أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن تاريخ مصر العسكرىدي وملوكها وقوادها العظام يدّرس في معظم الأكاديميات العسكرية في العالم بصفتها أقدم وأعظم إمبراطورية انتشرت شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا بفضل حكمة قياداتها وخططهم الحربية التي طبقت في الحرب العالمية الخاصة بأعظم ملوكها وقوادها العسكريين تحتمس الثالث
ومن الشخصية العسكرية الملك سقنن رع تاعا الثاني (1560 ق.م أو 1558 ق.م) أول من بدأ القتال الفعلى لطرد الهكسوس من مصر والذي أنهاه ابنه أحمس الأول، ومات الملك سقنن رع وهو يحارب الهكسوس، ولتحتمس الأول ( 1506 إلى 1493 ق.م) الذي قضى على تمرد النوبة حيث سافر إلى أعلى نهر النيل وقاتل شخصيًا في المعركة، وقتل الملك النوبي وبعد الانتصار قام بتعليق جسد الملك النوبي على مقدمة مركبه قبل أن يعود إلى طيبة وساعد هذا في اندماج النوبة في الإمبراطورية المصرية.
ويشير الدكتور ريحان، إلى أعظم القواد في التاريخ العسكري للعالم القديم وهو تحتمس الثالث (1457- 1425ق.م.) المحارب الأسطوري الذي قام بستة عشرة حملة عسكرية على آسيا «منطقة سورية وفلسطين» استطاع أن يثبت نفوذه هناك.
كما ثبت نفوذ مصر حتى بلاد النوبة جنوبًا، حيث بنى القلاع والحصون وقام بتدريب الجنود على أفضل التدريبات وتوسع في استخدام العربات في القتال وفي حملة معركة مجدو قسم جيشه إلى قلب وجناحين واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل، كما أنشأ أسطولًا بحريًا استطاع أن يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط مثل قبرص وأيضا بسط نفوذه على ساحل فينيقيا «سواحل لبنان وفلسطين حاليًا» وبذلك فهو أول من أقام أقدم امبراطورية عرفها التاريخ، امتدت من أعالي الفرات شمالًا حتى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبًا وأصبحت مصر أقوى وأغنى امبراطورية في العالم عاش فيها المصريون قمة مجدهم وقوتهم.
أمّا رمسيس الثاني فقد قادعدة حملات شمالًا إلى بلاد الشام، وفي معركة قادش الثانية في العام الرابع من حكمه (1274 ق.م.)، قامت القوات المصرية تحت قيادته بالاشتباك مع قوات مُواتالّيس ملك الحيثيين استمرت لمدة خمسة عشر عامًا ولكن لم يتمكن أي من الطرفين هزيمة الطرف الآخر. وبالتالي ففي العام الحادي والعشرين من حكمه (1258 ق.م.)، أبرم رمسيس الثاني معاهدة بين مصر والحيثيين مع خاتوشيلي الثالث، وهي أقدم معاهدة سلام في التاريخ.
وكان المصريون ملوك البحار في العالم القديم، حيث أبحروا إلى الشرق والغرب والعمق الأفريقي. وقد اشتهر الملك أمنحتب الثالث برحلاته وبعثاته الاستكشافية عبر البحار، وهي ما أطلق عليها رحلات البحث والمعرفة وقد سجل في تاريخ مصر القديمة أنه أرسل بعثاته المشهورة مزودة بجنود البحر الأشداء ورجال المعرفة وقد خرجت رحلته الأولى لتقتفى أثر الشمس في مدارها ومسيرتها نحو الغرب عبر البحر الأبيض حتى وصلت شاطئ المحيط الأطلسي.
ويتابع الدكتور ريحان، أن الجيش المصري في عهد الدولة الحديثة كان يتكون من قسمين رئيسيين المشاة والعربات الحربية، وكان المشاة هم من يدخلون الأرض المفتوحة ويقيمون الحصون وكانت تشكيلات المشاة من مشاه عادية ومشاه قوات خاصة علاوة على القوات الأجنبية وكانت الوحدة الرئيسية في تشكيلات الجيش هي “السرية” التي تنقسم إلى فصائل والفصائل إلى جماعات وكل جماعة من عشرة أفراد ويتلقى قائدها أوامره من قائد الفصيلة الذى يعرف بقائد الخمسين حيث تتكون الفصيلة من 50 جندي وقائد السرية وحامل اللواء وأركان حرب السرية ثم كاتبها وهناك أيضًا الكتيبة وتتكون من سريتين وكان أفراد المشاه ينقسمون إلى رماه وحملة الرماح، أمَا القوات الخاصة فكانوا يتميزون بصغر السن ويتلقون تدريبات خاصة، وكان الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقد أشارت إحدى البرديات التي اكتشفها العالم المصرى سليم حسن وتعود للسنة الخامسة من حكم أمنحتب الثالث إلى أن حدوده امتدت إلى الأعمدة الأربعة التي تحمل السماء، والتي فسرها المؤرخون بأنها القارات البعيدة التي تنتهي عندها المحيطات وهي القارة الأمريكية التي تشرق الشمس من شواطئها الغربية وتغرب عند شواطئها الشرقية، وقد أرسل بعثاته البحرية الكبيرة لاحتلالها وضمها إلى ملكه.
كما أرسلوا السفن الكبيرة لبلاد (بونت) لاستيراد العاج وخشب الأبنوس وجلود الفهود والنمور وسبائك الذهب والبخور والدهانات العطرية وهي في رأي الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى وقد سجل المصري القديم الواقع الحضاري للعمق الأفريقي، وصور آثاره على جدران المعابد من مناظر شحن السفن الكبيرة بعجائب بلاد بونت، ومناظر الرجال وهم يسيرون على السقالات ويحملون الأشجار المختلفة إلى داخل السفن، ومنظر يمثل ثلاث سفن تفرد أشرعتها في طريقها للإبحار إلى مصر وفوقها نص “الإبحار والوصول فى سلام الى إبت سوت” أي إلى أرض معابد الكرنك، ومناظر لأهالي بلاد بونت يقدمون الهدايا للمصريين ويحنون رؤوسهم تحية واحترامًا.
وأردف الدكتور ريحان، بأن المرأة فى مصر القديمة كان لها دورًا رياديًا في الحياة العسكرية، حيث منح أرفع وسام عسكرى لإياح حتب أم الملك أحمس بعد الانتصار في حرب التحرير ضد الهكسوس والملكة أحمس نفرتاري زوجة الملك أحمس الأول طارد الهكسوس التي لعبت دورًا بارزًا في المعركة التي انتهت بطرد الغزاة من مصر وكانت أول امرأة في التاريخ تتقلد منصب قيادة فرقة عسكرية كاملة وقاتلت بكفاءة شديدة.
وكانت الملكة أحمس نفرتاري زوجة الملك أحمس الأول محرر مصر وطارد الهكسوس والآسيويون أول امرأة في التاريخ تتقلد منصب قيادة فرقة عسكرية كاملة وقاتلت بكفاءة شديدة، وضربت الأم (اياح حتب) مثلًا رائعًا وعظيمًا لدور المرأة المصرية في المشاركة في النضال الوطنى ضد المستعمر واستمرت في مواصلة دورها الوطني الجميل بتحفيز وتشجيع ابنها الأصغر (الملك أحمس الأول) وحثه على استكمال الثوره التي راح ضحيتها أبيه سقنن رع واخيه الأكبر كاموس واستمرت تحثه على تحرير البلاد من الهكسوس وبالفعل تولي أحمس زمام الأمور وقيادة الثورة القومية ضد الهكسوس للمرة الثالثة مع الاستفادة من أخطاء أبيه وأخيه من حيث تطوير الأسسلحة في الجيش المصري فأرسل الجواسيس في صفوف جيش الهكسوس ليعرف مدي تطور أسلتهم ونوعها وكفاءتها القتالية وصنع مثلها مثل العجلات الحربية التي يجرها حصانين وجنديين وزاد من فاعليتها الكفاءة القتالية والسرعة للجيش المصرى وتطوير العجلة الحربية حتى أصبحت تجر بحصانيين وجنديين بدلًا من حصان وجندي واحد وتمكن أحمس من طرد الهكسوس من مصر.