صلي نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس، أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا، قداس عيد الميلاد المجيد، مساء الأربعاء 6 يناير، في كنيسة مار مرقس مونتريال، وهي الكنيسة الأم في الكيبيك ومونتريال. وشارك في خدمة قداس العيد، أبينا الحبيب والغالي أبونا الراهب موسي البراموسي المشرف علي ترينتي سنتير، وأبينا الحبيب والغالي أبونا فيكتور نصر، راعي كنيسة سان مارك مونتريال، بمشاركة عدد محدود من الشمامسة والخدام، من بينهم الشماس مرقس كيرلس، الذي ستتم سيامته كاهنا علي مذبح سان مارك اليوم الجمعة 8 يناير الجاري. وهذا العدد المحدود يأتي احتراما لقواعد الصحة العامة في الكيبيك وكندا في ظل ظروف جائحة كورونا، وحظر التجول الذي سيفرض في الكيبيك بدءا من السبت 9 يناير وحتي 8 فبراير خلال الفترة ما بين الثامنة مساء وحتي الخامسة صباحا.
تحدث الأنبا بولس في عظته بعد قراءة الإنجيل المقدس عن: الله الذي جاء وظهر في الجسد من أجلنا، وكانت نبوءة في أشعياء، الاصحاح التاسع، عدد 6، ” أنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا، وتكون الرياسة علي كتفه، ويدعي اسمه عجيبا، مشيرا، إلها قديرا، أبا أبديا، رئيس سلام”.
وكانت هذه عقيدة في القرون الأولي للمسيحية، في كل عيد يقولون لأنه لأجلنا، يولد لنا ولد، ويعطي أبنا وتكون له الرياسة. موضحا أن كلمة الرياسة، وهي ترجمة ليست دقيقة، فالمعني الدقيق لكلمة Government هي “التدبير”. فهو المدبر القوي لكل المتكلين عليه. الله لما جاء وظهر في الجسد، ليس كأي ملك يأتي لكي يأخذ المجد والسيادة بالقوة، ولكن أتي لنا بالجسد، لكي يدبر حياتنا معه. ولذا يقول أشعياء النبي، ولد لنا، ويكون التدبير علي كتفه، ويكون اسمه عجيبا.
وكلمة عجيب هي كل من ينظر إلي الله، ويتعجب أنه خالق السماء والله، وكل الملائكة ورؤساء الملائكة، والأرض وكل ما عليها، يشهد بعجب للخالق، أن اسمه عجيبا، بل وأيضا حينما أراد ربنا أن يأتي بالجسد، جاء بسر عجيب، كما يقول معلمنا يوحنا ذهبي الفم.
وكما يقول معلمنا بولس الرسول في رسالة تسالونيكي، عجيب هو سر التقوي. الله ظهر في الجسد. لذا كلما اقتربنا من الله، نجد عجبا.
أضاف الأنبا بولس: الأمر الثاني أنه “مشيرا”، منذ البدء، الله منذ خلق آدم، يعلم ويعتني بحياته. وعندما انفصل آدم عن الله، دخل الموت إلي العالم. ولهذا يقول القديس باسيلوس: أنه عندما دخل الموت إلي العالم يا الله العظيم الأبدي، الذي جبل الإنسان علي الخلود، والموت الذي دخل الي العالم بحسب إبليس هدمته.
وهو مدبر لكل الملتجئين إليه، منذ أن بدأ يسوع المسيح والمتجسد. وهذا الإله الذي رتبته علي كتفه، هو “إلها عجبيا”، ومدبرا عجبيا. أيها القدير علي كل شيئ ارحمنا. وأيضا “أبا أبديا”، كلمه “أب” يحبها الله، والتلاميذ عندما يصلون أو يتكلمون معه، يقولون يا “أبانا”. لذا وضع الله الأبوة في العالم، وهو رمز النسل، والقوة، والحنية، والاحتواء. ولذا الكنيسة عندما ترسم كاهنا أو بطريركا أو أسقفا، تسميه الأب الكاهن، أو الأب الأسقف أو البابا البطريرك، والأبوة هي الجهاد والأمان والحنية، “فالواحد أبوه لو قوي”، فالإنسان لا يعول أي شيئ. وأشعياء النبي، يقول أبا أبديا، يعني أبوته لا تتغير أبدا، فهو أب الفقراء والضغفاء والأغنياء والأقوياء والمرضي والأصحاء، فهو أب للجميع، حتي للخطاة الذين يرجعون إليه.
قال الأنبا بولس: وآخر شئ يقوله، علي هذا الولد، الذي ولد، رئيس السلام، ولذا نقول لحن ملك السلام “لحن أبؤرو”، في جميع المناسبات، لأنه هو “سلامنا”. كما يقول بولس الرسول إلي أهل أفسس أن يسوع المسيح أنه “سلامنا”. والسلام لم يعد صفة، وإنما شخص نؤمن به، ولذا نشعر بالسلام. وجاءت الملائكة تسبح بقوة تقول “المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة”. حينما جاء ملك السلام، حل سلام الله علي الأرض، وأصبح هو سلامنا.
وطلب الأنبا بولس في نهاية عظته في قداس عيد الميلاد المجيد من أبينا المحب المدبر السماوي يسوع المسيح، قائلا: علينا أن نقدم قلوبنا كمزود يولد فيه هذا الإله، فهو إلها أبديا وقديرا ملك السلام. بارك يا رب هذا العام، واعطيه مسحة مقدسة لكي يكون عاما ملئ بالآمال والسلام والصحة.
رسالة تهنئة: أبناء السيد المسيح والمجد الأبدي
في سياق متصل: أرسل نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس أسقف إيبارشية أوتوا ومونتريال وشرق كندا، رسالة مصورة للتهنئة بمناسبة عيد الميلاد المجيد باللغات الثلاثة العربية والإنجليزية والفرنسية، لشعب الكنيسة والإيبارشية، قائلا: في هذا العيد تتهلل كل البشرية بميلاد السيد المسيح له المجد. متمنيا لشعب الكنيسة في نيوفوندلاند، وهاليفاكس، ونيوبرونزويك، والكيبيك، و الجزء الشرقي من أونتاريو كل سنة وانتوا طيبين بعيد الميلاد المجيد، ربنا يجعله كله فرحة للجميع. كما يقول معلمنا بولس الرسول في رسالة فيلبي: السيد المسيح الله الظاهر في الجسد له كل المجد، أخلي نفسه، أخذا صورة عبد سائرا، شبه إنسان. ولكن لماذا فعل هذا؟ يقول أثناسيوس الرسول، هو نزل لأرضنا لكي يرفعنا إلي السموات. ببساطة لكي نعيش معه للأبد في السموات. والسيد المسيح، كما يقول معلمنا بولس الرسول، أخلي نفسه من المجد وأخذ طبيعتنا، بسبب محبته الفائقة لنا.
وهناك نوعان من المجد، الأول هو المجد الخارجي الخاص بمحبة المال والكنوز والحياة الشهوانية، وغيرها، والسيد المسيح استبعد هذا المجد. أما النوع الثاني من المجد الذي دعانا إليه السيد المسيح، فهو المجد الأبدي، وهو المحبة، محبة الآخر، فقد جاء السيد المسيح، لكي يحول المجد الخارجي الوقتي والمنتهي، إلي مجد أبدي دائم. وأبناء السيد المسيح عليهم التحلي بالمجد الأبدي. ربنا يكون معاكم ويحافظ عليكم ويعطيكم الصحة.