إنَّ مهمة مريم العذراء كأُمّ نحو البشر لا تحجب ولا تنقص البتة من وساطة المسيح الذي قال فيه القديس بولس أنّه الوسيط الوحيد بين الله والبشر ” لإنَّ الله واحد ، والوسيط بين الله والناس واحد ، وهو إنسان ، أي المسيح يسوع الذي جاد بنَفسِهِ فدى لجميع الناس ” (طيموتاوس الاولى ٢ : ٥ – ٦ ). بل بعكس ذلك تظهر قوة تلك الوساطة.
فكل تأثير خلاصي للعذراء في البشر لا يصدر عن ضرورة ما. بل من رغبة في ذلك وعن فيض إستحقاقات المسيح.
إنَّ الله إختار العذراء مريم واصطفاها منذ الازل أُمّاً ليسوع ” … فقد نِلتِ حُظوةً عند الله . فستحمِلينَ وتَلِدينَ ابناً فَسَمِّيه يسوع … ” ( لوقا ١ : ٣٠ – ٣٢ ) .
إشتركت العذراء مريـم إشتراكاً فعلياً إرادياً بكُلِّ مراحل حياة إبنها منذ ولادته حتى آلامه وذبيحته على الصليب، فإنطلاقاً من هذا الإشتراك الفعلي الإيجابي خاصةً في ساعةِ الفداء اذ قبلت بتضحية إبنها من أجل البشر، تُعَلِّم الكنيسة أنها أصبحت وسيطة الخيرات السماوية للمؤمنين.
ولهذا تحث الكنيسة أبناءها اللجوءِ إلى مريم وطلب شفاعتها التي لا ترد.
وبهذا المعنى يقول القديس برنردس: ” إمتلأت مريم نعمةً لنفسها، ثم طفحت خيراتها وهطلت علينا بِنِعَمِها الغزيرة ” .
ويقول القديس مار افرام السرياني : ” إن مريم العذراء شفيعة المستوجبين الهلاك، هي مفتاح اورشليم السماوية وهي المشتركة في تحقيق المقاصد الإلهية الخفية، والمساهمة في فداء البشر وخلاصهم الأبدي ” .