نذكرهما بمناسبة بدء صوم الرسل. ونذكر ما بينهما من تشابه في حياة كل منهما.
* كل منهما كان يهوديا..
وقد ذكر بولس الرسول إنه يهودي, من سبط بنيامين (في 3: 5). وإن كان بطرس الرسول لم يذكر الكتاب من أي سبط هو.
* كل منهما دعاه الرب.
بطرس: كان يصيد السمك مع أحيه أندراوس عند بحر الجليل فقال لهما الرب: هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس, فللوقت تركا الشباك وتبعاه (مت 4: 8 ـ 20).
وبولس: دعاه الرب في طريق دمشق, إذ أبرق حولخ نور من السماء. فسقط علي الأرض (أع 9: 1 ـ 4) ودعاه الرب, مرسلا إياه أولا إلي حنانيا الدمشقي.
وكما دعاه ربنا يسوع المسيح, دعاه الروح القدس أيضا. وقال افرزوا لي بربابا وشاول للعمل الذي دعوتها إليه (أع 13:2).
وكذلك دعاه الله الآب أيضا. وفي ذلك قال القديس بولس الرسول لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي, ودعاني بنعمته أن يعلن إبنه في لأبشر به بين الأمم, للوقت لم أستشر لحما ودما, ولا صعدت إلي أورشليم إلي الرسل الذين قبلي (غل 1: 15 ـ 17).
وهكذا نري أن القديس بولس الرسول دعي من الأقانيم الثلاثة كل منهم علي حدة.
وإن كان القديسان بطري وبولس قد تشابها في أن كلا منهما قد دعي علي حدة.
وإن كان القديسان بطرس وبولس قد تشابها في أن كلا منهما قد دعي من الله إلا أن أسلوب الدعوة اختلف. وكذلك مرات الدعوة.
* كل منهما غير الرب إسمه:
بطرس: كان إسمه سمعان بن يونا (يو 21:15) وقد أطلق الرب عليه اسم بطرس (مت 16: 17, 18).
وشاول: تغير إسمه إلي بولس في بدء دعوته ناداه الرب بإسم شاول (أع 9:4) وفي أثناء كرازته دعاه بإسم بولس (أع 23: 11).
* كل منهما حل عليه الروح القدس وكل منهما تكلم بألسنة.
واضح أن بطرس الرسول تكلم بألسنة في يوم الخمسين, إذ حل روح الرب عليه وبولس الرسول قال في رسالته إلي أهل كورنثوس أشكر الله أني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم (1 كو 14: 18) وقيل في قصة عليم الساح0ر وأما شاول الذي هو بولس أيضا, فامتلأ من الروح القدس وشخص إليه وقال له.. (أع 13:9).
* وكل منهما كان له سلطان أن يمنح الروح القدس.
فقيل عن بطرس ويوحنا, أن الرسل الذين في أورشليم, أرسلوهما إلي السامرة لما أمنت حينئذ وضعا الأيادي عليهم, فقبلوا الروح القدس (أع 8: 17).
كما قيل عن بولس الرسول إنه بعد عماد أهل أفسس لما وضع بولس يديه عليهم, حل الروح القدس فطفقوا يتكلمون بلغات ويتنبأون (أع 19: 5, 6).
* وكل منهما صنع آيات وقوات وعجائب.
قيل عن بطرس الرسول كانوا يحملون المرضي خارجا في الشوارع, ويضعونهم علي فرش وأسرة حتي إذا جاء بطرس, يخيم ولو ظله علي أحد منهم واجتمع جمهور المدن المحيطة إلي أورشليم حاملين مرضي ومعذبين من أرواح نجسة, وكانوا يبرأون جميعهم (أع 5: 15, 16).
وقيل عن القديس بولس الرسول وكان الله يصنع علي يدي بولس قوات غير معتادة حتي كان يؤتي عن جسده بمناديل أو مآزر إلي المرضي.
فتزرل عنهم الأمراض, وتخرج الأرواح الشريرة منهم (أع 19: 11, 12).
* وكل منهما أقام ميتا.
بطرس الرسول أقام من الموت تلميذة إسمها طابيثا, وترجمة إسمها غزالة صلي ثم التفت إلي جسدها وقال: ياطبيثا قومي ففتحت عينها فناولها يده وأقامها.. وأحضرها حة (أع 9: 36 ـ 41).
وبولس الرسول أقام من الموت شابا يدعي أفتيخوس, كان قد غلبه النوم, فسقط من الطبقة الثالثة إلي أسفل, وحملا ميتا, فأقامه بطرس من الموت وأتوا بالفتي حيا, وتعزوا تعزية ليست بقليلة (أع 20: 7 ـ 12).
* كل منهما كان شعلة من النشاط والغيرة المقدسة والعمل الكرازي.
كل منهما بشر وعلم, وبذل جهده في الخدمة.
منذ يوم الخمسين, كان بطرس يعلم ويكرز, ويشهد لقيامة السيد المسيح, في الهيكل. بشر في أورشليم, وفي لده وفي يافا (أع 9: 22, 31) ومن يافا أنتقل إلي قيصرية حيث قام بوعظ وعماد كرنيليوس والذين معه (أع 10).. وأيضا بشر اليهود الذين في الشتات, وأرسل اليهم رسالة إلي المتغربين من شتات بنطس وغلاطية وكبادوكي وآسيا وبيثينية (1بط 1: 1).
أما القديس بولس الرسول, فقد تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10) لذلك سنفرد له بابا خاصا.
* كل منهما كان جريئا وشجاعا في كرازته.
يكفي بالنسبة إلي بطرس الرسول أنه أصر علي كرازته, ولم يعبأ بتهديد اليهود, بل قال عبارته المشهورة ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أع 5: 19).
بل وبخ اليهود قائلا إله إبراهيم واسحق ويعقوب إله آبائنا, مجد فتاه يسوع الذي اسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار, وطلبتهم أن يوهب لكم رجل قاتل! ورئيس الحياة فتلتموه (أع 3ك 13 ـ 15).
والقديس بولس كان جريئا جدا أمامه ـ وهو أسير ـ لما تكلم عن البر والدينونة والتعفف (أع 24: 25) ولما وقف أمام زغريباس الملك ـ في محاكمته ـ قال له في جرأة أتؤمن أيها الملك أغريباس بالأنبياء؟ أنا أعلم أنك تؤمن فأجابه الملك أغريباس قائلا بقليل تقنعني أن أصير مسيحيا.
فقال القديس بولس كنت أصلي إلي الله أنه بقليل وبكثير, ليس أنت فقط, بل أيضا جميع الذين يسمعونني اليوم, يصيرون هكذا كما أنا ما خلا هذه القيود (أع 26: 27 ـ 29).
ومن جرأة القديس بولس أنهم لما مدوه للسياط ليجلدوه, قال لهم أيجوز لكم أن تجلدوا انسانا رومانيا غير مقضي عليه؟!. فلما سمع الأمير. اختشي لما علم أنه روماني وأنه قيده وللوقت تنحي عنه الذين كانوا مزمعين أن يفحصوه (أع 22: 25 ـ 29).
ومن جرأة القديس بولس أنه لما أراد الوالي فستوس أن يسلمه لليهود ليقتلوه, قال أنا واقف لدي كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي أن أحاكم, لأني إن كنت اثما, أو صنعت شيئا يستحق الموت, فلست أستعفي من الموت. ولكن إن لم يكن هناك شيء مما يشتكي علي به هؤلاء, فليس أحد يستطيع أن يسلمني لهم. إلي قيصر أنا رافع دعواي فحينئذ أجابه فستوس الوالي إلي قيصر رفعت دعواك. إلي قيصر تذهب (أع 25: 10 ـ 12).