اليوم تبتهج كل الملائكة وتفرح كل القوات السمائية لأجل خلاص كل الجنس البشري فإن كان هناك فرح في السماء بخاطيء واحد يتوب, فبالأولي كثيرا يكون هذا الفرح بخلاص كل البشرية.
اليوم تحرر الجنس البشري من قبضة الشيطان وأعيد الإنسان إلي رتبته الأولي, إذ أن المسيح انتصر علي الموت, إنني لا أخاف بعد ولا أرتعب من الحروب الشيطانية ولا أنظر إلي ضعفي لكنني أتطلع إلي قوة ذاك الذي صار لي سندا وعونا أتطلع إلي ذلك الذي هزم الموت ونزع طغيانه اليوم يسود الفرح والابتهاج الروحي كل المسكونة.
إخوتي… يقول القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته الفصحية الثانية لقد أتي عيد القيامةعيد الفصح ثانية, وحل السرور لقد أتي بنا الرب إلي هذا العيد مرة أخري حتي إذا تغذينا بكلامه كما هي العادة نستطيع أن نحفظ العيد كما يليق.
فلنعيد به إذا بفرح سماوي مع أولئك القديسين الذين احتفلوا سابقا بمثل هذا العيد, وكانوا قدوة لنا في الحياة مع المسيح لأنهم لم يؤتمنوا فقط علي الكرازة بالإنجيل لكننا أن فحصنا الأمر وجدنا أن قوته كانت ظاهرة فيهم- كما هو مكتوب- فعقد كتب الرسول بولس لأهل كورنثوس: كونوا متمثلين بي 1كو4:16.
ويضيف المطران الجليل جورج خضر, الفصحالقيامة كلمة تعني العبور وفي العهد القديم هي الاحتفال بالخروج من مصر إلي أرض الميعاد ويتم العيد بأكل الحمل الفصحي, الفصح المسيحي هو أن يجتمع المؤمنون بيسوع ليقيموا ذكري موته وقيامته وهو حمل الله الحامل خطايا العالم, وبه يعبرون من الخطيئة والموت إلي حرية أبناء الله ولهذا قال كتابنا عن يسوع إنه هو الفصح 1كورنثوس5:7 أخذنا إذا عيدا قائما وغيرنا معناه.. يسوع يعبر من هذا العالم الخاطيء إلي الآبيو13:1.
أصدقائي وأحبائي… الفصح الدائم الذي تركه لنا يسوع هو الذبيحة السرية التي تتحقق بأننا نأكل جسد الرب ونشرب دمه أي نأخذه كاملا فينا نأخذ ذاته لهذا كان كل قداس ذكري موته وقيامته معا.
كان الفصح العبري يجمع في أورشليم أهل موسي ليذبحوا الحمل الفصحي هذا العيد ذكري لخروجهم من مصر, أما اليوم بالآب يجمع أحباء المسيح ليتحدوا به وهو حمل الله, والذكري مزدوجة للآلام والقيامة معا ولا ينفصلان.. وتحرر المسيحيين تحرر من الموت والخطية فصحنا يعني العبور إلي الحياة الجديدة إلي الآب.
في العشاء السري يستعمل فيه يسوع الخبز والخمر الذي كان اليهود يستعملونهما ولكن استباقا لما سوف يتم علي الصليب يجعل الخبز جسده والخمر دمه في الفصح المسيحي المنفذ في كل قداس نتخذ المسيح ذاته ونحيا به.
المسيحية كلها هي هذا المسيح الحي المحيي الذيلن يتسلط عليه الموت وهو وحده الذي يعيدنا من خطية وينهضنا من كبوة وينعشنا من حزن وفي يده وحده قدرتنا علي المحبة والرقة واحتضاننا للخليقة كلها, فنحن إذ أحببنا فهو يحب بنا, ونحب لأننا به نجونا من شهوات كانت تستعبدنا. كل هذا لم يكن ممكنا لو لم يقم المسيح ليمدنا بكل قوة عنه ويعلمنا معلم الكنيسة الأعظم يوحنا ذهبي الفم بقوله: اليوم سحق ربنا يسوع المسيح الأبواب النحاسية وأزال شوكة المكوت, اليوم نستطيع أن نقول مع النبي أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية1كو15:55.
لقد غير حتي اسم الموت, فلا يدعي بعد موتا بل نوما ورقادا.. كان اسم الموت مخيفا قبل ميلاد المسيح وصلبه, لأن الإنسان الأول عندما خلق سمع يوم تأكل من هذه الشجرة موتا تموتتك2:17 وداود النبي يقولالشر يميت الإنسانمز34:21 كما كان انفصال النفس عن الجسد يدعي موتا وهاوية, ويقول يعقوب أبو الآباءتنزلوا شيبتي بحزن إلي الهاويةتك42:38 وإشعياء يقولوسعت الهاوية نفسها وفغرت فاها بلا حدود إش5:14 ,وأيضالأن رحمتك عظيمة نحوي وقد نجيت نفسي من الهاوية السفلي مز85:13.
فبالقيامة أحبائي اكتسبنا خيرات غير محدودة بالقيامة أبيدت حيل الشياطين وخداعهم, بالقيامة انتزعت شوكة الموت. لذلك فبالقيامة تجعلنا لا نتمسك بالحياة الحاضرة ونشتهي بكل قلوبنا خيرات الدهر الآتي.
القيامة جعلتنا في مستوي لايقل عن القوات الروحية مع أننا موجودون في الجسد.. إذا فلنفرح كلنا ولنبتهج لأن هذه النصرة نصرة المسيح علي الموت هي نصرة لنا, لأنه صنع كل هذا لأجل خلاصنا.
وللقديس غريغوريوس النيسي رأي رؤية في غاية العمق: لو لم تكن هناك قيامة فلن تكون هناك دينونة, ستضيع مخافة الله, وحيث لايوجد تهذيب بالترهيب فهناك يرقص الشيطان فرحا بالخطية ويناسب هؤلاء ما كتبه داود في المزمور القائلقال الجاهل في قلبه ليس إله فسدوا ورجسوا بأفعالهم مز14:1,إن لم توجد قيامة فأن قصة لعازر والغني والهوة العظيمة والنار التي لا تطفأ واللسان المشقق والعطش الشديد لنقطة الماء, وإصبع الفقير المبلل بالماء ستكون أسطورة.
يقول القديس الكبير كيرلس الأورشاليمي في القيامة ابتهجي يا أورشاليم وافرحوا يا جميع الذين يحبون يسوع, لأنه قام من الأموات.. افرحوا يا من كنتم قبلا حزاني, قام من بين الأموات ومثلما كان محزنا كل ما سمعتموه عن الصليب, هكذا بشارة القيامة الحسنة تملأ كل الحاضرين بالسرور ليت الحزن يتحول إلي ابتهاج والنوح إلي فرح وليمتليء فمنا فرحا وسرورا لأن الرب بعد قيامته قال:سلام لكممت28:9.
أحبائي وأصدقائي… لاتعبر عن الفصح.. اجعله مقيما فيك, توغل في معانيه.. لاتجعل الحزن ولا الخطية يسيطران عليك, لاتكن تحت نير أحد أو أمر في نفسك وادع الله أن يمكنك من تطبيق ما قاله بولس الرسول:افرحوا في كل حين وأقول أيضا افرحوا تيقن قبل كل شيء من هذا أنمات يسوع المسيح, بل قام وهو عن يمين الله يشفع لنا, فمن يفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيفوبعد هذا يعود الرسول يؤكد مرة نهائية: لا شيء بوسعه أن يفصلنا عن محبة الله لنا في ربنا يسوع المسيح.
عيد فالتعييد جميل وبدء الفرح ولكن قبل ذلك افهم وما يجب أن تفهمه هو أننا من بعد أن قام المسيح من بين الأموات صار كل منا خليقة جديدة.. افهم ولا تعمل شيئا ضد هذا… يا فرحي المسيح قام… وكل عام وأنتم في ملء القداسة والنعمة والقيامة.
جمعة ختام الصوم