في سلسلة مقالاتي عن الإرهاب تحت عباءة الدين (جماعة الإخوان) نستكمل الاستراتيجيات التي اتخذتها الجماعة لمواكبة المناخ العام للدولة..
ففي منتصف الثمانينيات, كان تأثير الإخوان واضحا في النقابات المهنية. وتعتقد أماني قنديل أن هذا التأثير نتج عن المشاركة الطويلة للإخوان في النقابات, وكذا نتيجة لاستراتيجية الإخوان في استغلال شعار الإسلام هو الحل. وثمة عامل آخر مهم يكمن في التنظيم الفعال للإخوان المسلمين وقدرتهم علي تجنيد أفراد جدد بواسطة أنشطتهم الاجتماعية والثقافية في الانتخابات.
ويمكننا تلمس حقيقة أن قدرة الإخوان علي السيطرة علي النقابات المهنية ـ وخاصة نقابة المهندسين ونقابة الأطباء, كانت نتيجة جزئية للنظام السياسي الذي تنكر لتأثيرات الجماعات السياسية. وأراد الإخوان تسييس النقابات المهنية البارزة. لكي تعزز الدين في الطبقة المتوسطة, وتطور اللغة السياسة وتنشر الأيديولوجية الإسلامية في جيل جديد من القادة.
ولقد أسهم الإخوان في تنامي الوعي بالقضايا الوطنية, وفي تحسين الخدمات الاجتماعية التي تقدمها النقابات لأعضائها وكذا في الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان.
منذ حسن البنا وحتي مجلس الشعب (أثناء حكم الإخوان) في عام 2012 ـ 2013, واستخدم الإخوان المسلمون الانتخابات كجزء من استراتيجيتهم للوصول إلي غاياتهم. واعتبر الإخوان الانتخابات أداة يمكن أن تمكنهم من إقامة الدولة الإسلامية. وفي العقدين الأخيرين من القرن العشرين طورت الحركة استراتيجية جديدة غيرت وضعها كحركة سياسية لا تحظي بالشرعية ومكنتهم من التفاعل مع التطورات السياسية الجديدة في المجتمع المصري, هذه الاستراتيجية تقوم علي التحالف مع أحزاب المعارضة. ففي عام 1984, حاول الإخوان الفوز بمقاعد في مجلس الشعب المصري عن طريق التحالف مع حزب الوفد وفي عام 1987, تحالفت الحركة مع الحزب الاشتراكي واستطاعت الحركة الفوز ببضعة مقاعد ولكن بعد كل الانتخابات ظهرت الحركة كأقلية (أو إحدي الأقليات).
ومع ذلك استمر الإخوان في أسلمة المؤسسات السياسية القائمة لاستخدامها كحلقات في أجندتها السياسية. ويتضح هذا بجلاء في التحالف بين الإخوان وبين الحزب الاشتراكي (العمل). وإذ تمكن الإخوان المسلمون من أسلمة الحزب واستغلال جريدته كصوت لحركة الإخوان المسلمين.
قدم الإخوان خدمات اجتماعية للعديد من المجتمعات المدنية الفقيرة!! واستخدموا المساجد كمستشفيات وكمدارس مسائية, ولتقديم مساعدات اقتصادية وإرشادات. هذا الأسلوب القائم علي توظيف المسجد كمركز خدمي للمجتمع منح مصداقية عظيمة للحركة, كما أن العمل الاجتماعي للحركة في المناطق التي لا توليها الدولة اهتماما, منح الإخوان الفرصة لملء الفجوة وأمد الإخوان بالدعم الجماهيري الواسع, وفي النهاية يمكن القول بأن جماعة الإخوان هي كجماعة سياسية تهدف للاستيلاء علي الحكم وتضع لهذا الهدف كل الوسائل والوسائط, وأسهلها وأقربها لعقلية المصريين هي العباءة الدينية وهي ما يجب أن يراعي في السياسات العامة للدولة المصرية الحديثة التي تحررت من قبضتهم يوم 3 يوليو 2013 وخاصة وقف النشاط السياسي المصبوغ بالدين أو الجنس أو الأصل فهذه هي الخطوة الأولي لتفكك الوطن!!.
ولقد أخذت الدولة المصرية بإرادة شعبها وضع دستور 2014 حددنا هوية الدولة المصرية الحديثة ومن جميع طوائف المجتممع بأن لا للأحزاب الدينية, لا للعمل بالسياسة تحت الهلال أو الصليب أو نجمة داوود, لا لخلط الأوراق بين معتقدات الإنسان وسياسة الدولة, لا للكذب والافتراء والالتواء علي كل المفاهيم المعروفة والمتفق عليها دوليا ومحليا بأن نسمي الشيطان ملاك وأن ندلع عقيدة ما بأنها مجازا تصلح للجميع, ونحن نعيش في أمة تعددت فيها العقائد والمشارب السياسية!!
ولكن دين الدولة هو الإسلام, والشريعة الإسلامية السمحة هي المرجعية للتعامل فيما بين الأفراد ولكن الدولة (دولة), والدين (دين), والسياسة لها قواعدها وأحكامها, والمصالح العليا للوطن المرتبطة بسياساته, لا يجب بأي شكل من الأشكال أن تخضع إلا للمصلحة العليا للوطن في ظل ظروف دولية وإقليمية تتغير بمعدل سريع وتحتاج إلي لاعبين في الحركة السياسية المصرية يتمتعون بالخبرات والقدرات المعاصرة والتي تستطيع أن تضع قدم الدولة في مكانها اللائق بها وسط الأمم, وهذا ما نحن بصدده اليوم وغدا إن شاء الله.