تحدث قائد منتخب الكاميرون فنسنت أبوبكر، عن مسيرته وفرص منتخب بلاده في قطر ٢٠٢٢، فنسنت أبوبكر هو قائد منتخب الكاميرون وهداف أمم إفريقيا 2021 ، قائلًا لمنصة الفيفا ، الكاميرون يمكنها مفاجأة الجميع في قطر، ولا نخشى البرازيل.
من مشاهدة إيتو في صغره إلى اللعب بجواره في المنتخب، أبوبكر يتحدث عن جاهزية الكاميرون لتحدي البرازيل في قطر 2022.
جاروا مدينة في شمال الكاميرون يقطنها حوالي مليون نسمة، أغلبهم من المسلمين وتعتبر عاصمة الإقليم الشمالي الناطق بالفرنسية، حتى وقت قريب كان أحمدو أهيدجو أول رئيس للكاميرون بعد الاستقلال هو أشهر أبناء هذه المدينة، إلا أن ذلك تغير في السنوات القليلة الماضية.
عندما تدخل إلى ملعب سيناجيس في قلب المدينة، تستقبلك رسومات لأحد أبطال هذه المدينة، ليس الرئيس أهيدجو، بل الرجل الذي احتل مكانه ليصبح الابن المفضل لجاروا وقائدا للكاميرون أيضا لكن ليس كرئيس، شكل وصول قائد المنتخب الكاميروني فنسنت أبوبكر إلى العاصمة السعودية الرياض، على بعد ٤ آلاف كيلومتر من مسقط رأسه، نقطة بدا فيها وكأنه عاد إلى المدينة المسلمة التي نشأ فيها.
وقال “أبوبكر” : “عندما وصلت إلى المملكة العربية السعودية، صُدمت في البداية بشدة الحرارة، لكن الناس هنا مليئة بالدفء والترحاب ويعشقون كرة القدم كثيرا، لديهم شغف كبير بهذه اللعبة.
ويضيف: “أنا ولدت في مدينة أغلب سكانها من المسلمين في شمال الكاميرون، وعندما جئت إلى هنا وجدت شعبا طيبا ومنفتحا، تجربة اللعب مع النصر سمحت لي برؤية أن الشعب السعودي منفتح ومحب للآخرين، وكانت هذه مفاجأة جميلة بالنسبة لي”.
يعتبر وصول المهاجم الكاميروني من نادي بشكتاش التركي حجر الأساس في بناء مشروع طموح لدى نادي النصر أحد أعرق أندية المملكة، والذي وجد نفسه في السنوات الأخيرة في سباق دائم مع غريمه التقليدي بطل آسيا نادي الهلال.
في الصيف التالي لوصول أبوبكر، تعاقد النصر مع حارس المرمى الكولومبي دافيد أوسبينا من نابولي الإيطالي، وتبعه وصول المدرب الفرنسي رودي جارسيا ولاعب وسط منتخب البرازيل السابق لويز جوستافو بالإضافة للظهير الأيسر الإيفواري غيسلاين كونان، الهدف الأساسي للنادي هذا الموسم هو استعادة لقب الدوري السعودي للمحترفين الذي فاز به النادي مرة واحدة في آخر ست سنوات بينما ذهب الألقاب الخمسة المتبقية جميعها للهلال.
ويبدو “أبوبكر” متفائلًا بهذه الصفقات وهو يشرح: “أعتقد أن النادي أبلى بلاء حسنا في سوق الانتقالات، هذا الموسم، قرر الرئيس رفقة مجلس إدارته التعاقد مع لاعبين من أجل المنافسة على اللقب، أعتقد أن التعاقد مع رودي جارسيا وهو مدرب يعرفه الجميع ويعرف العمل الذي قام به في السابق، لقد درب أندية كبيرة ولاعبين كبارًا جدًا، أعتقد أن رودي يملك مسؤولية كبيرة الآن ونحن كلاعبين نملك نفس المسؤولية، المدرب يقوم بعمل جيد الآن وأنا مقتنع بأننا سنبصم على موسم جيد وأننا سنحصل على الجزاء الذي نستحقه”.
التفوق على الهلال هو تحدٍ جديد في مسيرة أبوبكر الذي لعب في فرنسا والبرتغال وتركيا قبل الانتقال إلى الخليج حيث ينتظره كذلك التحدي الأكبر في مسيرته وهو قيادة منتخب “الأسود غير المروضة” في كأس العالم فيفا قطر ٢٠٢٢.
تحدث أبوبكر عن البطولة قائلا: “كأس العالم منافسة جميلة مليئة بالمشاعر، نحن سنلعب في مجموعة تضم البرازيل وسويسرا وصربيا، وهي مجموعة جيدة، لن نخاف من البرازيل، فالبرازيل اليوم ليست هي برازيل الأمس، صحيح أن لديهم بعض اللاعبين الجيدين، إلا أن الفريق المتحد ذو العقلية القوية هو القادر على الذهاب بعيدا، على عكس الفريق ذو الأسماء الكبيرة لكن دون بيئة جيدة”.
“عموما، علينا أن نصل إلى كأس العالم في أفضل حال دون إصابات ونستعد جيدا، بعدها سنرى ما يمكن أن يحدث، لن نقول إن البرازيل ستفعل هذا أو ذاك، سنركز على فريقنا، وسيقوم الجهاز التدريبي بتجهيزنا على أفضل وجه لنقدم بطولة كبيرة، نملك تشكيلًا جيدًا قادرًا على تقديم بطولة طيبة، وعقلية ممتازة وأي شيء سنحققه سيكون جماعيًا”.
“البرازيل لم تقدم بطولة جيدة في ٢٠١٤ وخرجوا من ألمانيا بسبعة أهداف، سيأتون لهذه البطولة وهم لديهم رغبة أكبر ولديهم مجموعة من اللاعبين أصبحوا أكثر نضجًا ويريدون الفوز بلقب ما، لكن نحن أيضًا فريق كبير ونمثل بلد كبير ويمكننا القيام بأشياء جيدة”.
“لا يجب الحديث كثيرًا قبل كأس العالم، علينا أن نذهب ونلعب فتلك البطولة تضم أفضل المنتخبات في العالم ويجب أن نتحضر بشكل جيد من أجل تقديم بطولة جيدة، فـ ٢٠١٤ لم تكن تجربة طيبة بالنسبة لنا، كنا نشعر أن الفريق في مرحلة انتقالية، كانت لحظات صعبة وكان هناك مشاكل داخل المجموعة، لكن علينا التعلم من تلك التجربة”.
في سنواته الأولى في جاروا، كان أبوبكر مهووسا بتطوير نفسه في الملعب، إلى الحد الذي لم يترك له وقتا لمشاهدة كرة القدم على التلفاز، حتى غيرت مباراة واحدة في الدوري الإسباني حياته.
“حينما كنت طفلًا، كان لدي صديق اسمه فيديل. وأنا لست من الأشخاص الذين يحبون مشاهدة المباريات، أفضل أن أكون فوق العشب، أن ألعب وأن أستمتع مع أصدقاء الطفولة. يومًا ما، ناداني صديقي ـ وحينها كانوا يلقبونني بكونغولو ـ وقال لي، كونغولو، تعال لتشاهد مباراة ما، هناك لاعب سيعجبك كثيرًا، وحينها كان برشلونة يلعب ضد أتلتيك بلباو. وصلت، فإذا به يريني رونالدينيو، وهو أول لاعب أراني إياه، ومنذ ذلك اليوم، بدأت أحب رونالدينيو مثل المجنون، أكثر لاعب ألهمني في مسيرتي هو رونالدينيو وبعدها أصبح كريستيانو رونالدو، فكريستيانو ألهمني بفضل عقلية العمل والفوز، وهو شيء أحببته كثيرًا، كريستيانو لاعب قادر وحده على قيادة الفريق لمستوى معين وكل ذلك بفضل شخصيته، عقليته ورغبته في تحقيق الألقاب”.
وبعد أن لفت الأنظار لنفسه انتقل إلى فرنسا وهناك البداية لم تكن مثالية بالنسبة له، ويقول أبوبكر: “عندما انتقلت إلى فالنسيان الجميع ركز على فترة تأقلمي الصعبة، انتقلت من ثقافة إلى أخرى كان هناك فارق كبير لأتداركه، ووصلت في سن الـ ١٨ إلى بلد لا أعرف عنه أي شيء، كانت الأمور صعبة وقتها ولعبت بعض الأوقات على الطرف، لكن بعدها انتقلت إلى لوريان وبدأت الاستمتاع”.
رغم ذلك كان الفتى الملقب بكونغولو يسير على خطى قدوته رونالدينيو ويستعد لتمثيل بلاده في أكبر بطولة عالمية، حيث أُعجب المدرب الفرنسي بول لوجوين بقدرات أبوبكر ليقوم باختياره في قائمة المنتخب المتوجهة إلى جنوب إفريقيا ٢٠١٠، على الرغم من أن لاعب نادي القطن الكاميروني البالغ من العمر ١٨ عاما فقط لم يكن قد سبق له اللعب مع المنتخب.
“روجيه ميلا، باتريك مبوما وصامويل إيتو نجوم خدموا كرة القدم الكاميرونية جيدا، وكنت أحب مشاهدتهم”. لمدة ١٢ دقيقة أمام الدنمارك و٣٤ دقيقة أمام هولندا، لم يكن أبوبكر يشاهد إيتو، بل يلعب بجواره في خط الهجوم بعد أن أشركه لوجوين كبديل في المباريات التي كانت الأسود غير المروضة تحاول إدراك التعادل فيها، ورغم عدم نجاحهم في ذلك إلا إن المهاجم الشاب لم يتوقف عن ملاحقة أحلامه.
“لعبت في كأس العالم وأنا في سن الـ١٨، حيث كنت أحد أصغر اللاعبين في تشكيلة الكاميرون وقتها، انتقلت إلى فالنسيان الفرنسي لكنني دائما ما كنت محاطا بأشخاص جيدين. المال لم يفاجئني أو يتحكم في حياتي، رغم وصولي لكأس العالم سنة ٢٠١٠، فقد حافظت على تواضعي، بقيت كما كنت قبلها، ولعبت كأس العالم وواصلت مسيرتي في فالنسيان دون أية أفكار مسبقة، أنا شخص هادئ، ولا أحب الحفلات أو التدخين وتلك الأمور”.
بعد ١٢ عاما، يستعد أبوبكر لتمثيل منتخب بلاده في كأس العالم، هذه المرة كقائد للفريق، وبين البداية في ٢٠١٠ واليوم مرت مسيرته بالعديد من اللحظات الإيجابية والسلبية، من المشاركة المحبطة في البرازيل ٢٠١٤ حيث شارك في مباراتين ولم يستطع التسجيل في الوقت الذي خسرت فيه الكاميرون أمام كرواتيا والبرازيل ٤-٠ و٤-١ على التوالي، إلى إنجازات كأس أمم إفريقيا ٢٠١٧ و٢٠٢١.
في الجابون ٢٠١٧ كان أبوبكر يمر بفترة صيام تهديفي حيث أشركه المدرب في دور البديل في أغلب المباريات، ولم ينجح في تسجيل أي هدف حتى المباراة النهائية التي جمعت منتخب بلاده بالمنتخب المصري بقيادة محمد صلاح، تقدَّم الفراعنة عن طريق محمد النني وعادل البديل نيكولاس نكولو للكاميرون بعد مرور ساعة، مرة أخرى قرر المدرب البلجيكي هوجو بروس إشراك أبوبكر في الشوط الثاني.
بدا أن اللقاء متجه إلى الأشواط الإضافية، لكن قبل دقيقتين من النهاية، أثبت أبوبكر تنوّع قدراته عندما قفز عاليًا ليسيطر على تمريرة سباستيان سياني الطولية ثم مرر الكرة من فوق رأس المدافع المصري وقابلها بتسديدة مباشرة في زاوية المرمى.
هذه المرة كان روجيه ميلا وصامويل إيتو هما اللذان يشاهدان أبوبكر يصنع التاريخ، فتسديدته الرائعة جلبت لبلاده اللقب الإفريقي الخامس، وأنهت صيام ١٥ عام عن البطولة.
بعدها بأربعة أعوام، وعلى أرض الكاميرون، كان أبوبكر ورفاقه على موعد آخر مع منتخب مصر. هذه المرة كان اللقاء في الدور نصف النهائي، وذهبت المواجهة إلى ركلات الترجيح دون أن ينجح أي من الفريقين في التسجيل خلال ١٢٠ دقيقة.
سجل أبوبكر ركلة الجزاء الأولى لكن ثلاثة من زملائه أهدروا الركلات اللاحقة ليُقصى أسود الكاميرون من البطولة ويكتفوا بالمركز الثالث. لكن بالنسبة لأبوبكر، كانت تلك البطولة الفرصة التي حقق فيها أهم إنجازاته الفردية.
بعد أن أنهى دور المجموعات بخمسة أهداف في رصيده، سجل أبوبكر في شباك جزر القمر، وأضاف ثنائية في مرمى بوركينا فاسو ليصبح أول كاميروني يتوّج بلقب هداف أمم إفريقيا منذ صامويل إيتو عام ٢٠٠٨، كما أصبح أبوبكر بأهدافه الثمانية أول لاعب يتخطى حاجز الأهداف السبعة منذ الكونغولي نداي مولامبا عام ١٩٧٤.
“كانت لحظة سعيدة لي، لكن أريد أولًا شكر المدرب كونسيساو (مدرب بورتو) ولن أتوقف أبدًا عن شكره، لقد كان أول من وثق بي بهذا الشكل ولا أعتقد أنني خيبت أمله، وأريد أن أشكر كل من لعب بجواري أيضًا، لقد فعلوا كل شيء حتى يجدوني ويمنحوني الكرة، لم أكن لأحقق أي شيء دونهم، كنا نريد تحقيق اللقب لكن ذلك لم يحدث”.
“بعد ما قدمته في تلك البطولة، أعتقد أن الأعين ستكون مسلطة نحوي في كأس العالم، وسيقوم مدافعو الخصوم بمراقبتي عن قرب، لكن ذلك لا يشكل أي مشكلة بالنسبة لي، فالأهم هو أن أحافظ على صحتي، أعتقد أننا قادرون على تحقيق بعض المفاجآت في قطر”.
وعلى الرغم من إنجازاته المتعددة طوال السنين الماضية، إلا أن أبوبكر يحتفظ بذات تواضع الفتى الملقب بإكونغولو في مدينة جاروا.
“يتحدث الناس كثيرا عن كوني قائد المنتخب، لكنني لا أفكر في ذلك كثيرا، أنا فقط حلقة الوصل بين المدرب واللاعبين، لا أُقيم وزنا لكوني قائدا للفريق. صحيح أن قيادة منتخب بلادك شرف، وهو أمر يساهم في جلب الفرحة للجمهور، نحن نعلم مدى أهمية كرة القدم في بلادنا، لأنها تساعد الناس على التعافي من مشاكلهم والابتسام، لذا فإن واجبنا كلاعبين هو القتال على أرضية الملعب لجلب الفرحة للشعب الكاميروني”.
“كان من دواعي سروري أن أعيش لحظات رائعة في مسيرتي مع جماهير كل الفرق التي لعبت لها، لا أستطيع القول إنني راضٍ تماما عن مسيرتي لأنني أعتقد أن لدي المزيد، لكن بالمقابل لا يمكنني التقليل مما حققته، عندما أنظر إلى مسيرتي لا يمكنني أن أكون راضيا بنسبة ١٠٠%، لكن من المؤكد أن لدي الكثير من الأشياء التي تجعلني ممتنًا”.
أفضل إنجاز إفريقي في كأس العالم سابقًا تحقق بالوصول إلى دور الـ ٨ عن طريق عدة منتخبات كان أبرزهم جيل الكاميرون في إيطاليا ١٩٩٠، لذلك يؤمن نجم هجوم النصر أن المنتخبات الإفريقية قادرة في وقت ما بالمستقبل البعيد على تحقيق كأس العالم، لكنه يؤكد على ضرورة التحطيط للأمر رغم ضعف الموارد.
واختتم قائلا “في السنوات المقبلة قد يحقق فريق إفريقي كأس العالم، نحن أمام فكرة تخطر في بال العديد من الأشخاص، ربما بعد ٢٠ عامًا أو ٥٠ عامًا، من يعرف، الأمر وارد لكن ليحدث ذلك يجب التحضير له جيدًا، علينا أن ننظم أنفسنا بشكل أفضل رغم أن الموارد لا تساعد دائمًا”.