ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين(1كو15:20)
في سفر اللاويين يأمر الرب موسي قائلا كلم بني إسرائيل وقل لهم متي جئتم إلي الأرض التي أنا أعطيكم وحصدتم حصيدها تأتون بحزمة أول حصيدكم إلي الكاهن فيردد الحزمة أمام الرب للرضا عنكم في غد السبت يرددها الكاهن(لا23:9-11).
هذه التقدمة التي أوصي بها الرب موسي وبني إسرائيل هي إشارة إلي قيامة الرب يسوع من بين الأموات في يوم غد السبت أي الأحد وهو مثل حزمة الحصاد الأولي من أرض الموعد التي وعد بها الرب شعب بني إسرائيل كذلك الرب يسوع قام من الأموات كباكورة أو الحزمة الأولي حازما في جسده باكورة الطبيعة البشرية للفردوس الذي هو أرض الميعاد الحقيقية للمؤمنين باسمه وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبيرفيردد الحزمة أمام الرب للرضا عنكم في غد السبت يرددها الكاهن(لا23:11).
إن يسوع المسيح واحد هو.ولكنه كمثل الحزمة يعتبر جامعا للكثيرين في ذاته, وهو كذلك لأنه يقتني في ذاته جميع المؤمنين في اتحاد روحي, ولهذا السبب يكتب بولس الطوباوي أنناأقمنا معه وأجلسنا معه في السماويات (أف2:6) لأنه لما صار مثلنا, صرنا معهشركاء في الجسد (أف3:6) واغتنينا بالاتحاد به بواسطة جسده, ولذلك نقول إننا كلنا فيه إنه يقول إنه يجب ترديد الحزمة في غد اليوم الأول (من الفطير) أي في اليوم الثالث(بعد ذبح الخروف) لأنه المسيح قام من بين الأموات في اليوم الثالث وفيه أيضا انطلق إلي السموات…
فلما قام ربنا يسوع المسيح وأكمل ترديد نفسه كباكورة للبشرية أمام الله الآب حينئذ بالذات تم تغيير أعماق كياننا إلي حياة جديدة.
القديس كيرلس الكبير
وفي هذا السياق يكلمنا القديس يوحنا ذهبي الفم ويقول(الآن أضاءت علينا إشعاعات من نور المسيح المقدس, وأشرقت علينا أضواء صافية من الروح القدس النقي, وانفتحت علينا كنوز سماية من المجد والأولوهة.
لقد ابتلع الليل الكثيف الحالك,وانقشع الظلام الدامس واختفي ظل الموت الكئيب.
الحياة امتدت وشملت كل واحد, وامتلأ الجميع من النور غير المحدود,الفجر الجديد أشرق علي الجميع, والمسيح العظيم القوي غير المائت الذي قبل كوكب الصبح بل وقبل كل الأجسام المنيرة, صار يضيء الآن علي الجميع أكثر من الشمس بسبب ذلك أوجد لنا نحن المؤمنين به يوما جديدا مضيئا عظيما أبديا لاينقص نوره, إنه الفصح السري الذي كانوا يحتفلون به رمزيا في الناموس ولكنه الآن اكتمل بالتمام في المسيح, إنه الفصح العجيب إبداع فضيلة الله وفعل قوته, العيد الحقيقي والتذكار الأبدي الذي فيه نبع انعدام الآلام من الألم,وعدم الموت من الموت, والحياة من القبر, والشفاء من الجروح والقيامة من السقوط,والصعود إلي أعلي السموات من النزول إلي أسفل الجحيم.
(القديس يوحنا ذهبي الفم)
وهكذا فإن احتفالنا بقيامة السيد المسيح هو احتفال بقيامتنا كلنا فيه الذي لا قيامة بدونه إذ تنتقل قيامته منه إلينا, وفي هذا يقول القديس عزيغوريوس النسينسي(حيث إن طبيعتنا كانت محتاجة أن تنتشل بكاملها من الموت, فكأني به يمد يده نحو الإنسان المنطرح وينحني في سبيل ذلك نحو جثتنا, ويقترب إلي هذه الدرجة من الموت, حتي يتلامس هو نفسه مع الموت, فيمنع مبدأ القيامة لطبيعتنا بواسطة جسده الخاص, حتي يقيم معه الإنسان بكامله بفعل قوته.
وحيث إن جسده البشري الحامل اللاهوت والمرتفع مع اللاهوت بالقيامة لم يكن من عجينة أخري غير عجينتنا فكما يحدث في أي جسم من أجسامنا أن انفعال حاسة واحدة من الجسم ينتشر أثره في الجسم كله المتحد بهذا العضو, هكذا قد حدث للطبيعة كلها بصفتها كائنا واحدا حيا, إن قيامة الواحد منهاأي الجسد الإلهي الذي من نفس عجينتنا انتقلت منه إلي الجميع بسبب اتصال واتحاد الطبيعة كلها حتي امتدت(القيامة) من الواحد إلي المجموع كله.
(العظة التعليمية الكبري 32)
لذلك نتهلل بقيامة مخلصنا الذي هو قيامتنا كلنا ورجاؤنا كلنا وشفاؤنا كلنا ونطلب منه أن يحفظ بلادنا مصر والعالم كله في سلام وشفاء من الوباء الضارب في الأعماق بصلوات صاحب الغبطة قداسة البابا تواضروس الثاني والآباء المطارنة والأساقفة والآباء الكهنة والشمامسة والشعب كله.
آمين