عماد الدين عدلي: واجهت المبادرة تحدياً في الدعم المادي واعتماد تسجيل ممثلي المجتمع المدني
“بلدنا تستضيف القمة ال27 المناخ” .. هذا ليس خبراً فقط، ولكنه ايضاً اسم المبادرة التي انطلقت منذ ما يقرب من عام، في يناير الماضي، بريادة د. عماد الدين عدلي رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، لتخبر الجميع بأن مصر تستعد لاستقبال وفود العالم في مدينة السلام شرم الشيخ، لتكون المكان الذي تنتقل فيه الاتفاقات والتعهدات المُبرمة في القمة 26 بجلاسكو الى مرحلة التنفيذ، ولكن كيف يمكن أن يشارك بلد في الانتقال الى هذه المحطة المهمة من قطار العمل المناخي، دون المرور الآمن في محطات العمل المجتمعي والحوار الإنساني؟ هذا ما التقطه مهندس الحوار المجتمعي للمناخ في مصر دكتور عماد الدين عدلي، وبنى جسد المبادرة عليه، فتبنت المبادرة إعداد الذهن الجمعي للمصريين لاستقبال منتجات القمة المرتقبة، والمنعقدة على أرض شرم الشيخ في الفترة من 6 الى 18 نوفمبر المقبل، بل وتبنت المبادرة التهيئة النفسية للمصريين في معظم المحافظات، خاصة نجوع وقرى محافظات الصعيد، التي بينها من لا يعلم ما هو التغير المناخي، وبدأ العمل في العديد من الأماكن، في مراكز الشباب، في المقاهي، وسط الحقول، بين الفلاحين، وسط المحال وبين التُجار، لم يقتصر عمل المبادرة على القاعات المكيفة ولا اللقاءات الرسمية، بل تمكنت من مفاصل المجتمع وقواعده الرأسية بين البسطاء، والمثقفين على حد سواء، عبر إطلاقها “شبكة اعلاميون من أجل المناخ” التي مثلت كتيبة توعوية في معظم وسائل الإعلام المصرية للتعريف بالقمة على مدار سبعة شهور متواصلة، منذ انطلاقها، وها هي المبادرة تختتم المرحلة الأولى منها والمتعلقة بالأنشطة التحضيرية لتصعيد نتائجها لقمة المناخ . قبل أيام من انعقاد القمة.
يقول د. عماد الدين عدلي:” ننظم المؤتمر الختامي للأنشطة التحضيرية للقمة، بهدف استعراض تقارير الأنشطة التي تمت على مستوى المحافظات، والدور الذي لعبته المنصات في رفع الوعي وإدماج المجتمعات المحلية لعملية التحضير الوطنية للقمة، وايضا مناقشات المنصات التي أظهرت التحديات التي تواجه المحافظات، وكذلك عرض التحضيرات للدور الذي سوف تلعبه كل منصة خلال القمة، وهو تتويج لعمل المبادرة خلال ما يقرب من عام.
ويكمل الدكتور عماد الدين عدلي: خلال المبادرة تم تقسيم منظمات المجتمع المدني الى ثلاث فئات على أساس جغرافي نظراً لتشابه طبيعة التحديات التي تواجه هذه المنظمات، وتشابه تأثيرات التغيرات المناخية في كل منطقة، وادماجها في 3 حلقات تشاوورية ، ضمت حلقة التشاور الأولى ممثلين عن الجمعيات الأهلية في محافظات الصعيد، الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان، وحلقة التشاور الثانية ضمت ممثلين عن المجتمع المدني في محافظات إقليم القناة وسيناء، السويس والإسماعيلية وبورسعيد وشمال سيناء وجنوب سيناء، إضافة إلى محافظة البحر الأحمر، وورشة العمل التشاورية الثالثة، ضمت ممثلين عن منظمات المجتمع المدني في إقليم القاهرة الكبرى، القاهرة والجيزة والقليوبية، إضافة إلى محافظات الدلتا، والساحل الشمالي الغربي، الإسكندرية ومطروح، ويضيف عدلي:” كل هذه الأنشطة نتيجة مباشرة لعمل المبادرة وسط جمهور المجتمع المدني في مصر، تم ذلك بهدف الوصول إلى صياغة متفق عليها لبيان مشترك، يحمل رؤية المجتمع المدني المصري بشأن قضايا التغيرات المناخية، ويعبر عن آمال وطموحات الجمعيات الأهلية، أمام قمة المناخ.
ويتابع عدلي :” وبرغم أننا كنا الملهمون للبعض في ظهور مبادرات مشابهة تستخدم نفس الأدوات، إلا أن تلك المبادرات كان من الافضل ان تنسق مع مبادرتنا وتستند اليها كمرجعية، ويتابع عدلي : واجهت المبادرة عدة تحديات أهمها الدعم المادي، الذي أثر على حجم الأنشطة بسبب عدم توفر الدعم المادي الكافي الذي تقلصت بسببه الأنشطة، الذي امتد للتكلفة الباهظة لممثلي المجتمع المدني والمنصات المحلية لحضور القمة، ايضاً كان هناك امر اكثر تعقيداً هو اعتماد تسجيل ممثلي المجتمع المدني في الأمم المتحدة، وهو أمر معقد جدا استطعنا التغلب عليه، كذلك تضمن عمل المبادرة الذي سوف يتم عرضه في المؤتمر الختامي لها بعد غد السبت، اعداد تقرير تجميعي لنتائج المبادرة على مستوى المحافظات المختلفة يتناول الانجازات والتحديات والدورس المستفادة. هذا ما يتعلق بالعمل خلال الشهور الماضية.
على مستوى العمل خلال القمة يؤكد د. عماد الدين عدلي :” ستشهد المنطقتين الخضراء – الخاصة بممثلي المجتمع المدني، والزرقاء الخاصة بالشق الدبلوماسي، العديد من الأنشطة المتعلقة بالمبادرة، والتي تزيد عن 12 حدث جانبي بينها: “لقاء حول التعليم وقضية المُناخ” وآخر حول إدماج بعد التنوع البيولوجي في خطط وبرامج مواجهة تغير المناخ، وثالث يدور حول تغير المناخ وآثاره على حوض نهر النيل، فضلاً عن المشاركة في كافة الفعاليات الشبابية والمجتمع المدني، كما تبنت المبادرة اقامة معرضين في المنطقتين الخضراء والزرقاء، تعرض المنتجات صديقة للبيئة التي خرجت عن المجتمعات المحلية المشاركة في المبادرة.
ووفقاً لمتابعة ” وطني” لعمل المبادرة في المحافظات فقد تنوعت الأنشطة ما بين ندوات توعوية، ولقاءات اهلية، ومعسكرات للطلبة، وأنشطة للاطفال، لم تغفل المبادرة في منصاتها المحلية أية فئة واهتمت اهتمام خاص بالأنشطة التي تقوم على إدماج المرأة في العمل المناخي، ايماناً من العاملين في المبادرة ومنصاتها المحلية بدور المرأة وتفعيلا من المبادرة لرؤية الأمم المتحدة لهذا الدور الحيوي، فالنساء لهن قدرة على إحداث فرق كبير، فهن المحور الذي يتقاطع عنده الغذاء والماء والطاقة”، لأنها مسؤولة الغذاء وتستطيع تربية أبنائها على استهلاك أكثر رشادة لكل محاور الأمن المائي والغذائي والطاقي، الذي أطلقت أمانة اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ من أجله محوراً مهماً للعمل المناخي لتعزيز الدور الحاسم للمرأة في مكافحة التغيرات المناخية، كما شهدت المبادرة تنوعا في المشاركين فيها، ما بين الاتحادات النوعية للجمعيات العاملة في مجال البيئة والجامعات ودور العبادة والمؤسسات الدينية ومجالس المحافظات، وغيرها من الجهات الفاعلة والشريكة في العمل اليومي من أجل العمل المناخي، وذات الصلة بقطاعات الزراعة والمياه، والغذاء والطاقة، والتنوع البيولوجي، وغيرها.
مدت المبادرة جسور التعاون مع عدد كبير من المؤسسات المصرية والعربية والأممية، وتوغلت في قلب المجتمع المدني بالشراكة مع الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» بهدف الخروج ببيان موحد يحمل رسائل المجتمع المدني المصري إلى مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP-27)، الذي يُعقد في مدينة شرم الشيخ، خلال شهر نوفمبر المقبل.
لم يتوقف النشاط عند حدود البالغين بل امتد للمشاركة في تنشئة جيل جديد واعي بمفهوم وآثار تغير المناخ، ومواجهة تلك الآثار لجعل الكوكب مكانا صالحاً يرثه أبناء هذا الجيل آمنين، فاهتمت المبادرة بالكشافة، ودعمت دور الكشافة في التنمية المستدامة، في عدد من المحافظات، ونظمت معسكرات في مدن القناة في هذا الخصوص، أيضا سعت المبادرة لمد الإعلاميين بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لنسج تقارير ذات دقة ومصداقية على مدار سبعة أشهر ماضية منذ تأسيس شبكة اعلاميون من أجل المناخ، والتي بدأ معها إصدار نشرة تعريفية وإخبارية يومية، لدعم الصحفيين والإعلاميين بالأخبار والمعلومات والبيانات ومتابعة خط سير تمويل المناخ في الجهات المانحة.
وأخيراً وليس آخراً فإن مبادرة بلدنا تستضيف القمة 27 للمناخ، مثلت طفرة في العمل المجتمعي المتعلق بالبيئة، عبر انتشار،ميثاق الشرف المناخي الذي أصدرت ووقع عليه الالاف باعتباره تعهدا للطبيعة علي البشر،الالتزام به، وهو ميثاق مستوى من تعهدات الفراعنة المكتوبة على الألواح الجدارية القديمة لتبدي احترامهم للطبيعة، كذلك كان للمبادرة الأسبقية على كافة الجهات، في الانخراط مع المواطنين، وتنتظر المجتمعات المحلية منها المزيد عبر مراحلها الجديدة، التي سوف تتعلق بالعمل المناخي اللاحق على القمة ال27 ومساعدة الناس على مواجهة آثار تغير المناخ ، فهل يتم تذليل التحديات التي واجهتها؟ هذا ما ستكشف عنه المراحل القادمة للمبادرة.