* النباتات الخضراء نظفت جو الكرة الأرضية وحعلت استنشاق الهواء ممكنا..
* فأر في إناء زجاجي يحل لغزا عمره 2.5 مليار سنة
هل فكرت يوما فيما يحدث عندما تدلف أشعة الشمس إلي غرفتك.. أو وأنت واقف بجوار نافذتك تطل علي الزهور التي تتفتح عندما تلامسها أشعة الشمس وتري ذرات الغبار وهي تتراقص في الأشعة الذهبية؟ وهل راقبت ذلك الشعاع وهو ينقسم إلي أطياف, أو انحلال النور إلي ألوانه الأصلية بانعكاسه علي منشور أو غيره؟ حقيقة أن أشعة الشمس تحتوي علي ملايين الغرائب والعجائب, فهذا الرسول الشمس يحضر معه الدفء عبر ثلاثة وتسعين مليونا من الأميال يجتاز فيها الفراغ الأسود الداكن البارد.
إن أميز ما في شعاع الشمس عملية التركيب الضوئي الذي يقوم به, وهي العملية التي تحول بها أوراق النبات الخضراء الطاقة الشمسية إلي طعام لجميع المخلوقات وفي عملية التركيب الضوئي, فإن طاقات ضوءالشمس تستخدم لضم الذرات التي تؤخذ من الماء والهواء إلي جزيئات نشطة من السكر. وينشأ عن هذا التركيب أن يفر الأوكسجين الحر ليجدد جو الكرة الأرضية الذي نعيش فيه.
وكان أول من اكتشف هذا التركيب الضوئي العالم جوزيف بريسكي في عام 1771 وكان من علماء اللاهوت في بريطانيا أثناء تجاربه التي كان يجريها علي الهواء فوجد أن فأرا بدأ يختنق بعد أن وضعه في إناء زجاجي محكم ولكن عندما وضع غصن نعناع داخل الإناء بدأ الفأر يفيق. وفي ذلك الوقت لم يعرف بريسكي أن الأكسجين في داخل الإناء قد تجدد بعد أن لعب ضوء الشمس دوره عندما سقط علي أغصان النعناع.
ومن هذه التجربة بدأ البحث في سر التركيب الضوئي الذي تحدي العلماء بعد ذلك.
وفي السنوات الأخيرة بدأ لغز التركيب الضوئي يعرف تدريجيا رغم أنه لغز معقد لن يحل تماما حتي يفهم العلماء عمل الكلورفبل أي المادة الخضراء في النبات ورد الفعل المعقد الخاص بالكلوروبلاست وهي الأجهزة الميكروسكوبية التي يتمم بها الكلوروفيل عمله عن طريقها.
أننا نعرف قدرا كبيرا عن التركيب الضوئي ونعرف أيضا أن الكلوربلاست تشبه تحت الميكروسكوب أزرارا ناعمة خضراء تسبح في داخل خلية النبات.
ونعرف أن جزيئات الكلوروفيل تعترض بعض الإشعاعات القوية الصادرة عن الشمس وتحبس هذه الإشعاعات وتستخلص منها الطاقة. وهذه القوة التي أسرت تتحكم في الكلوروبلاست الذي ينتج الطعام وتحصل علي أهم مادة وهي السكر الطازج علي هيئة جزيئات.
ويستخدم بعض السكر لإنعاش الورق الأخضر ذاته ويتحول بعضه الآخر إلي بروتين وزيوت ونشا يمكن أن تتحول إلي بذور أو فواكه أو أخشاب و جذوع قوية ويسبح بعضه علي هيئة مجري من العصارة. وهذا الإنتاج الفائض من الطعام عن طريق التركيب الضوئي هو الذي يجعل الحياة علي ما هي عليه اليوم رائعة جميلة. وتقوم النباتات بعملية التركيب الضوئي وحدها ولكن الحيوانات تتدخل أيضا لتأكل النباتات أو بعض الحيوانات الأخري التي أكلت النباتات بدورها. وفي النهاية يعتمد كل مخلوق في الكرة الأرضية علي الطعام الذي ينتجه التمثيل الضوئي اعتمادا كليا.
وبما أن الكلوروبلاست ينتج السكر وتندمج ثلاثة عناصر معروفة للهواء والماء هي الكربون والهيدروجين والأكسجين فإنها تتخلص أيضا من الأكسجين الفائض أو الزائد وذلك بصب الأكسجين الحر في الهواء عبر ملايين السنين وعلي ذلك فإن النباتات الخضراء هي التي خلقت الجو الذي نعيش فيه الآن وجعلت استنشاق الهواء ممكنا لكل كائن حي. والتركيب الضوئي منح المملكة الحيوانية منحتين: النباتات الخضراء التي نعيش عليها والهواء النقي الذي نستنشقه.
قد تبدو ورقة النبات رقيقة أو كمصنع طعام له سقف شفاف وأنابيب يأتي الماء عن طريقهامن الأرض وثقوب في الأرض تفتح وتغلق التحكم في الرطوبة وتدفق الغازات [يتدفق ثاني أكسيد الكربون إلي الداخل ويهرب الأكسجين الزائد إلي الخارج] ويجب أن يغمر ورقة النبات ضوء الشمس وتمد بعصارة الماء حيث يذوب فيها كثير من المعادن من الأرض.
ومن نباتات الأرض نري أن الحشائش تقوم بالتمثيل الضوئي بهمة ونشاط لأن أوراقها كالأسلحة صممت بطريقة هندسية رائعة تستطيع بها أن تأسر ضوء الشمس من أعلي إلي أسفل كما تقف هذه الأوراق مباشرة فوق مصدر الماء وأن أعواد الحنطة والقمح خير من يستخدم الطاقة الشمسية عن سائر النباتات الأخري.
ونباتات المحيطات تستأثر أيضا بضوء الشمس الذي يهبط إليها مباشرة من قبة السماء خلال الجسم المائي الشفاف الذي يحيط بالكرة الأرضية وتقوم نباتات الألغا بعملية التركيب الضوئي وقد عملت هذه النباتات منذ أزمنة سحيقة في التاريخ علي تغيير جو الكرة الأرضية من جو سام إلي هواء نقي يمكن استنشاقه وقد تم ذلك في مليارين ونصف مليار سنة.
وفي أوائل القرن العشرين كان معروفا أن أوراق النباتات الخضراء تنتج السكر من ضوء الشمس وظل العلماء يبحثون في الأمر حتي الخمسينات وأخيرا استقر رأيهم علي أن ذلك يحدث عن طريق ثلاثة عناصر هي الكربون والهيدروجين والأكسجين حيث تستخرج من الماء والهواء وتتحد وتكون سكريات.
ويحدث التميل الضوئي عندما يسقط ضوء الشمس علي ورقة النبات الخضراء وتكيف الكلوروبلاست نفسها طبقا لفترة الضوء فإذا كان الضوء حارا فإنها تتحول مباشرة إلي الحائط الجانبي لخلية النبات ولا تحصل إلا علي القدر اليسير من شعاع الشمس, وإذا كان الضوء داكنا فإنها تنتشر علي طول أرض وسقف الخلية وتعرض جوانبها المسطحة إلي الضوء لتحصل منه علي أكبر قدر منه.
أي أن الكلوروبلاست تستطيع أن تحبس بقوة الضوء وأن جزيئات الكلوروفيل نفسه يمكنها أن تميز بين موجات الضوء الطولية المختلفة وبذلك تستطيع أن تري الألوان فتختار عادة الإشعاعات البرتقالية الحمراء الطويلة بجانب الإشعاعات الزرقاء البنفسجية القصيرة في حين تنعكس إشعاعات الضوء الخضراء من الأوراق ذاتها ولهذا السبب تبدو أوراق النباتات خضراء اللون فنحن لا نري غير الألوان والمنعكسة ليست الألوان الممتصة.