تم التعامل مع أزمة المناخ وأزمة التنوع البيولوجي لسنوات عديدة على أنهما قضيتان منفصلتان، الى ان تم تعريفهما على أنهما أزمة مزدوجة في قمة ٢٦ المناخ العام الماضي، و تم تسليط الضوء عليها يوم الأربعاء في COP27- هي أنه لا يوجد طريق قابل للتطبيق للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية دون حماية الطبيعة واستعادتها بشكل عاجل.
“يجب النظر إلى القضيتين على أنهما على نفس الطول الموجي، وليس أن إحداهما أهم من الأخرى،” كما أوضحت إليزابيث مريما، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (CBD)- وهي الأداة القانونية الدولية لحماية التنوع البيولوجي التي تم التصديق عليها من 196دولة، ذلك التنوع الذي يحظى غابات الأمازون بنسبة كبيرة كنه لكنها تتعرض للإزالة والحرائق ، وغيرها من الاعتداء، والكوارث المناخية الذي تمثل تهديدا لن يبعده الا حماية الشعوب الأصلية الساكنة إياها.
وتقع غابات الأمازون والتي تعتبر رئة العالم، في قلب التنوع البيولوجي العالمي الذي يناضل من أجله السكان والشعوب الأصلية، حيث تمثل الغابات مستودعات لامتصاص الكربون وبالتالي حماية العالم من الاحتباس الحراري لذلك، فإن النشطاء من السكان الأصليين، كانوا حاضرين بقوة منذ بداية COP27، لأنهم حماة التنوع البيولوجي لكوكبنا. خاصة من غابات الأمازون في البرازيل، في هذا الصدد قالت أدريانا دا سيلفا مافيوليتي : “أصيب مجتمعي بإعصارين في عام واحد فقط، ودمرت مدينتنا بالكامل. لا نريد أن نعيش هكذا بعد الآن. نحن بحاجة إلى مساحة آمنة”.
كما قالت أدريانا، وهي ناشطة شابة من البرازيل، مضيفة “نحن بحاجة إلى كوكب آمن”، وأضافت أنها تأمل في أن يستمع قادة العالم لقادة السكان الأصليين بدلاً من استغلالهم، “لدى السكان الأصليين أكثر الطرق استدامة للعيش، لذلك يجب أن نتعلم منهم وألا نضعهم جانبا في هذه المعركة. ونحن نحمي أكثر من 80 % من التنوع البيولوجي للكوكب”.
وأكدت دا سيلفا مافيوليتي أن شعبها يجب أن يكون الأولوية الأولى في مكافحة تغير المناخ، “هذا ليس شيئا يؤجل ليوم الغد، هذا ليس شيئًا لمدة 10 سنوات من الآن، هذا شيء علينا القيام به الآن، أزمة المناخ تؤثر وتقتل الناس في الوقت الحالي. لذا، يجب أن نتحرك الآن”.
وقالت ينلين أوريلان لوبو بونيفانتو:” لن نتخلى عن هذه المعركة. شركات الاستخراج، وحتى بعض مشاريع طاقة الرياح التي لم يتم التشاور معها معنا، تؤثر على أمنا الأرض، ومصادرنا وطبنا، “كما قالت ينلين أوريلان لوبو بونيفانتو من مجتمع جوايو Guayu في كولومبيا، تأتي من مقاطعة جواجيرا Guajira في شمال الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررًا من تغير المناخ في البلاد، والناشطة هي أيضا عالمة أحياء، وهي تقوم حاليا بتعليم الفتيات الصغيرات في مجتمعها حول العلوم.
وتابعت :””نحن بحاجة إلى رفع أصواتنا. والعلم، جنبا إلى جنب مع معرفة أجدادنا، هو مفتاح مكافحة تغير المناخ”.
وجاء أمس، “يوم التنوع البيولوجي” في COP27 في شرم الشيخ، وذلك قبل أسبوعين فقط من اجتماع رفيع المستوى للدول الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي في مونتريال، الذي يهدف إلى عكس فقدان التنوع البيولوجي.
وطلب أربعة من القادة الرئيسيين لاتفاق باريس، رسميامن قادة العالم تقديم اتفاق “طموح وتحويلي” حول التنوع البيولوجي العالمي في مؤتمر COP15 القادم المعني بالتنوع البيولوجي، كان بين من تقدموا بالطلب رئيسة الأمم المتحدة السابقة لتغير المناخ كريستيانا فيجيريس. التي قالت:”أجندات المناخ والطبيعة متشابكة، فقط من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف وعكس فقدان الطبيعة هذا العقد، مع الاستمرار في تكثيف الجهود لإزالة الكربون من اقتصاداتنا بسرعة، يمكننا أن نأمل في تحقيق وعد اتفاق باريس،”.
الترابط واضح
يوضح برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، أن فقدان التنوع البيولوجي له بالفعل آثار كبيرة على تغير المناخ الإقليمي والعالمي، بينما تلعب النظم البيئية الطبيعية دورًا مهما في تنظيم المناخ ويمكن أن تساعد في عزل الكربون وتخزينه، فإن فقدان الغابات وتجفيف الأراضي الرطبة وغير ذلك من التدهور البيئي حول العالم قد ساهم بشكل كبير في تغير المناخ.
والسكان الأصليون في البرازيل، هم الذين في الأصل يعيشون في المستوطنات، ويعتمدون أسلوب حياة بدوية منذ حوالي عام 1800 مبتعدين من إستيطان الأوروبي. خلال القرن التاسع عشر، وتم تخريب غاباتهم.
ووفقا للوكالة، فإن الجهود المبذولة للحد من إزالة الغابات وتدهورها واستعادة النظم البيئية، على سبيل المثال، يمكن أن تسهم في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية.
وقالت إنجر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة:”إذا استثمرنا في الطبيعة والبنية التحتية الطبيعية، والغابات، والشعاب المرجانية، وأشجار المانجروف، والغابات الساحلية، فهذا يحمينا من العواصف الشديدة. ولا يوفر موطنا للأنواع وحسب، بل يخزن أيضا الكربون. فلذلك بُعدٌ في مجالي التخفيف والتكيف”.
الشعاب المرجانية
في الوقت نفسه، يتأثر التنوع البيولوجي بظواهر الطقس المتطرفة ودرجات الحرارة، وخاصة في البلدان النامية، بسبب الموارد المحدودة لحمايتها. هذا أمر مقلق، لأن 15 دولة من بين الدول ال 17 التي لديها أكبر تنوع بيولوجي تقع في الجنوب العالمي، إن تأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي واضحة بالفعل، خاصة مع اضطرار العديد من أنواع الحيوانات بالفعل إلى تغيير أنماط الهجرة، والنباتات التي تكافح من أجل التكيف مع التغيرات في درجات الحرارة، وبالطبع الدببة القطبية المعرضة للخطر بشكل خطير – ’الحيوانات الملصقة‘ للاحتباس الحراري – التي يتضورون جوعاً في القطب الشمالي بسبب نقص الجليد البحري في عالم يزداد احترارا.
في المحيط، يشهد علماء الأحياء مأساة أخرى، حيث تموت الشعاب المرجانية، التي توفر الغذاء والمأوى لأكثر من 7000 نوع آخر، بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيط وتحمضه، وأطلقت سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إيلي جولديج، مبادرة جديدة تهدف إلى حماية هذه الحيوانات الاستعمارية في COP27. وقادت الأسبوع الماضي رحلة استكشافية في البحر الأحمر قبالة ساحل شرم الشيخ.
قالت ايلي:””هناك هذا الجمال البصري المطلق. عندما تمر بقناعك وتشاهد هذه الوفرة الرائعة للحياة البحرية، تشعر كما لو أن الحياة كلها تسبح أمام عينيك. وقد ذكرني أن الشعاب المرجانية لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من قاع البحر، لكنها تدعم ربع جميع الأنواع البحرية المعروفة”، كما قالت السيدة غولدنغ للمشاركين، وأضافت أنه حتى عند 1.5 درجة مئوية من الاحترار، فإن 70 إلى 90 % من جميع الشعاب المرجانية ستضيع؛ يقفز هذا الرقم إلى نسبة مقلقة للغاية بنسبة 99% إذا ارتفعت درجة حرارة كوكبنا بمقدار 2.0 درجة مئوية، وأوضحت أن “هذه واحدة من أكثر الشعاب المرجانية تحملاً للمناخ في العالم، ويصادف وجودها هنا عند قدميكم في شرم الشيخ. وهذه ليست شعاب مرجانية عادية. وأوضحت أنها أحد أعظم عناصر الطبيعة التي نجت (من التغيرات المناخية) ويمكن أن تكون المفتاح لتجديد الشعاب المرجانية الأخرى في المستقبل.”
وقالت المغنية وكاتبة الأغاني إنه من “المهين” أن أقل من 0.01 % من تمويل المناخ مخصص لحماية الشعاب المرجانية : “أطلب من المجتمع العالمي للقادة الاعتراف بأن الشعاب المرجانية هي واحدة من أعظم أصولنا الجماعية، وأن يكونوا جادين طموحين جادا فيما يتعلق بالتمويل والإصلاح والحماية”.
الغابات والأمازون والوعود
تم تقديم تعهدات مهمة تهدف إلى حماية الغابات العام الماضي في COP26 في جلاسكو.
“بدأ البعض منهم في الانتقال إلى الواقع. ولكن هناك سبب وراء تأطير مصر لهذا الأمر على أنه ’مؤتمر الأطراف المعني بالتنفيذ‘ لأن تلك التعهدات والوعود يجب أن ترى تترجم إلى أرض الواقع”، كما صرح رئيسة برنامج الأمم المتحدة للبيئة أندرسن.
في الأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي أيضا عن إطار تعاون جديد بشأن عكس اتجاه إزالة الغابات في غيانا ومنغوليا وجمهورية الكونغو وأوغندا وزامبيا، وأمس اجتذب لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس المنتخب للبرازيل، حشدا كبيرا من الأجنحة وقاعة الاجتماعات في فترة ما بعد الظهر حيث أكد أن بلاده ستخوض معركة قوية للغاية ضد إزالة الغابات غير القانونية في منطقة الأمازون، وأعلن أن البرازيل تهدف إلى استضافة COP30 في عام 2025.
كما أعلن لولا دا سيلفا عن إنشاء وزارة للسكان الأصليين في ظل حكومته الجديدة.
“سيضع تركيزا كبيرا على الأمازون والغابات الاستوائية. وهذا، بالطبع، مكسب هائل للمناخ والتنوع البيولوجي” هكذا قالت لشعب الأمازون،” انجر أندرسن، في أعقاب تصريحات الزعيم البرازيلي.
وأعلنت الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين اليوم عن سلسلة من المبادرات المتعلقة بحماية التنوع البيولوجي.