اقامت لجنة التراث القبطى بالمجمع المقدس برعاية نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس أسقف شرق السكة الحديد ورئيس لجنة التراث القبطى بالمجمع المقدس، اللقاء الأول لسلسلة محاضرات عن العمارة القبطية وذلك بقاعة مركز بي لمباس بمقر نيافة الانبا مارتيروس.
وفي بداية اللقاء قال نيافة الأنبا مارتيروس،عن أعمال وأنشطة لجنة التراث القبطى بالمجمع المقدس.
تقوم لجنة التراث القبطي بالمجمع المقدس برعاية وصلوات قداسة البابا تواضروس الثانى ، بعقد العديد من الندوات والمحاضرات، حول المعمار القبطي، والذي تميزت به كنيستنا منذ 2000 عاما، فهو جدير بالإهتمام، ويستحق منا أن نجتمع حول جماله وعراقته، ونتعرف على معايره وخواصه التي انفرد بها سواء في الحضر أو في الصحراء، فمصر غنية بعطاء أبنائها، وإبداع الأقباط في هذا المجال.
ومن هذا المنطلق تقوم لجنة التراث القبطي بعقد عدد من المحاضرات، لطرح مزيد من الضوء على العمارة القبطية القديمة وما استجد على العمارة القبطية الحديثة، وما يجب فعله من توعية لتشكيل الحاضر بجمال خاص ليكون معبرًا عن شكل الحضارة القبطية العريقة.
ثم قام القمص صليب جمال سكرتير اللجنة وكاهن كنيسة ابو سيفين الأثرية بمصر القديمة ومنسق اللقاء بالترحيب بالحضور الكرام ثم قدم الدكتور سامى صبرى شاكر العميد السابق لمعهد الدراسات القبطية وأستاذ ورئيس قسم العمارة القبطية بالمعهد وأستاذ متفرغ بقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة وذلك للقيام بإلقاء محاضرته والذي قدم فيها.
معتمدا على امثلة معمارية اثرية عرضا عن القبب القبطية بدءًا من القبة البسيطة ، والقبة المقطوشة، والقبب المرتكزة على الكوابيل الخشبية، والمرتكزة على المثلثات الكروية، وعلى الحنيات الركنية بأنواعها المختلفة وايضا القبب المرتكزة على المقرنصات.
كما قام سيادته بتوضيح انواع القبب التى تنفرد بها الحضارة القبطية ، وهى القبب التالية
أولًا: القبة ذات الفصوص الأربعة التي ظهرت فى دير ابو مقار بوادى النطرون، وفى دير الانبا هدرا غرب مدينة أسوان
ثانيا:القبة التي ترتكز في نفس الوقت على الحنيات الركنية وعلى المثلثات الكروية معا في أن واحد ، كما فى كنيسة القديسة العذراء المغيثة بحارة الروم فى القاهرة الفاطمية وفي كنيسة رئيس الملائكة في ديرة بأخميم.
ثالثًا: القبة المكونة فقط من الأربعة حنيات ركنية كبيرة والتي انتشرت في منطقة كيليا بوسط الدلتا، وفى دير الانبا بيشوى بوادى النطرون، وفي دلجا ودير مواس بالمنيا.
رابعا: القبة التى ظهرالسلحفاة وهي مكونة فقط من مثلثات كروية بمقاسات مختلفة مثل قبة المعمودية فى منطقة كيليا.
خامسا: قبب الهياكل المدروسة فلكيا ومعماريا والتى تسمح من خلال شباك واحد صغير والتى تسمح بتعامد أشعة الشمس على المذبح المقدس الموجود فى الهيكل فى يوم عيد القديس المسمى المذبح على اسمه وذلك متمثلا بتعامد اشعة الشمس على قدس الأقداس في أكثر من 25 معبدًا من المعابد المصرية القديمة “الفرعونية ” مثل معبد رمسيس الثانى فى ابو سمبل وتم مشاهدة هذه الظاهرة النادرة فى كنيسة الشهيد مارجرجس فى صهرجت الكبرى بالقرب من ميت غمر ، حيث تتعامد أشعة الشمس على مذبح مارجرجس في عيد إحضار جسده إلى مصر القديمة يوم 23 يوليو من كل عام.
وتتكرر هذه الظاهرة فى كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل فى كفر الدير، بمنيا القمح بمحافظة الشرقية حيث تتعامد الشمس على مذبح الملاك فى عيده يوم 19 يونيو من كل عام، وتتعامد على مذبح القديسة العذراء فى عيد إصعاد جسدها يوم 22 أغسطس ، وتتعامد على مذبح مارجرجس فى عيد استشهادة يوم 1 مايو.
كما أوضح الدكتور سامى صبرى ان القبو القبطى هو استمرار للقبو المصرى القديم “الفرعونى ” والقبو النوبى ومطابق لهم تماما فى الشكل وفى طريقة الانشاء ،
مقارنا أمثلة للقبوات القبطية من مدافن البجوات القبطية فى الواحة الخارجة بالوادى الجديد ومن دير الانبا هدرا باسوان بأمثلة من مخازن الرامسيوم ، ومن ابيدوس ، ومن النوبة ، ومن مدينة بلاط بواحة الداخلة بالوادى الجديد
وفي ختام المحاضرة أوضح الدكتور سامى صبرى ان الاقباط ابتكروا القبو القبطى مع القبة القبطية فى شكل مبتكر وهو المسمى شكلا فريد ومميز للقبو “مظلة قبو”
وهو عبارة عن قبو ينتهى فى كل طرف بنصف قبة وهذا التشكيل موجودة فى كنائس اثرية قبطية عديدة ، مثل كنيسة دير مارجرجس الحديدى بأخميم وكنيسة دير الانبا توماس السائح بشمال اخميم ،وكنيسة دير ابو حنس جنوب انصنا ، وموجود ايضا فى مدفن الاقباط فى البرشا بملوى
والمحاضرة الثانية كانت للدكتورة ايرينى ناشد عن “الأعمدة القبطية” والتي ألقاها نيابة عنها المهندس يوحنا رضا حيث قام فى البداية بتعريف النظام الإنشائي للمبنى وهو السلوك الإستاتيكى الخاص باستقبال الأحمال وترحيلها من خلال النظام إلى الأساس ثم إلى الأرض وأسباب شيوع استخدام الأعمدة فى المعابد ثم الكنائس.
والتى تتيح بحر اكبر للفراغ الرئيسى ويساعد في الاتصال البصري بين الأجزاء الفراغية للمبنى
بهو الأعمدة بمعبد الكرنك وهو من أقدم أمثلة للتخطيط البازيليكي (1290ق.م) ويظهر فيه اتساع وارتفاع منطقة الصحن الأوسط.
مع اتصالها بفراغات الرواقين الجانبيين الأقل ارتفاعاً من خلال مصفوفات الأعمدة، ونرى بين المستويين النوافذ وهي مصنوعة من ألواح حجرية مثقوبة رأسياً بدقة شديدة، تسمح بدخول الإضاءة الغير مباشرة إلى البهو.
وعرض المهندس يوحنا رضا مقارنة توضح التشابه بين تخطيط كل من بهو الأعمدة بالكرنك والكنيسة المعلقة كما قامت بتصنيف نماذج الأعمدة الأثرية محل الدراسة كالتالي:
أولاً: من حيث الطراز
أعمدة ذات تأثيرات تراثية محلية (مصري قديم) و أعمدة ذات تأثيرات ثقافية وافدة/أجنبية (إغريقي روماني – بيزنطي – ساساني)
ثانياً: من حيث التشكيل
أعمدة حرة واعمدة ملاصقة واعمدة متصلة وركائز واكتاف
ثالثاً: من حيث الإنشاء
نحت من كتلة واحدة وأجزاء مجمعة
رابعا: من حيث الخامة والوظيفة
أعمدة تحميل (صحن الكنيسة – الإمبل – المذبح – قبة المذبح)
أعمدة زخرفية (تزين الواجهات المعمارية – الحنيات – المقصورات ..الخ
أما عن التأثيرات التراثية أضاف المهندس يوحنا رضا
توجد نماذج للعمود النخيلي المصري من منطقة صان الحجر الأثرية بالشرقية وهو من الأشكال التي استمر وشاع استخدامها في العصر المسيحي بسبب الرمزية الروحية للنخيل (الثبات في الإيمان – الصديق كالنخلة يزهو)
ومن امثلة النماذج القبطية للعمود النخيلي
تاج عمود من دير الأنبا إرميا بسقارة (قرن 6) محفوظ بالمتحف القبطي
وتاج عمود من دير أبو مقار بوادي النطرون (قرن 13)
تاجين نخيليين من كنائس بمنطقة مصر القديمة ، محفوظة بالمتحف القبطي
عمود نخيلي بكنيسة الست بربارة، قصر الشمع
و أكتاف من الطوب الآجر يعلوها تشكيل يحاكي أوراق النخيل – دير الصليب بنقادة
محاكاة للعمود النخيلي (تشكيل بالطوب النيئ والجير مع رسم ثلاثي الأبعاد بالأكاسيد الملونة) من إحدى منشوبيات كيليا ، أثناء قيام البعثة السويسرية بنزع الفريسكات.
وتابع المهندس يوحنا رضا التأثيرات المصرية القديمة والمتمثلة فى شكل زهرتي اللوتس والبردي ، من النصب التذكاري بقاعة احتفالات تحتمس الثالث بالكرنك
وعمود بشكل زهرة اللوتس على جانبي حنية شرقية ، من بقايا الكنائس الخربة بساحة معبدالأقصر.
وتاج عمود بشكل كأس نبات البردي ، من واجهة مدرسة الأقباط بنقادة
وأيضا أعمدة ذات تيجان بشكل اللوتس والبردي من المزارات الجنائزية بمنطقة البجوات، الواحات الخارجة.
واستعرض المهندس يوحنا رضا الأعمدة متعددة الأوجه
وطرح أمثلة لها من عصر الدولة الوسطى من مقابر بني حسن بالمنيا ومن عصر الدولة الحديثة و المعبد الجنائزي لحتشبسوت بالدير البحري كذلك إثنين من الأعمدة الضخمة متعددة الأوجه بمدخل الكنيسة الأثرية بدير المحرق بأسيوط.
الأعمدة التي يصوّر عليها القديسين والشهداء بكامل طول الجسم عن طريق خلط الأكاسيد المعدنية الملونة بالصمغ. وتعتبر تطوراً للأعمدة الأوزيرية (الجنائزية) وايضا عمودان يحملان تصوير للقديسين سرجيوس وواخس من كنيستهما الأثرية بحصن بابيلون
و العمودان الكائنان على جانبي باب الهيكل الرئيسي بكنيسة أبي سيفين بالفسطاط، وقد استعاض بهما عن أيقونتي البانطوكراتور والعذراء الملكة المعتادتين.
و عمود يحمل صورة أحد القديسين الفرسان، الحائط الجنوبي من كنيسة الأنبا شنوده بالفسطاط.
التأثيرات الثقافية الوافدة: ومنها التأثيرات الإغريقية الرومانية
الطرز الكلاسيكية للأعمدة (التوسكاني – الدوري – الأيوني – الكورنثي – المركّب)
أعمدة كورنثية قبطية (نلاحظ فيها إضافة الصليب البارز في منتصف التاج أعلى أوراق الأكانثس)، من كنيسة مارمينا الأثرية بطحا الأعمدة – سمالوط
وأعمدة كورنثية قبطية من كنيسة دير العذراء بجبل الطير – سمالوط
وأعمدة كورنثية قبطية من كنيسة الدير الأحمر بسوهاج (قرن 5 – 6)
و أعمدة كورنثية ضخمة من بازيليكا الأشمونين بملوي (قرن 5 – 6)
وايضا تيجان كورنثية مبسّطة تحمل صلباناً بارزة من دير أبو مقار بوادي النطرون
كذلك تيجان كورنثية مبسّطة من منشوبيات كيليا (قرن 5 – 6)
كما استعرض المهندس يوحنا رضا عدد من ألاعمدة ذات التأثير التوسكاني وكورنثي مبسط من كنيسة الأنبا شنوده بالفسطاط.
و تيجان ذات تأثير كورنثي ومركّب (كورنثي + أيوني) من كنيسة الست بربارة بحصن بابيلون
وايضا القى الضوء على الأعمدة ذات التأثير الأيوني من كنائس خربة، محفوظة بالمتحف القبطي بالقاهرة
وكذلك قام المهندس قام يوحنا رضا بعرض نماذج أعمدة ذات تأثيرات إغريقية – رومانية (إكليل الغار يحيط بالصليب رمزاً للنصر)
وقدم نماذج لأشهر الطرز البيزنطية (تاج السلة من إحدى الكنائس الخربة باسطنبول – في الوسط تاج الكرمة من اسطنبول أيضاً – ثم قدمت تاج الزنابق وهي ترمز لقيامة السيد المسيح – من كاتدرائية سان مارك بفينيسيا)
كما استعرض المهندس يوحنا رضا نماذج قبطية من دير الأنبا إرميا بسقارة ودير الأنبا ابوللو بباويط (محفوظة حالياً بالمتحف القبطي) ويلاحظ دمج عنصر السلة المجدولة (ترمز للأبدية) مع رموز قبطية أخرى مثل الطاووس (الخلود) والحمل (السيد المسيح) والكرمة (السيد المسيح) والحمام (الروح القدس).
واخير قدم بعض التأثيرات الساسانية (الفارسية) ويوجد منها بدن العمود المحزز حلزونياً ومن أبرز العناصر والمؤثرات الساسانية تيجان قبطية ذات تأثير ساساني
من كنيسة الست بربارة بحصن بابيلون ومن دير السريان بوادي النطرون ومن كنيسة العذراء بحارة زويلة