أكتب مقالي هذا من مدينة دبي بالإمارات العربية, بعد أن أصرت ابنتي الوسطي بعد توديع أمها وشريكة عمري في رحلتها إلي الله, عقب معاناة لمدة أسبوعين في صراع شرس مع وباء الكورونا, وأخيرا انتصر المرض وغادرتنا هذه السيدة الفاضلة تاركة لي ولبناتي الأربع ذكريات مليئة بالعطف والاهتمام, والمشاركة, وأيضا تركت لنا فراغا هائلا في تركيبة الأسرة الاجتماعية.
وجئت مع ابنتي إلي دبي وكان لقائي بحفيداتي (تمارا, وعاليا) أكبر معين لي وأيضا دعم قوي لهن بعد أن أحسا بفراق (جدتهن), وكان هم ابنتي حصولي علي تطعيم (لقاح فايزر) في دبي.
ونجحت في أن تجعلني مطيعا (قليل جدا في عمري أن أكون مطيعا)!! وحصلت علي اللقاح وكان ضروريا أن أمكث ثلاثة أسابيع علي الجرعة الثانية ووافقت علي مضض!! وهنا بدأ برنامج جديد في حياتي, حيث لم أبتعد عن مصر طيلة عمري, بالكثير لم يتعد ابتعادي عن البلد أكثر من أسبوع أو عشرة أيام علي الأكثر ولظروف قاهرة مثل الاشتراك في مؤتمر أو اداء فريضة الحج, في بعض الأحيان كانت تمتد إلي أسبوع, (ليتها تعود تلك الأيام!!
ومع ذلك كانت الفرصة متاحة أمامي للقاءات متعددة مع صديقات وأصدقاء ابنتي في (دبي). نخبة رائعة من الشباب المصري, (بنين وبنات) رحلوا عن مصر لكي تنشئوا أسرا رائعة هنا, أطفال نابغين وذكاء اجتماعي رائع, وتواصل لم أكن أتخيله في الغربة بين تلك النخبة الرائعة من الشابات والشباب المصري, الذين استقروا هنا في الإمارات, وبفحص الخلفيات التي جاءوا منها, تعليم رائع علي مستوي عالمي ودرجة من الذكاء الاجتماعي يحسدون عليها وقدرة علي الإبداع والتمييز بين أجناس مختلفة أخذت قرارها بالاستقرار للعمل والحياة في هذه البلدة الرائعة, شيء يدعو للافتخار والزهو بالبلد المضيف والضيوف (حاليا).
شباب من كل بلاد العالم, وأهمهم المصريون النبهاء وجري الحديث بيني وبين بعضهم أكيد محوره كان (الوطن), هم يسألون عن الوطن الحبيب وشغوفون للجديد من معلومات يمكن أن يحصلوا عليها من شخص قادم لهم في زيارة (امتدت لثلاثة أسابيع) رغما عنه!!
وكان للحديث روعته حينما يكون طرفا الحوار شباب فاهم وواع وذكي, وإنسان, لديه من الخبرة ولديه من الرؤية (العبد لله) ما يستطيع أن يقدم الرأي دون (مواراة)!! دون غلاف من الذهب أو بريق من الزيف!!
مصر تتقدم بخطي رائعة نحو إعادة البناء, ومصر تفتح آفاقا جديدة للاستثمار وللسياحة وللخدمات التي يمكن أن تنشأ في أرجائها بعد امتداد كل الشرايين الجديدة في جسدها (طرق وكباري وأنفاق ومدن جديدة وبنية تحتية من الكهرباء والمياه والصرف)إلخ.
مصر تتحول في سنوات قليلة إلي مركز جذب الانتباه العالمي وتعطي أملا لمثل هؤلاء النخبة من الشباب المصري الذي كان قد اتخذ قرارا بأن يعيش في الإمارات وأن يستقروا كعائلة في حياة جديدة, يراود هؤلاء الشباب الحلم بأن يعودوا إلي مصر بكل ما قد حصلوا عليه من كفاءة عالمية في مجال أعمالهم لكي يشاركوا في النهضة الحديثة في مصر!
هكذا كانت محصلة الحوار علي مرات كثيرة وتعددت اللقاءات والحوارات, صدقوني لقد أخذتني هذه الرحلة من اكتئاب كان قد اقترب من فؤادي بفقدي عزيزة علي, وإلي أمل جديد أحس بأنني حصلت علي دعم له في رحلتي وإجازتي الطويلة بعيدا عن القاهرة وإلي لقاء بإذن الله.