تتزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا في موجته الثانية في مصر, مثلما تتزايد في العالم كله, وطبقا للتصريحات الرسمية, فإنها مضروبة في عشرة أمثال المعلن, بسبب صعوبة التتبع أو تعثر إجراءات الرصد, وعدم لجوء الحالات الخفيفة والمتوسطة للمشاف وعدم توجه المصابين لإجراء المسحات واعتمادهم علي اتباع البروتوكول المنزلي, فصرنا نسمع كل يوم عن أصدقاء وأقرباء يصابون وعائلات بأكملها تصاب في صمت ولاتعلن ذلك حتي لاتضطر للعزل فالطلبة لن يتمكنوا من الامتناع عن الذهاب للمدارس, والمدرسون ليست لديهم أيام إجازات كافية ليعزلوا أنفسهم 15 يوما كلما اشتبهوا في الإصابة صرنا نسمع يوميا عن مقربين يموتون علي أثر الإصابة بكورونا, فماذا تنتظر الحكومة لتوقف العملية التعليمية في الواقع وتحولها للعالم الافتراضيأون لاين ألم يصدعونا طوال العام الدراسي الماضي عن ضرورة التدريب علي ممارسة الدراسة أون لاين؟
يدفعني ما يجري للمقارنة بين طبيعة التعامل الحكومي وموقف المسئولين من بيانات الأرصاد الجوية التي تعلن احتمال سقوط أمطار غزيرة, فتخرج القرارات سريعة بوقف الدراسة في المدارس والجامعات تحسبا لوقوع الحوادث التي راح ضحيتها العام الماضي20 حالة وفاة, بينما وصلت الوفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا إلي 6.990 من إجمالي إصابات بلغ نحو 123 ألف, وهو ما ينذر بكارثة فلدينا ما يقرب من سبعة آلاف وفاة في أقل من سبعة أشهر, طبقا للإحصائية المنشورة علي موقع الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك لمصر والتي رصدت الوفيات نتيجة الفيروس من شهر مارس الماضي وحتي 17 ديسمبر الجاري, فأيهما أولي بإيقاف الدراسة الأمطار أم كورونا؟.
ما الذي يمكن أن تخسره الحكومة حينما توقف الدراسة في المدارس والجامعات؟ وتدير العملية التعليميةأون لاين أو حتي ترجيء العام الدراسي عدة أشهر؟ التغلب علي فيروس كورونا مسألة أمن قومي, فإذا تفشي الفيروس أكثر مما هو عليه الآن, وصدمتنا الموجة الثالثة, ستكون النتائج كارثية علي الجميع نتائج نحن في غني عنها ولن نستطيع تحمل كلفتها, إذا إنهار النظام الصحي في مصر مثلما حدث في إيطاليا وبريطانيا وغيرها, لسنا أفضل منهم بل أننا نسير منذ الموجة الأولي بالبركة. نعم إنها بركة التكافل الاجتماعي وتطوع المقاتلين من الأطباء والصيادلة والخدام لمساعدة الناس وسمو الشعور الإنساني مقابل إنقاذ حياة الناس, في ظل تقاعس حكومي عن توفير المسحات المجانية ومهمات الوقاية وأماكن العزل والرعاية للطواقم الطبية وكذلك التقاعس عن تكريم شهداء الأطباء وصرف معاشات تناسب التضحيات التي قدموها.
ماذا تنتظر الحكومة بعد أن حققت الحضور في المصالح الحكومة وجعلته تبادليا أي نصف القوة الوظيفية لنصف الوقت؟ والمكاتب الحكومية لايتخطي عدد الموجودين فيها ستة أفراد بينما يتسع الفصل لخمسين وستين طالبا؟ يبدو أن العملية التعليمية أهم من حياة أبنائنا وأن العلم فاق حدوده ليكون عابرا لكل المعوقات بما فيها حماية الصحة وحفظ الحياة, بالرغم من أننا تعلمنا أن الحق في الحياة وصونها يعلو علي كل حق وكل واجب! ألا يكفي ما جري خلال الفترة السابقة؟ يا سيادة رئيس الوزراء يا سيادة الوزير نكتفي بهذا القدر من العلم, انتقل إلي الأون لاين.
يا سادة الالتزام بالإجراءات الاحترازية ومنع التجمعات والتباعد الاجتماعي ومنع الحشود وضرورة ارتداء الكمامات جميعها إجراءات تنهار أمام طول ساعات اليوم الدراسيالمدرسي أو الجامعي ثبت طبقا لدراسة أجرتها اللجنة الاستشارية العلمية الحكومية في بريطانيا أن مدة الحدث لها تأثير كبير علي مخاطر الإصابة, بل وأن عدد الإصابات ينخفض إلي أكثر من النصف كلما قل التجمع إلي أقل من نصف ساعة, فضلا عن ضرورة التواجد في أماكن جيدة التهوية حتي لايتنفس الحضور ما يعرف باسمالهباء الجوي والذي يتراكم فيه الفيروس في حال عدم التهوية, إذا قارننا ما جاء بالدراسة مع حال الفصول والمدرجات وتكدسها, نجدها غير مجهزة ولاتتسع لأي تباعد والناس لايملكون المال لشراء كمامات تفي بالغرض اليومي, والكمامات الرخيصة غير مطابقة للمواصفات, ولا حتي مرتفعة السعر, فتجارة الكمامات صارت سبوبة خالية من الضمير, في معظم إنتاجها, وحتي إذا استبعدنا كل ما سبق ماذا عن لمس الأسطح واستخدام دورات المياه وازدحام دورات الأتوبيس المدرسي, كيف يمكن ضبط كل تلك التفاصيل في ظل توافد ملايين الطلاب يوميا علي المدارس؟
والعجيب أن بعد كل ذلك يخرج علينا المسئولون بتوصيات مفادها ضرورة الالتزام بعدم التجمعات في الاحتفالات والأفراح والعزاءات والأعياد والكريسماس!! ما الفارق بين سرادق عزاء وفصل مدرسي؟ ما الفارق بين قاعة أفراح ومدرج جامعي؟ حقا لا أعلم فهل بيننا من يعلم ليخبرنا سر هذا التناقض؟.