فى عام 2014 لتنظيم البطولة الاقليمية السابعة التى كانت ستقام فى مصر فى استاد الدفاع الجوى فى 3 ديسمبر 2018 بحضور الرئيس السيسى , و تم اختيار ” رحمة ” ايضا لتكون المتحدث الرسمى و القاء كلمة أمام الرئيس و وفود 28 دولة و قالت فى آخر كلمتها ” تحيا مصر .. و باحبك يا سيسى و عايزة اسلم عليك ” .. كل ذلك لم تفصح عن نيتها فى رغبتها ان تكون اعلامية .
كانت المفأجاة انه يتم اختيارها عضو المجلس الاستشارى الاقليمى لمنطقة الشرق الاوسط و شمال افريقيا عام 2015 , هنا بدأ الحلم يكبر داخلها و اعلنت عن رغبتها لأول مرة فى ان تكون اعلامية فى يناير 2018 فى احدى البرامج مع الاعلامية ” ريهام السهلى ” حينما سألتها فى نهاية اللقاء ” نفسك فى ايه ؟ ” قالت ” عاوزة اكون مذيعة ” , و بعدها كان اتصال من قبل هشام سليمان رئيس شبكة قنوات ” دى . أم . سى ” وقتها و طلب مقابة ” رحمة ” و قال لها ” هندربك و اذا نجحتى فى التدريب و عديتى المراحل دى هنأخدك ” , و بالفعل بدأت ” رحمة ” تتدرب لتظهر اول مرة هواء على الشاشة يوم 11 ديسمبر عام 2018 بقناة ” دى . أم . سى ” .
+ ماذا عن شعورك لحظة ظهورها على الشاشة للمرة الأولى ؟
++ ” رحمة ” مرت بنجاحات كثيرة جدا لكن حقيقة ظهورها اعلاميا على الشاشة امام العالم كله , كان بالنسبة لى تتويج لقصة كفاح طويلة و جهد غير عادى و حلم بيتحقق من فكرة قبول المجتمع و تغيره بالتخلى عن نظرة التهميش والتمييز .. فنجاح ” رحمة ” كان تاج فوق رأسى .
+ لأى مدى ” رحمة خالد ” تكتب تاريخا جديدا لمتلازمى داون بعدما اصبحت أول مذيعة فى العالم ؟
++ بالتأكيد ظهور ” رحمة ” كان السبب فى تغيير اتجاهات كثيرين , فضلوا ان يظهروا للمجتمع بابنائهم دون الخجل منهم بل بالعكس اعطى دفعة للاهالى ان تثق و تهتم بابنائها أكثر .
فى رأيى ” رحمة ” نورت الطريق و فتحت الباب امام اقرانها ان يظهروا و يخرجوا للنور , و اعتقد ان فى ذلك نجاح كبير و باذن الله هيخرج للنور جيل افضل من ” رحمة ” بكثير بتحسن الأوضاع و تهيئة المناخ العام .
+ ناشدتى المصريين بدعم ابنتك لتسجيلها ضمن موسوعة ” جينيس ” , هل من جديد فى هذا الاطار ؟
++ بالفعل كانت لدى محاولات لتسجيلها و لكن كان ل ” جينيس ” موقف آخر و هو عدم الانحياز بحسب التصنيف أو التمييز و بالتالى ما حققته ” رحمة ” من وجهه نظرهم أمر طبيعى و عادى و ليس هناك ما يدعو لتسجيله و كأنه أمر خارق , و ليكن على سبيل المثال اذا ما حقق أحد رقم قياسى فى صعود قمة جبل و لديه اعاقة حركية لا يعنى ” ” جينيس ” مسألة اعاقته لتمييزه , فالمسألة تخضع لمعايير ما تحقق دون تمييز أو تصنيف .
+ كيف ترين وضع قوانين ذوى الهمم , و لاى مدى منصفة و توفر مظلة حماية اجتماعية لهم ؟
++ القوانين وضعها أفضل عن فترات سابقة و حقيقة كل يوم بنكسب أرض و حقوق و مكتسبات جديدة لكن بننتظر المزيد حيث تفعيل القوانين بشكل أفضل .
Download entire message