ردًا على الحلقة المذاعة على فضائية القاهرة والناس، يوم 25 أكتوبر وإعادتها يوم 10 نوفمبر مع الدكتور سيد القمنى، عن التجلي الأعظم..
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن الحلقة ورد بها العديد من المغالطات التاريخية، أهمها المغالطة التى تتنافى مع عنوان الحلقات نفسها حيث قال ” القمني ” “جبل موسى هو جبل التجلى وليس جبل كاترين”، وقد أدخل كل الجبال فى بعضها دون الوقوف على حقيقية تاريخية مؤكدة، وذلك نتيجة قراءة فقط فى التوراة والتشعب فى موضوعات متفرقة لا علاقة لها بجبل التجلى دون دراسة علمية تاريخية أثرية من خلال آيات القرآن الكريم والتوراة والأحداث التاريخية والآثار واستنباط الحقيقية كاملة.
ويؤكد الدكتور ريحان من خلال دراسة علمية ميدانية سجلها فى كتابه ” التجليات الربانية فى الوادى المقدس طوى ” والذى صدر هذا العام أن جبل موسى يواجه جبل التجلي، حيث وقف نبى الله موسى على الجبل أمامه جبل التجلي وهو الجبل الذي تجلى له الله سبحانه وتعالى فدكه.
ويقع جبل التجلى إلى الشمال الشرقي لجبل موسى، وقد عرف بهذا الأسم نتيجة حادثة التجلى الشهيرة حيث تجلى عليه الله حينما سأل موسى ربه أن يراه.
ورد في الإنجيل: “وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار.وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جدا. 19 فكان صوت البوق يزداد اشتدادًا جدًا وموسى يتكلم والله يجيبه بصوت 20 ونزل الرب على جبل سيناء إلى رأس الجبل .. ودعا الله موسى إلى رأس الجبل.فصعد موسى.” (خروج ١٩: ١٨- ٢٠)
كما ورد فى القران الكريم : }وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا{ وبهذا النص القرآنى فإن جبل موسى هو الجبل الذى جاءه نبى الله موسى طبقًا لميقات ربه ثلاثون يومًا وزيدت إلى أربعون يومًا وهو الجبل الذى تلقى من عليه لوحى الشريعة.
ويطلق عليه عدة مسميات منها جبل موسى وجبل المناجاة وجبل الشريعة وجبل سيناء. أمّا جبل التجلى فهو الجبل الذى نظر إليه موسى حين طلب رؤية الله، وهو يقف على جبل موسى حيث تجلًى سبحانه وتعالى فدك الجبل على مرأى من موسى حتى صعق الله موسى من هول الموقف.
ويوضح الدكتور ريحان أن الله تجلًى فدك الجبل وتجلى أيضا قبلها عند شجرة العليقة المقدسة – موقعها حاليًا داخل دير سانت كاترين – موسى وقت رحلته الأولى فى سيناء وحيدًا، فكان نورًا فى شجرة خضراء تحترق ولم تطفيء خضرة الشجرة ومائيتها النار ولم تحرق النار الشجرة التي ظلت مشتعلة بنور الله من وراء العليقة المقدسة .
“وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة.فنظر وإذ العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق. 3 فقال موسى اميل الآن لانظر هذا المنظر العظيم.لماذا لا تحترق العليقة. 4 فلما رأى الرب أنه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة وقال موسى موسى.فقال هانذا. 5 فقال لا تقترب إلى ههنا.أخلع حذائك من رجليك. لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة 6 ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب.فغطى موسى وجهه لأنه خاف ان ينظر إلى الله. ” (خروج ٣: ٢ – ٦)
}إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى{ ومن هذا الوقت فقد حلت البركة على كل سيناء طبقًا للآية الكريمة }فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِىَ أَنۢ بُورِكَ مَن فِى ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ{ (سورة النمل آية 8) .
والبركة هنا لا تقتصر على ما حول الشجرة فقط بل على كل سيناء.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن الصعود إلى جبل موسى الآن يتم عبر ثلاثة طرق: الأول يعرف بطريق السلالم صعودًا حتى فرش إيليا وهى طريق مختصرة مهدها الرهبان منذ عهد بعيد وجعلوا لها سلمًا من الحجر الغشيم مكون من 3000 درجة وتم ترميمه عام 1911م. وعلى الجبل نبع ماء كان يعيش بجوارها أحد النسّاك وكنيسة الأقلوم، وهناك قنطرتين من الحجر الجرانيتى على شكل عقد نصف دائرى، قيل أنه كان يجلس عند كل قنطرة راهب أو أكثر يتقبل الاعتراف من الزوار ويكتب أسمائهم وبعد القنطرة الثانية نجد منخفض بين الجبال يسمى (فرش إيليا) وهناك كنيسة موسى النبي وبجانبها كنيسة إيليا النبى وبهذه الكنيسة مغارة متسعة قيل أنها المغارة التى سكنها إيليا النبى عند مجيئه إلى جبل حوريب ” 7 ثم عاد ملاك الرب ثانية فمسه وقال قم وكل لان المسافة كثيرة عليك. 8 فقام واكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة اربعين نهارا واربعين ليلة الى جبل الله حوريب 9 ودخل هناك المغارة وبات فيها وكان كلام الرب اليه يقول ما لك ههنا يا إيليا. 10 فقال قد غرت غيرة للرب اله الجنود لان بني اسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا انبياءك بالسيف فبقيت انا وحدي وهم يطلبون نفسي لياخذوها. 11 فقال اخرج وقف على الجبل امام الرب.واذا بالرب عابر وريح عظيمة وشديدة قد شقت الجبال وكسرت الصخور أمام الرب ولم يكن الرب في الريح.وبعد الريح زلزلة ولم يكن الرب في الزلزلة 12 وبعد الزلزلة نار ولم يكن الرب في النار.وبعد النار صوت منخفض خفيف. 13 فلما سمع إيليا لف وجهه بردائه وخرج ووقف في باب المغارة.وإذا بصوت اليه يقول ما لك ههنا يا إيليا. 14 (ملوك الأول: ص19)
ومنها إلى قمة الجبل 750 درجة صخرية أخرى، وهو وادى مفتوح متسع ويتفرع لعدة جهات منها منطقة فرش اللوزة ويضم بقايا قلايات وكنائس وبئر يطلق عليه بئر موسى وسد قديم وأشجار سرو ونبق ولوز، إضافة إلى شواهد أثرية ترجع إلى الفترة النبطية أعيد استخدامها كقلايا للرهبان منتشرة فى المكان، وهي المحطة الأخيرة على جبل موسى قبل الوصول إلى القمة، كما يوجد محجر قديم كان يقطع منه الصخور التي استغلت لبناء الكنيسة القديمة على قمة جبل موسى فى الفترة البيزنطية.
أما قمة الجبل فتحوى أطلال كنيسة ترجع إلى فترة الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى، وكنيسة الثالوث الأقدس وترجع إلى سنة 1937م، ومسجد يرجع إلى الفترة الفاطمية فى القرن الثانى عشر الميلادى، إضافة إلى دورات المياه القديمة ومصلى الكهف.
ويتابع الدكتور ريحان أن الطريق الثانى هو طريق عباس باشا (طريق الجمال) الذي مهده عباس باشا والى مصر فى القرن التاسع عشر للصعود إلى قمة الجبل موسى، ويبدأ من شرق الدير إلى رأس جبل المناجاة وعلى قمته كنيسة صغيرة قيل أنها قائمة على أطلال دير قديم للراهبات.
والطريق الثالث هو طريق وادى الأربعين حيث يصعد إلى الجبل عبر وادى اللجاة المعروف بوادى الأربعين ويبدأ من شرق الدير إلى رأس جبل المناجاة وعلى قمته كنيسة صغيرة قيل أنها قائمة على أطلال دير قديم للراهبات.